أعلن وزير الصحة العامة جميل جبق جملة خطوات تم تحقيقها أخيرًا في إطار تطوير المستشفيات الحكومية في لبنان وتحصينها وتعزيز حقوق الأطباء في لبنان وتخفيض فاتورة دواء الأمراض المستعصية. واشار خلال افتتاحه مؤتمر الجمعية اللبنانية لأمراض الجهاز الهضمي حول إطلاق “المبادئ التوجيهية لأمراض التهابات الإمعاء المزمنة”، الى ان الطبيب يقضي عمره في علاج الناس، فيما يصبح غير قادر على أن يطبّب نفسه في تقاعده، لذا من حق هذا الطبيب علينا أن نؤمن له تقاعدًا كريمًا يحصل في خلاله على تأمين وضمان صحي مشرّف لا يكون في خلاله مضطرًا لأن يتوسّل ما يحتاج إليه من علاج من الآخرين. وأعلن أنه يعمل في هذا الإطار بالاتفاق مع نقابة الأطباء على مشروع في مجلس النواب يكفل للطبيب أن يكمل ضمانه بعد بلوغه سنّ التقاعد على أن يدفع مبلغًا رمزيًا للضمان الإجتماعي. كما أشار إلى أنه في صدد البحث مع نقابة الأطباء عن سبل لتغذية صندوق تقاعد الأطباء بحيث يحصل الطبيب على راتب تقاعدي مشرف، ومن بين هذه السبل فرض ضريبة على المستوردات الطبية.
وتوقف الوزير جبق أمام حادثة توقيف أحد الأطباء في مطار بيروت الدولي بسبب تشابه أسماء، ما شكل ظلمًا كبيرًا لهذا الطبيب الذي سجن مع مرتكبين بضعة أيام. وقال إنه أبلغ وزير العدل أنه لن يسكت عن هذا التوقيف التعسفي، مشيرًا إلى أنه بصدد التنسيق مع النقابة لتطبيق القانون الموجود بحيث لا يتم توقيف طبيب إلا بعد اتخاذ إذن النقابة وإذن وزير الصحة. وقال إنه بناء على الجهود التي تم بذلها تم إطلاق سراح الطبيب في وقت سابق اليوم.
وتطرق وزير الصحة العامة إلى التطور الحاصل في الأوضاع المالية للمستشفيات الحكومية وفاتورة الدواء في لبنان في ظل التقشف المالي الحاصل. وطمأن وزير الصحة العامة أن يوم الإثنين سيبدأ تحويل أموال إلى المستشفيات الحكومية، على أن تحول بعدها أموال الأطباء. وقال إن وزارة الصحة كانت قد أحالت على وزارة المالية جداول تسعة أشهر من العام 2018، كما أحالت الوزارة أخيرًا الجزء الثاني المتبقي إلى وزارة المالية. وقد أنجزت الجزء الكبير من الملفات الموجودة في السنة المالية كي يتم دفعها للمستشفيات الحكومية والأطباء. ولفت إلى أنه من دون دفع هذا المال، لن تتمكن المستشفيات الحكومية من الإستمرار في مهامها، كما الأطباء ولا سيما منهم العاملين في المناطق البعيدة عن العاصمة.
وتناول الوزير جبق المشكلة الحاصلة في مستشفى صيدا الحكومي. وقال إننا حاولنا حلها بطريقة هادئة، إلا أن المضربين قابلوا ذلك بتعنت ربما تعود أسبابه لدواع واتجاهات ونصالح سياسية لدى البعض في المستشفى في ظل اصرارهم على تغيير مجلس الإدارة وكأنه يكفي أن يكتب وزير الصحة العامة على ورقة أسماء أعضاء المجلس الجديد ليتم تعيينهم. أضاف جبق أنه من المعروف أنه كان يتم تعيين مجالس الإدارة في المستشفيات الحكومية بقرار سياسي، أما الآن فلدينا مشروع يتم عرضه على مجلس الوزراء من أجل تعيين مجالس الإدارة هذه من خلال مجلس الخدمة المدنية وندفع في هذا الاتجاه بقوة . فعندما يتم التعيين في السياسة لا يمكن محاسبة من يرتكب الأخطاء، فيما لا غطاء فوق أحد إذا ما تم التعيين من خلال مجلس الخدمة المدنية.
وأعلن وزير الصحة العامة فأنه من أصل ثلاثة وثلاثين ( 33 ) مستشفى حكوميًا، يحتاج ثمانية وعشرون (28) إلى مجالس إدارة جديدة. وفي حال موافقة مجلس الوزراء، سنطلب في خلال شهر من مجلس الخدمة المدنية وضع المواصفات لإجراء مباراة لتعيين ثمانية وعشرين (28) مجلس إدارة في لبنان.
وأكد الوزير جبق المضي قدمًا في تجهيز المستشفيات الحكومية إستنادًا إلى القرض الميسّر بفائدة واحد في المئة المقدم من البنك الدولي. وأشار إلى وجود تصور كامل لديه حول حاجة هذه المستشفيات نتيجة الجولات الميدانية التي قام بها والتي لم تكن بروباغندا أو جولات شكلية فحسب. وبالتالي أكد أنه في صدد تطوير المستشفيات الحكومية في لبنان كي تتابع عملها بما يتوافق مع متطلبات الشعب اللبناني.
وبالنسبة إلى فاتورة الدواء، أعلن عن تخفيف هذه الفاتورة بالنسبة إلى أدوية الأمراض المستعصية ما بين 40% و70% بالاتفاق مع الشركات المستوردة في لبنان، وبالتالي لا يعود من داع لاتفاقات دولية جديدة مع فرنسا أو بريطانيا لأننا حققنا ما نريد تحقيقه حيث تشير التوقعات إلى أن التوفير في فاتورة أدوية الأمراض المستعصية سيبلغ حتى نهاية السنة حوالى ستين ( 60) مليون دولار أي تسعين (90) مليار ليرة لبنانية. وقد تحقق هذا في أقل من سنة، مما يعني أنه سيكون قادرًا على تقليص فاتورة الدواء بما يقدر بمئة (100) مليار ليرة لبنانية. وأدرف الوزير جبق أن تقليص هذه الفاتورة سيؤدي إلى تأمين الدواء لكل الشعب اللبناني مع بعض الإستثناءات لمرضى الضمان والتعاونية، علمًا أننا نشكل لجنة مشتركة مع الضمان والتعاونية لتوحيد الرؤيا بالأدوية التي نستعملها في لبنان، فلا نعود نسمع بعد ذلك أن التعاون والضمان لا يوافقان على أدوية محددة، بل تتم الموافقة من قبل كل الجهات على الأدوية التي توافق عليها وزارة الصحة.
وتوقف الوزير جبق أمام تداول القضايا الطبية في وسائل التواصل الإجتماعي، وقال: كلما طرأ أمر ما يتم تناقل معلومات خاطئة، مشيرًا إلى أنه تلقى بالأمس أكثر من خمسين رسالة حول مريض يحتاج إلى زراعة قلب. ولفت إلى أن الناس يعتقدون أن هذا القلب موجود في وزارة الصحة العامة، فيما الواقع غير ذلك تمامًا وهو شديد التعقيد خصوصا بالنسبة إلى زراعة القلب. وأوضح د. جبق أنه في الولايات المتحدة الأميركية وفي أوروبا يوضع المريض على لائحة انتظار لمدة أكثر من ستة أشهر ريثما يتم إيجاد شخص مطابق مع ظروفه الصحية. ولكن الكثيرين لا يعرفون هذه التفاصيل وما يهمهم هو أن يكتبوا على السوشيال ميديا.
بدوره، أشار النقيب البروفسور أبو شرف إلى أزمة كبيرة في نقابة الأطباء التي تتآكلها المشاكل الإدارية والمالية والقانونية ناهيك عن مشاكل الآداب الطبية. وقال إنه عمل خلال فترة ولايته السابقة التي امتدت بين العامين 2010-2013 على تحقيق إنجازات نوعية سيسعى إلى إكمالها بما توفر من إمكانات بعيدًا عن التجاذبات السياسية. أضاف أنه ليس علينا سوى السهر على احترام القوانين وتطبيقها لبلسمة جراح كرامة نقابتنا النازف وإعادة الروح التي فقدتها في الآونة الأخيرة ما حمل الكثيرين من الزملاء على التشاؤم والإحباط.
يذكر ان المؤتمر إنعقد في بيت الطبيب في حضور نقيب الأطباء في بيروت البروفسور شرف أبو شرف، النقيب السابق ريمون صايغ، رئيس الجمعية اللبنانية لأطباء الجهاز الهضمي د. أنطوان أبو راشد، مدير مكتب وزير الصحة العامة د. حسن عمار ومدير المكتب الاعلامي المستشار د. محمد عياد وممثلون عن المؤسسات الأمنية والمدنية الضامنة وعدد من الأطباء.