د. سامر ماهر عبدالله – ليبانون تايمز
يحاول الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحييد سلاح المقاومة من تصريحاته العلنية حاصرا خطته الانقاذية بالأمور السياسية والاقتصادية والمالية اللبنانية البحتة .
ومن الواضح أن سبب تحييد ماكرون لسلاح حزب الله وإصراره على اعتبار هذا الحزب جزءا من المكونات السياسية للشعب اللبناني هو نوع من الواقعية التي يعتقد ماكرون أنها يجب أن تتوافر في أي مبادرة جدية تمكنه من العمل في الساحة اللبنانية .
قد يبدو ملفتا، في ظل التصعيد الاميركي الدائم ضد سلاح المقاومة، وفي ظل التطور اللافت الأخير في الموقف الألماني السلبي من حزب الله، أن يدخل الفرنسي إلى الساحة اللبنانية متحليا بإيجابية تجاه الموضوع المحوري في لبنان، والذي استقر الغرب – للأسف على التعاطي معه بسلبية تامة، مما أدى إلى تشجيع قوى من ١٤ آذار على التمادي في ربط أي مستقبل للبنان بنزع سلاح المقاومة .
قد يبدو مبررا أن نجد الفرنسي في لبنان حاملا مبادرة جدية منعا لانهيار الدولة اللبنانية التام خاصة بعد المؤشرات الاقتصادية شديدة السلبية وفي ظل عجز الصيغة السياسية الراهنة عن انتاج مؤسسة قرار قادرة على ادارة البلد، ولكن يحق لنا التساؤل عن مضمون العناوين الاقليمية والدولية التي تقف خلف هذه المبادرة؟
يصعب تصور الدخول الفرنسي الى لبنان كعمل مستقل -بشكل تام – عن السياسة الغربية التي تنحاز دائما إلى مصلحة اسرائيل وإن كانت غير مشروعة .
ولا شك أن السياسة الاميركية – وخاصة في منطقتنا تتأثر حاليا باستحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبل، وأصبح مسلما به أن ترامب في حال فاز في الانتخابات سيغير من سياسته تجاه ايران نحو الحوار بدلا من سياسة المواجهة التي أثبتت فشلها .
فالرئيس الفرنسي هو صاحب القول أن سياسة العقوبات سواء ضد ايران و ضد حزب الله لم تحقق أي نتائج في الواقع، وأنه من الضروري العودة الى محاورة ايران وخاصة بالنسبة للملف النووي .
لذا، أرى أن الدخول الفرنسي إلى لبنان يأتي بضوء أخضر أميركي وهو مقدمة لعودة لغة الحوار الى الملفات الغربية الشائكة مع إيران في المنطقة ومحاولة الحفاظ على استقرار المنطقة منعا لانفجارها قبل استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية .
كما أنه ولمعرفة فرص نجاح المبادرة الفرنسية يجب متابعة السلوك الأميركي في المنطقة ككل في الأشهر المقبلة، فإن كان التقييم الأميركي للوضع العراقي والوضع السوري والوضع اللبناني مريحا يمكن حينها القول أن المبادرة الفرنسية ستستمر دون اطلاق نار اقليمي ودولي عليها .
الشق الاقليمي في المبادرة الفرنسية يبدو أنه يلقى إيجابية وتشجيع إيرانيين انطلاقا من الموقف الأوروبي الأخير ضد العقوبات الدولية على إيران وهذا من شأنه أن يعزز فرص النجاح في المبادرة الفرنسية، ويجعلها قادرة على مواجهة أغلب المطبات الداخلية .
إذا، المبادرة الفرنسية تتمتع بمقومات النجاح ولكنها مقدمة في مسار طويل دونه صعوبات ولا يكفي تعاطيها بإيجابية مع سلاح المقاومة، وإنما يجب أن تحمل عناوين لحل مسألة النازحين ولمنع التوطين وللتأسيس لبلد فيه حكم عادل بكل معنى الكلمة .