محمد علوش – النشرة
في منتصف تموز الجاري، أعاد مجلس الوزراء “الأمل” للمتقدمين الى دورة خفراء الجمارك التي أجريت عام 2014، بعد أن أقرّ تعيين 853 خفيرا،بمراعاة مبدأالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهو الأمر الذي كان يعطّل صدور نتائج هذه الدورة طيلة السنوات الماضية. ولكن عند التطبيق تبيّن أنّ “الأمل” منقوص، اذ استمرت التجاذبات حول هذه الدورة، ولم تصدر بعد أسماء الناجحين للالتحاق بوظيفتهم.
6 سنوات انتظار هي مدّة طويلة جدا، تغيّرت فيها ظروف حياة المتقدّمين للوظيفة، فمنهم من هاجر ومنهم من تزوج وسقط حقّه بالالتحاق، ومنهم الكثير ممّن لا يزالون منتظرين “الفرج” الذي كلّما لاحت قدماه، اختفى وجهه، فما هي المشاكل التي تُعيق صدور نتائج هذه الدورة “التاريخية”؟.
كان الخلاف في السابق بسيطا، بين رئيس المجلس الأعلى للجمارك أسعد الطفيلي، الذي يطالب باعتماد نتائج الامتحانات لإعلان أسماء الناجحين، ما يعني وصول 70 بالمئة من الناجحين من المسلمين، و30 بالمئة من المسيحيين، الأمر الذي يرفضه مدير عام الجمارك بدري ضاهر، والعضو المسيحي في المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، التي وإن كانت ممثّلة للقوّات اللبنانية إلا أنها في هذا الملف تبنّت موقف رئيس الجمهورية ميشال عون.
وفي هذا السياق تشير مصادر مطّلعة الى أنه كان يُفترض بقرار مجلس الوزراء أن يُطبّق وتنتهي المسألة الأسبوع الماضي، ولكن بعد اعتماد المناصفة برزت مشكلة جديدة تُعيق صدور الأسماء، وهي التوزيع ضمن الطوائف، والتقسيم على المذاهب، إذ شكّل قرار الحكومة الداعي لأن يراعي التوزيع المذهبي، أيضًا على المذاهب في مجلس النواب، أزمة إضافية اذ فتح الباب واسعا أمام التدخل بالأسماء، والإبتعاد أكثر عن منطق “المباراة” ونتائجها، فأصبحت العلامات مجرد رقم لا يُقدّم ولا يؤخّر، وتعرقلت الدورة مجددا، ولكن ليس لهذا السبب فقط.
إن هذا الأمر خلق أزمة بكيفية تحديد الأسماء، وعادت الخلافات الى المجلس الأعلى للجمارك مجدّدا، خصوصا أنه كما بات معلوما فإن قرارات هذا المجلس يجب أن تصدر بالإجماع، عن الاعضاء الثلاثة، أسعد الطفيلي، هاني الحجار، وغراسيا قزي.
وتكشف المصادر أن قرار مجلس الوزراء الابتعاد عن النتائج والتوجّه نحو المناصفة، والتوزيع النسبي بين المذاهب، جعل التدخّلات تعود الى الواجهة مجدّدا، من قبل تيارات سياسية وازنة، مشيرة الى وجود لوائح قُدّمت تحمل عددا من المطلوب إعلان نجاحهم، وهي تعود لأحزاب، أبرزها أحد التيارات المعارضة، وهناك من يعمل من داخل المجلس الأعلى للجمارك لفرض هذه الطلبات، والتلويح بعدم التوقيع بحال رُفضت، وهذا ما أدى مجددا لتجميد الملفّ، الأمر الذي رفعه وزير المال غازي وزنة الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنه.
وتلفت المصادر النظر الى أن القانون اللبناني لا يعترف بالوظائف العامّة، ما عدا الفئة الأولى، بما يسمّى “مراعاة الوفاق الوطني”، ما يجعل نتائج هذه الدورة اذا ما صدرت قابلة للطعن، مشدّدة على أن قرار الحكومة الذي اعتُبر حلّا لأزمة، قد يكون مدخلا لأزمات أكبر، وبالتالي ما على المنتظرين الّا رفع الصوت والمطالبة بحقوقهم وعدم الرضوخ للوعود.
غريب أمر هذه الدولة، فمع تطور دول العالم، نعود الى الوراء، ونخلق من كل تفصيل أزمة، ومن كل أزمة مصيبة، حتى باتت الدولة اللبنانيّة “كارثة” على رأس الشعب اللبناني.