عبير شمص- خاص ليبانون تايمز
تفتقر منطقة كالبقاع وبالتحديد كبعلبك الهرمل في أيام السلم إذا صح التعبير لأدنى متطلبات الاستشفاء، وتعتبر غير مؤهلة لمواجهة الكوارث والتحديات الكبيرة، فكيف سيكون الحال إذا كان التحدي عبارة عن وباء عالمي كالكورونا؟
بارقة أمل بدت مع خطوة وزارة الصحة بالعمل على تجهيز المستشفيات الحكومية في كل قضاء، فكان العمل على تجهيز مستشفى بعلبك الحكومي، والهرمل الحكومي، كما كانت مبادرة فردية من مستشفى دار الأمل الجامعي لتجهيز مبنى لمرضى الكورونا.
ويقول عن مبادرة مستشفى دار الأمل الجامعي هذه المدير الطبي للمستشفى الدكتور يوسف بدرة في حديث لليبانون تايمز أنه منذ بداية الأزمة ارتأت المستشفى برئاسة د. ركان علام أن تتخذ خطوة استراتيجية لمكافحة هذا الوباء وخدمة أهل المنطقة، فاتخذ القرار بتخصيص بناء كامل كان مجهزاً في السابق للعيادات الخارجية وقسم التجميل ومدرسة التمريض التابعة للمستشفى.
يؤكد د.بدرة أن هذا العمل هو مبادرة شخصية وفردية قامت بها مستشفى دار الأمل الجامعي دون مساعدة أو ايعاز أو توجيه من أحد، وبدأ وضع الخطة منذ انتشار الفيروس في العالم، وعند وصول أول إصابة إلى لبنان بدأ التطبيق الفعلي للخطة ولكن بهدوء وصمت من أجل تأمين المستلزمات وعلى رأسها جهاز PCR حيث واجهنا عوائق لا سيما في ظل إقفال المطار، واليوم تم تخطي كل هذه العقبات والجهاز أصبح متوفراً.
ويشير بدرة إلى أهمية هذا البناء من حيث مواصفاته، معتبراً أن ما يميزه عن بقية المستشفيات والمراكز الصحية أنه بناء منفصل بشكل كامل عن البناء الأساسي، وبالتالي ذلك سيحول دون اختلاط مرضى كورونا بمرضى المستشفى، ولن يكون هناك خوف من انتقال عدوى، وهذا غير متوفر في المستشفيات الأخرى المضطرة لتخصيص طابق او إثنين ضمن مبناها.
وحول الخطوات التي تعتمدها المستشفى، أكد د.بدرة أنه تم وضع خطة لاستقبال وفرز المرضى عن طريق ما يسمى مستشفى شبه ميداني انتقالي هدفه انتقاء المرضى وفرزهم من خلال فريق طبي وتمريضي مختص يقوم بفحص سريري للمرضى القادمين.
ويلفت الى أنه في حال الشك بإصابة كورونا يحول المريض إلى مبنى العزل حيث يقوم فريق طبي آخر باجراء فحوصات PCR عبر عيادة مختصة مجهزة لإجراء هذا الفحص، وعندها ينتظر المرضى ذات الحالات المستقرة في غرف خاصة، وتكون الخطوة الثانية إبلاغ مركز الترصد الوبائي التابع لوزارة الصحة في حال كانت الحالات إيجابية ومؤكدة، ويتم استقبال المرضى المؤكد اصابتهم في الطابق الثالث حيث الغرف مجهزة بشكل كامل لمعالجتهم.
وبالنسبة للتجهيزات داخل المبنى، خصصت غرف للمرضى تحوي كل المستلزمات، ويشير د. بدرة هنا إلى توفر ٧ غرف عناية مجهزة بأجهزة تنفس اصطناعي، إضافة إلى ٧ غرف للحالات شبه المستقرة، والمستشفى بصدد زيادة عدد الأسرّة إلى ٢٥ سريرا في حال ساءت الأمور.
ولعل أهم ما يؤخذ بعين الاعتبار عند تجهيز أقسام خاصة بمعالجة المصابين بفيروس وبائي التخفيف قدر الإمكان من انتقال العدوى وهذا ما فعتله المستشفى، ويلفت د.بدرة أن هناك إجراءات اضافية في هذا المجال منها تجهيز غرفة عمليات في الطابق نفسه المخصص للكورونا للعمليات الاسعافية الطارئة كاستئصال زائدة أو عملية قيصرية دون الحاجة إلى غرفة عمليات المستشفى الأساسي، كذلك الأمر بالنسبة للفحوصات المخبرية والشعاعية فانها تُجرى ضمن المبنى ايضاً.
كما تم تخصيص جهاز لغسيل الكلى خاص بمرضى قصور الكلى في المبنى منعاً لنقله إلى قسم الكلى في المستشفى وما يمكن أن يسببه ذلك من نقل مباشر للعدوى، هذا بالإضافة إلى الاخذ بعين الاعتبار عزل كامل للنفايات الطبية والصرف الصحي للوقاية من التلوث من جراء المزج.
وتستكمل المستشفى تجهيزاتها واستعداداتها لجهة الفريق الطبي والتمريضي ويشير د.بدرة الى أنه كان في البداية لدينا هاجس وخوف من عدد المتطوعين للعمل نظرا للخوف، ولكن فوجئنا ب ٢٠٠متطوع حاملين شعار “سنكون حيث يجب أن نكون”، مستعدين للمواجهة من أجل أهلنا وشعبنا، فبادرت إدارة المستشفى إلى ان لا يكون هذا التطوع مجاناً بل مدفوعاً ومضاعفاً لأن هؤلاء يستحقون، كما اتخذت إجراءات لحماية الطاقم الطبي والتمريضي الذي سيكون معزولاً بشكل كامل وسيبقى مع المرضى أسبوعين، وهي فترة حضانة الفيروس، مع تأمين كافة مستلزماته من أكل وسكن طيلة الفترة المذكورة، بالإضافة إلى وضع كل وسائل الترفيه الموجودة أساساً في قسم التجميل تحت تصرف الطاقم الطبي والتمريضي من سونا وجاكوزي ونادي رياضي وانترنت وكل ما يلزم لتحسين الحالة النفسية والحفاظ على معنوياتهم.
هذا، ويهمّ المستشفى التأكيد أنه لا هدف تجاري للمشروع، فالمرضى سواء على حساب الجهات الضامنة أو على نفقة وزارة الصحة لا يدفعون الفروقات بحيث تتحمل المستشفى هذه النفقات التي عادة كان يدفعها المريض.
وختاما، يعود بعض الأمل إلى النفوس ويستكين الخوف أمام هذا المشهد، يمضي البقاعيون بتفاؤل للقضاء على هذا الوباء بإرادة لدى إدارة وضعت كل إمكانياتها لهذا الغرض، وفريق طبي وتمريضي شجاع، يبشر أن الانتصار على الكورونا ليس مستحيلا.