خلود شحادة – ليبانون تايمز
إنّ أسمى ما تقدمه “الصحافة والاعلام” كرسالة هو نقل المظلومية التي تعاني منها جماعة ما، وتسليط الضوء على القضايا العظيمة التي قد تكون سبباً في رسم التاريخ.
وقد تميّزت واقعة عاشوراء بنجاح إعلامي لا نظير له، فلم تلقَ نهضة إصلاحية وواقعة مأساوية من الاهتمام الإعلامي مثلما لاقته نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة عاشوراء، فأيّ قضية تذكر بعد ١٤٠٠ سنة بهذا الزخم وفي أرجاء المعمورة، وتنتقل من جيل الى جيل ليس فقط عبر ذكر الحادثة بل إحيائها والتعامل مع القضية كأنها حديثة العهد.
رغم أنه في أسس الكتابة الصحافية، آنيّة الخبر هي التي تجعل منه صالحاً للنشر، إلّا أن الملحمة البطولية التي جرت في كربلاء، تعدّت فكرة الآنيّة وخاصيتها كقضية دينية، حتى أصبحت مصدر الهام لكل المظلومين في العالم، ودليلاً واقعياً على أنه يمكن للمظلوم أن ينتصر ولو كان مصيره الموت، فتكرّس مبدأ انتصار الدم على السيف. ولكن كيف حازت على هذا الزخم الاعلامي رغم غياب الوسائل الاعلامية آنذاك؟
عرفت المجتمعات الوسائل الاعلامية التقليدية “الصحف، الاذاعة، والتلفزيون”، إلّا أنّ كربلاء تفرّدت في حفظ هذه الحادثة ونشرها عبر السيدة زينب عليها السلام، رغم كل التضليل الذيي واجهته هذه الملحمة.
إن نجاح الرسالة الاعلامية مشترط بتوافر عوامل محددة، وهذه العوامل قد تجلّت بوضوح في الدور الإعلامي للعقيلة زينب(ع) في واقعة عاشوراء، ممّا أنتج هذا النجاح الباهر والمميّز على صعيد الإعلام والتبليغ لمبادئ النهضة الحسينية في عاشوراء.
ومن هذه العوامل التي اتسمت بها الرسالة الاعلامية للسيدة زينب عليها السلام، “قوة ومتانة محتواها، ومدى إيفائها بحاجات الجماهير الفكرية والعاطفية والاجتماعية والمادية”، حيث أنها استطاعت رسم خارطة طريق للجهاد في وجه الظلم، بالاضافة الى “العقيدة الايمانية”.
إنّ شخصيّة العقيلة زينب(ع) كان لها التأثير البارز في نجاح الدور الإعلامي لواقعة عاشوراء، فقد اتسمت شخصيتها بالثقة بنفسها وبرسالتها، ثقة الجماهير بالمصدر القائم بالاتصال الإعلامي، ومقدرتها على الإقناع وجذب الانتباه، خاصة انها استخدمت أهم وسيلة إعلامية، أَلا وهي “الاتصال الجماهيري من خلال خطبتها الشهيرة أمام يزيد قائلة له “والله لن بتمحو ذكرنا”، وحاججت يزيد بصلابة وببلاغة وإيمان بالقضية التي تحملها”.
استطاعت السيدة زينب عبر هذه الخطبة، قلب الرأي العام القائم آنذاك المؤيد ليزيد، فحينها ضجّ مجلس يزيد بالبكاء، ونظر رجل ليزيد قائلاً: “قبح الله وجهك يا يزيد كيف تقتل سبط النبي”.
اذاً، السيدة زينب (ع) هي التي انيط لها حفظ ثورة الحسين (ع) من الضياع وهي التي أوصلت صوت الحسين الى الناس، وحفظت الامامة والرسالة الاعلامية، التي حملها المؤرّخون، وكانت وسيلة نشرها المجالس العاشورائية التي تُتلى فيها السيرة الحسينية، والتي يواظب على إحيائها شيعة أهل البيت كل عام في نفس التاريخ الذي استشهد فيه الحسين وآل بيته وصحبه قبل ١٤٠٠ سنة، لتكون السيدة زينب هي الاعلامية الأولى في تاريخ الاسلام.