لفت مصدر نيابي بارز، في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط”، إلى “أنّه يجهل الدوافع الّتي أملَت على رئيس الحكومة حسان دياب أن يُقحم نفسه في خلاف مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الّذي يصنَّف بين الأوائل الداعمين للحكومة، وكان له الفضل في تأمين النصاب للتصويت على نيلها الثقة”.
وأشار إلى أنّ “بري تدخّل لدى النواب في مستهل الجلسة التشريعية الأولى وأقنعهم بحذف تلاوة الأوراق الواردة، حرصًا منه على تحييدها عن تبادل السجالات بين الموالين والمعارضين”. ورأى أنّ “دياب لم يكن مضطرًّا للتوجّه إلى بري فور رفعه الجلسة لعدم توافر النصاب بهذه اللهجة غير المألوفة في تعاطي السلطة الإجرائيّة مع السلطة التشريعيّة، لجهة طلبه عقد جلسة مسائيّة لإقرار مشروع قانون معجّل بفتح اعتماد بقيمة 1200 مليار ليرة لمساعدة الصناعيين والمزارعين وتأمين شبكات الأمان”.
وأوضح المصدر النيابي أنّ “ردّ بري على دياب كان في محّله، باعتبار أنّ أحدًا لا يفرض شيئًا على النواب”، متسائلًا: “ما الجدوى من التغريدة الشعبويّة لنائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر الّتي أملت فيها أن يدحضوا مقولة: لا حقوق للناس دون الزعماء؟ ومع أنّ عكر حاولت تلطيف موقفها لجهة تمريرها رسالة بالواسطة بأنّها لم تقصد بري، وأتاها الجواب بأنّه لا يُسمح بالتعرض للنواب بهذا الأسلوب”.
وسأل “لماذا تجاهل دياب لإقرار النواب 5 مشاريع قوانين بصفة المعجّل المكرّر، مع أنّ بري أحالها فورًا على الهيئة العامة من دون أن يحيلها على اللجان النيابية؟”، مركّزًا على أنّ “مشكلة دياب تكمن في أنّه لم يتعرّف حتّى الساعة على بري كرئيس للبرلمان وكشخص في آن معًا”. كما سأل: “لماذا امتنع دياب عن لقاء بري والتنسيق معه قبل انعقاد الجلسة، مع أنّ رؤساء الحكومات السابقين اعتادوا على التشاور، وهل مثل هذه اللقاءات التشاوريّة تشكّل من وجهة نظره خرقًا لمبدأ الفصل بين السلطات؟”.
وأكّد أنّ “تطيير النصاب يجب ألّا يؤدّي إلى اشتباك سياسي بين دياب وبري، الّذي يحرص أكثر من بعض المشاركين في الحكومة على توفير الدعم لها”، مبيّنًأ أنّ “بري هو الأقدر على تجاوز المشكلة، خصوصًا أنّه سبق له وطلب من نوابه عدم الرد على ما قيل في السابق بأنّ دياب لن يزور عين التينة، وقد سبق له وزار بري مرّات عدّة وبات على الأخير أن يردّ له الزيارة”.
كما عزا المصدر طلب بري من نوابه، إلى أنّه “لا يودّ الدخول في سجالات، وأنّ هناك ضرورة لتوحيد الجهود لمواجهة انتشار وباء فيروس “كورونا”، مشدّدًا على أنّ “بري لن ينجر لخوض معارك جانبيّة، وأنّه كان على حقّ بدعوته إلى تشكيل حكومة سياسيّة مطعّمة بوزراء تكنوقراط لمواجهة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة، وهذا قبل انتشار وباء “كورونا”، فكيف هو الوضع الآن بعد انتشاره؟”. ولفت إلى أنّ “المشكلة تعود بالأساس إلى تشكيل حكومة من مستشارين وأخصائيين ليس لديهم إلمام باللعبة السياسيّة”.
وذكر أنّ “المسؤوليّة تقع على عاتق دياب لجهة مبادرته إلى إعادة النظر في تعاطيه مع السلطة التشريعيّة، إلّا إذا كان هناك من المستشارين من يروّج لمقولة: الخلاف معها يلقى تأييدًا من “الحراك الشعبي”، متسائلًا عن “دور رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ومعه عدد من الوزراء والمستشارين الّذين يقومون بحملات التحريض”، مؤكّدًا في الوقت نفسه أنّ “اتهام باسيل ليس من باب التحامل عليه، وهناك من المعطيات ما يدعم الاتهام”.
إلى ذلك، رأى المصدر أنّ “بري لا يزال يدعم الحكومة، لكن هذا لن يمنعه من مصارحتها في حال أوقعت نفسها في أخطاء”، مركّزً على أنّها “لا تزال تتخبّط وهي تعكف حاليًّا على إعداد ورقة الإنقاذ المالي”، مشيرًا إلى أنّ “تصحيح العلاقة بين الحكومة والبرلمان يقع على عاتق دياب الّذي لم يكن مضطرًا لخوض معركة مجانيّة، إلّا إذا كانت مطلوبة بالنيابة عن الآخرين”.