فرح شمص – ليبانون تايمز
نشرت صحيفة “Philosophy Now” مقالة بعنوان “I hate you my lovely france” تتحدث فيه عن الفيلسوف الفرنسي سارتر الذي وقف إلى جانب فرنسا ضد النازية في الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما تحول إلى أشد المنتقدين لسياسة بلده لإستعمارها للجزائر والكاميرون والهند الصينية.
وتقول الصحيفة بمقالها، أن في الإفتتاحية الأولى لمجلة “Les Temps Modernes” في عام 1945، أعلن كل من سارتر وعالم الظواهر موريس بونتي أن أبناء المقاومة الفرنسية الذين قاتلوا لتحرير فرنسا في الحرب العالمية الثانية، والذين كانوا حينها في الهند الصينية، كانوا مثل الجنود الألمان: يقاتلون لأجل الفاشية. وبالنسبة له كانت باريس تحمل رمزا للحرية، ولكن بعد اسبوع واحد فقط من وفاة هتلر، أرسلت باريس المدينة نفسها قوات لإرتكاب مجزرة دموية في مدينة “سطيف” الجزائرية، وذبح الآلاف من الجزائريين. وفي السنوات اللاحقة، استمرت فرنسا بقمعها وإجرامها وكثيرا ما حكمت بالإعدام على أفراد في المحاكم العسكرية.
الوجهان المتناقضان لباريس: مدينة الجمال والرومانسية والجماجم البشرية:
في 20 حزيران عام 1937، انشأ عالم الأنساب الفرنسي بول ريفت “متحف الإنسان” في مدينة باريس، وأخذ دعم مباشر من الحكومة الفرنسية أنذاك، لكونه يعد إمتدادا لمتحف علم الأعراق في تروكاديرو الذي انشأ عام 1878. وكان الهدف من بناء “متحف الإنسان” هو دراسة علم الإنسان أو الأنثروبولوجية، وعلم الأعراق، وعلم الآثار، وعلوم طبيعية وهياكل العظيمة من خلال تجميع كل ما يتعلق بالإنسان.
ويضم “متحف الإنسان” آلاف الجماجم من ثوار جزائريين وعرب في المستعمرات الفرنسية، التي تصل إلى 18 ألف جمجمة. ومن خلال بعثات التنقيب تم التعرف على هوية 500 شخص ومن بينهم 36 قائد وثائر من قادة المقاومة الجزائرية ضد الإحتلال الفرنسي، ومن بينهم بو عمر لن قديدة، عيسى الحمادي، الشيخ بوزيان.
بعد 170 سنة من إستشهادهم، الجزائر تستعيد من فرنسا رفات 24 من قادة المقاومة ضد الإستعمار:
كان المؤرخ وعالم الأنثروبولجيا الجزائري “علي فريد بلقاضي” أول من تكلم عن قضية الجماجم في عام 2011 بعد ما اكتشفها صدفة في بحثه العلمي للتاريخ الطبيعي بباريس في أرشيف المتحف الوطني والتي تلتها جهود الأستاذ الجزائري في جامعة “سيرجي بونتوار” الفرنسية “إبراهيم سنوجي” التي تمكن من جمع قرابة 30 ألف توقيع لإسترجاع بلاده لهذه الجماجم.
فمع تشكيل حملات ضغط من السلطات الجزائرية ومنظمات حقوقية لإسترجاع الجماجم وفق العرائض الموقعة من آلاف الحقوقيين والسياسيين والتي وجهت للسلطات الفرنسية، نجحت الجزائر بإسترجاع رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية التي كانت معروضة في المتحف وذلك جاء في ذكرة 58 لإستقلال الجزائر في 5 تموز الذي كان يوم إستقلال فعلي. ونظمت مراسم رسمية لدفن القادة والثوار الجزائريين الذين سقطوا في بداية القرن التاسع عشر، في مقبرة العالية الضخمة، بحضور رئيس عبد المجيد تبون.