غسان همداني – ليبانون تايمز
يخضع لبنان لسيطرة تكاد تكون مطلقة للإرادة الأميركية، وبالرغم من شعار السيادة والاستقلال والحرية، وبالرغم من شعار الموت لأميركا، ومقاطعة البضائع الأميركية، فإن المزاجية الأميركية تتحكم بسياسة البلد الاقتصادية والعسكرية والتجارية وغيرها، وتحدد للسلطة في لبنان الممنوع والمسموح.
بالرغم من الأزمات التي يعاني منها لبنان، خاصة في قطاع الكهرباء، وبالرغم من العروض التي قدمتها دول عديدة، خاصة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتأمين الكهرباء بأسعار تشجيعية، تتهيب السلطة اللبنانية القبول بهذه العروض أو حتى مجرد التفكير بالتفاوض مع الجهات المانحة، وذلك نتيجة الفيتو الأميركي وخوفا من العقوبات التي تهدد بها الإدارة الأميركية السلطة اللبنانية.
ما ينطبق على الكهرباء ينطبق على العتاد والأسلحة العسكرية، حيث ان الإدارة الأميركية، تتفضل على لبنان ببعض العربات المستهلكة أو القديمة الصنع، والأسلحة المتواضعة التي لا يمكن استخدامها الا بإذن هذه الإدارة، وتمنع عنه الأسلحة المتطورة التي يطلبها الجيش اللبناني، بحجة الخوف أن تسقط بيد حزب الله، وطبعا تمنع السلطة اللبنانية من شراء الأسلحة من روسيا او غيرها، وحتى قبول الهبات منها.
يمكن وصف الوضع في لبنان، بمصارع جبار يضيق الخناق على شخص ضعيف، ويمنعه من الحصول على الأوكسيجين من مسعفين يمدون له يد العون، وهو يعاني من سكرات الموت، والمفارقة أن الرغبة بالحياة تدفع الى المقاومة والقتال حتى آخر نفس، بينما السلطة في لبنان، خاضعة، خانعة، مستسلمة لمصيرها.
عندما اندلعَت أزمة التفاح في لبنان في الخَمسينيات على أيام الرئيس كَميل شَمعون، تعامَل مع هذه الأزمة بِكَثير من الدّهاء.
وعلى ذمة الرواة دارَ حديث فيه الكَثير من الغمز واللّمز بينَ الرئيس شَمعون والسفير الأميركي روبرت ماكلنتوك الذي كانَ يزوره آنذاك في القصر الجمهوري، حيثَ بادرَ شَمعون بالطّلب من السفير شِراء موسِم التفاح اللبناني ، فرفضَ السفير بلباقة بحجّة أن الولايات المتحدّة بلد مصدّر للتفاح.
عند ذاك أردَف الرئيس شَمعون وقال لضيفِه: يمكنكم إرسال التفاح إلى الأسطول السادس في المتوسّط، دونَ أن تَلقَى هذه الغمزة أية ردة فعل إيجابيّة من جانِب السفير.
وقبَيلَ خروجِه من الباب بعد الاجتِماع سمِعَ السفير مضيفه يقول لمساعِدِه: استَدعِ لي غَداً السفير السوفياتي!
عندها استدار السفير الاميركي وقالَ متدارِكاً: فخامة الرئيس قررنا ان نشتري التفاح اللبناني. حبذا لو يتصرف أركان السلطة كما تصرف الرئيس كميل شمعون بموضوع التفاح اللبناني، فيضعون مصلحة لبنان واللبنانيين فوق اعتبار التحالفات والحسابات الدولية.
مع تجديد العرض الإيراني للمساعدة على تزويد لبنان بالكهرباء يبقى السؤال هل يجرؤ لبنان على القبول ومخالفة الفيتو الأميركي.