نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أشارت فيه إلى أن “قانون قيصر” قد يدمر الاقتصاد السوري المنهار، وهو استراتيجية أميركية قد تزيد من مشاكل البلاد والمنطقة بشكل عام.
وأشارت الصحيفة في تقرير، إلى خسارة العملة السورية 70 بالمئة من قيمتها، فيما يعاني أكثر من نصف السكان نقصا في المواد الغذائية وتتراجع الآمال في إعادة بناء البلاد.
ولفتت إلى أن سوريا، غير قادرة على مواجهة صدمة جديدة، لكن العقوبات الأميركية التي ستسري الأسبوع المقبل، قد تترك أثرها المدمر على الاقتصاد المترنح.
ولفتت إلى أن القانون تعبير عن محاولة لسحق طرفين رئيسين داعمين للنظام السوري وهما حزب الله وإيران.
وأضافت أن الحد من نشاطات إيران يعد الهم الرئيسي لصقور إدارة ترامب، قبيل أشهر من الانتخابات الأمريكية الرئاسية، يعتقدون بنجاعة استراتيجية أقصى ضغط، التي تفرضها أمريكا على إيران، وتؤثر تحديدا على شبكات التأثير التابعة لها بالمنطقة وبالتحديد حزب الله الذي يلعب دورا مهما في الحكومة اللبنانية.
واستدركت أن الاستراتيجية الأميركية أدت إلى سلسلة من الأزمات بالمنطقة، حيث يواجه لبنان حالة من الانفجار الاقتصادي، واضطرابات مدنية، أما العراق فيعيش ظروفا اقتصادية صعبة بسبب قلة الموارد المالية الناجمة عن انخفاض أسعار الطاقة.
ونقلت الصحيفة تصريحات لوزير لبناني، أشار فيها إلى أن الأميركيين “نسوا في تعجلهم للإطاحة ببشار وخامنئي، أصدقاءهم، وجعلهم الهوس الأيديولوجي غير مبالين لمعاناة الناس الحقيقيين”.
ولفتت إلى أنه بدء من 17 حزيران/ يونيو، فستكون أي مؤسسة تجارية أو رجال أعمال عرضة لحظر السفر لو كشف تعاملهم مع حكومة النظام السوري، وقد يواجهون إمكانية الاعتقال.
ونقلت عن المحامي البريطاني إبراهيم العلبي، الذي أنشأ البرنامج السوري للتطوير القانوني، أن استخدام انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في سوريا كوسيلة، سيساعد الولايات المتحدة على تقوية أوراق السلطة القانونية لقانون قيصر. و”بدلا من استهداف إيران وحزب الله بناء على أرضية سياسية فسيتم استهدافهما على أرضية دعم انتهاكات حقوق إنسان غير مسبوقة في سوريا”.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه بالوقت الذي انهار فيه الاقتصاد السوري، وكذا انهار الاقتصاد اللبناني، وتراجعت قيمة العملة في كلا البلدين، ولم يعد بقدرة السكان الحصول على المواد الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار، شهدت معاقل النظام القوية في اللاذقية والسويداء تظاهرات احتجاجا على تردي الظروف الاقتصادية.
وأضافت أن تداعيات قانون قيصر، بدأت في لبنان حيث تقيم المؤسسات المالية علاقات جيدة مع مسؤولين سوريين، وقال مصرفي لبناني “هذه كارثة على الحكومة اللبنانية، قد ينتج عنها عقوبات على المصارف والتجار اللبنانيين”.
وأوضحت الصحيفة، أن انهيار العملة اللبنانية كانت نتيجة لقرب تطبيق قانون قيصر، وستؤدي الأزمة المالية في بيروت إلى تدهور سريع للاقتصاد السوري.
ودعا التوازي في الأزمة الاقتصادية بين البلدين مسؤولين أميركيين للقول إنهما مترابطان، ولهذا فهناك حاجة لتبني نفس النهج ضدهما.
وأشارت الصحيفة لتصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، إلى أن خسارة العملة السورية قيمتها، جاء بسبب التحركات الأمريكية.
وقال جيفري: “يثبت انهيار العملة السورية أن روسيا وإيران لا تستطيعان الحفاظ على نظام الأسد الذي لم يعد قادرا على إدارة سياسة اقتصادية فاعلة أو تبييض الأموال في المصارف اللبنانية”.
ونقلت الصحيفة عن المواطن فؤاد شبانة من مدينة تدمر: “المسألة ليست في توفر المواد”، ولكن “لا أحد يمكنه شراء أي شيء، فكل راتبي الشهري يوفر لي كيلو لحم، وأحصل على ما يقابل 14 دولارا”.
وتقول إلزابيث تسكورف من معهد أبحاث السياسة الخارجية: “ترتفع أسعار المواد في سوريا بما فيها المنتج محليا مع مستوى سعر الفائدة، كما أن التضخم يتسارع بدرجة تكون فيه أسعار البضاعة أقل في الصباح منها في المساء”.
وأشارت تسكورف، إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 50 بالمئة، وهو ما يضع سوريا في نادي الدول التي عانت من تضخم مفرط.
من جهته قال جوليان بارنز- ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن “الأسد هو العامل الأول في الدمار الذي تشهده سوريا، لكن الموقف الأمريكي قائم الآن على سياسة لعبة الأمم، وضرورة منع روسيا وإيران الفوز في الحرب.
وتابع: “ما أخشاه أن يقود قانون قيصر إلى عكس الأهداف التي شرع من أجلها، أي تغذية النزاعات السيئة للنظام، فالهدف الأميركي المعلن من سياسة الضغط الأقصى هو تركيع النظام، لكنه يعرف كيف يتمسك بالسلطة، وكذلك من يدعمونه”.