مقدمة المنار:
اِنَها الجمهوريةُ الاسلاميةُ في ايران، مَحَطُ القيمِ والانظار، لم يَشغَلها شأنٌ عن شأن، ولا الضَروراتُ عن سُمُوِ القواعدِ والضوابطِ الاخلاقيةِ والانسانيةِ والقانونيةِ والشرعية..
فبعدَ رَسْمِها قواعدَ استثنائيةً في العَلاقَةِ مع الاستكبارِ الاميركي، واستهدافِ قواعدهِ بصواريخَ عن سابقِ اِصرارٍ وتصميمٍ وفخرِ الاعلانِ، والتوعدِ بالمزيدِ، اعلنتِ اليومَ تحمُّلَ المسؤوليةِ عن خطأٍ اَدى الى سقوطِ الطائرةِ الاوكرانيةِ في طَهران.
خطأٌ بشريٌ كانَ مُكْلِفاً لها قبلَ غيرِها، لم تُخفِهِ تحتَ عُنوانِ اعلى درجاتِ الاستنفارِ التي فَرَضَتها اوضاعٌ كادت تُلامِسُ حرباً عليها في المِنطقة، بل قدمت نتائجَ التحقيقِ التي توصلَت اليها حولَ سقوطِ طائرةِ الركابِ الاوكرانيةِ قبلَ اَيام. قدمتهاَ بكُلِ شفافيةٍ ومسؤوليةٍ إلى الرأيِ العامِّ الايرانيِ والعالمي، غيرَ آبهةٍ بكلِ محاولاتِ الاستثمارِ الاميركيِ وبعضِ الدوليِّ بكثيرٍ من الغَباءِ للحادثِ الانساني.
الامامُ السيد علي الخامنئي طلَبَ نَشرَ التحقيق، ومتابعةَ مواردِ التقصيرِ المحتملةِ في هذا الحادثِ المفجِع، وتقديمَ العزاءِ لاهالي الضحايا، وكذلكَ فَعَلَ رئيسُ الجُمهورية ووزيرُ خارجيتِه. بل لم يكتفِ الايرانيونَ بذلك فخرجَ قائدُ القوةِ الصاروخيةِ في الحرسِ الثوري الايراني على الملأ، وهوَ الذي اذلَّ الجيشَ الاميركيَ قبلَ ايامٍ في عينِ الاسد، خرجَ اَمامَ العالَمِ معتذراً واضعاً نفسَهُ قبلَ مرؤوسيهِ اَمامَ المُساءَلَة، متحملاً كاملَ التَبِعات..
وللتذكيرِ اَنَهُ ليسَ الحادثَ الاولَ من نوعهِ في هذا العالم، لكنَّ قِيَمَ الجمهوريةِ الاسلاميةِ الايرانيةِ جعلتهُ ثقيلاً عليها..
في المقلَبِ الآخر لا زالت ضربةُ الحرسِ الثوري الايراني للجيشِ الاميركي في عين الاسد في العِراق تُثقِلُ كاهلَ دونالد ترامب وادارتَهُ مع تَكَشُّفِ المزيدِ، ودخولِ الاِعلامِ الاميركيِ الى قلبِ القاعدةِ الاميركيةِ ناقلاً صورةَ الدمارِ الكبير، فيما نَقَلَ المحللونَ الصهاينةُ صورةَ الرعبِ في كِيانِهِم، معَ تأكيدِهِم على دقةِ الصواريخِ الايرانيةِ واندهاشِهِم لجُرأَةِ الجمهويةِ الاسلاميةِ بالهجومِ على قواعدِ الدولةِ العظمى في العالم، ولسكوتِ دونالد ترامب وجيشِه..
في لبنانَ لا تشكيلةَ حكوميةً الى الآن، بل سِجالاتٌ اعادت خَلطَ الاوراقِ من نوعِ الحكومةِ الى توزيعِ حقائِبِها..
في عُمانَ وبعدَ حِقبةٍ من الحكمِ دامت نحوَ خمسينَ عاماً غَيَّبَ الموتُ السلطانَ قابوسَ بنَ سعيد، ليَخلِفَهُ هيثم بنُ طارق آل سعيد، مؤكداً على سياسةِ الانفتاحِ وحُسنِ الجِوارِ التي اَرساها سَلَفُه.
مقدمة ال LBCI
لبنان “فقَّاسة” مشاكل وأزمات ومآزق … كل يوم أزمة أو أكثر، تؤدي إلى مأزق أو أكثر وكأن لبنان “لا يكفيه الذي فيه” فتتراكم فوق رأسه المشاكل:
الجديد أزمةٌ في تفسير بعض مواد الدستور المتعلِّقة بتشكيل الحكومة… الرئيس المكلَّف “فتَح الردَّة” ، فقال في بيان مسهَب إن “الضغوط مهما بلغت لن تغير من قناعاتي، وأنني لن أرضخ للتهويل لن أقبل ان تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا.” … هذا الكلام يبدو أنه استفزَّ القصر الجمهوري ، فكان بيانٌ لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي اعلن فيه “ان رئيس الجمهورية ليس ساعي بريد أو صندوق اقتراع في عملية التكليف والتسمية وليس مجرد موثِّق بتوقيعه لوثيقة تأليف الحكومات.
جريصاتي انهى بيانه بالغمز من بعض أداء الرئيس دياب فقال : “كفانا حرب صلاحيات ومهاترات وبكائيات ونصرة ً مزعومة لمواقع في الدولة ” … لكن يبدو ان رياح الصلاحيات قد تجري بما لا تشتهي سفن الوزير جريصاتي ، فالرئيس المكلَّف امامه مهمة صعبة في الحفاظ على موقع الرئاسة الثالثة ، ولهذا قال : لن أقبل ان تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا ” … هذا الكلام موجَّه إلى دار الفتوى التي امتنعت عن استقباله إلى الآن ، وإلى بيت الوسط حيث الشارع السني يعتبر أن الشرعية الشعبية تعود إليه … أكثرُ من ذلك ، حتى لو شكَّل دياب حكومته ، كيف سيكون تعاطيه مع الوزير جبران باسيل حيث ان كل مفاوضات التشكيل كانت تتم معه ، وابرزها لقاء الساعات الست؟
الأمور حكومياً ليست على ما يُرام ، فالصدام بدأ باكرًا ، حتى قبل التشكيل ، بين الرئيس المكلف وبعبدا وبينه وبين عين التينة ، فهل هكذا سيكون تعاون السلطات ؟
عنصرٌ خلافيٌ آخر دخل على خط التشكيل ، رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه ، ومن منصَّة تيار المستقبل ، صوَّب على الوزير باسيل ، فقال ” للمستقبل ويب ” : إذا شُكلت حكومة وفاق وطني أو تمثّل فيها الحراك فان حجمَنا يقتضي أن نتمثّل بوزير. أما اذا كان التمثيل المسيحي يقتصر على التيار الوطني الحرّ فقط فنحن لا نرضى بوزير واحد وإنما نطالب بوزيرين ، نريد حقيبة الأشغال ومعها حقيبة ثانية نتوافق عليها فيتولى كل وزير حقيبة لا وزير واحد بحقيبتين.”
هذا الطرح المتقدِّم من جانب تيار المردة الذي سمّى الرئيس المكلّف ، يُرجَّح الا يكونَ عاملًا مساعدًا في تسهيل ولادة الحكومة … وعليه يمكن الإفتراض أن الحكومة الجديدة عادت الى المربّع الأول وأن تصريف الأعمال ” عمرهُ طويل”.
أما فضيحة الفضائح فتتمثَّل في تواني لبنان عن سداد مستحقاته للأمم المتحدة ، ما حرمه من حق التصويت في الجمعية العمومية … اللبناني ينتظر مَن ستُعلنه نتائج التحقيق الرسمي مسؤولًا : في المالية؟ أم في الخارجية؟ ، وفي الإنتظار يتحسر اللبناني على زمان مجيد كان فيه لبنان ” المَفخرة ” في الأمم المتحدة حيث ساهم بفكر الراحل شارل مالك في وضع الشرعة العالمية لحقوق الإنسان ، ليصل اليوم إلى متعثِّر أو مقصِّر في سَداد ما عليه . مؤسفٌ الدَرْك الذي وصل إليه البلد . في الأثناء ، الشارع يجدد شبابه ويعيد نبضه.
مقدمة الجديد:
لبنانُ دولةٌ متخلِّفة والبقيةُ تفاصيل متخلّفةٌ عن دفعِ مستحقاتِها للأمم المتحدة عن دفعِ أموالِ الناسِ في مصارفِ التعذيب عن وقفِ نزيفِ الليرةِ أمامَ دولارٍ بالستيّ عنِ الدفعِ باتجاهِ تأليفِ حكومةٍ تُنقذُ اللبنانيين وفي بحرِ هذا التخلّفِ يصبحُ ضياعُ المسؤلياتِ أمراً لا يَستدعي الغرابة فبينَ خارجيةٍ وماليةٍ جاءَت جرصتنا عالمية وتبادلت مصادرُ الوزارتَينِ نشرَ البياناتِ مِن فوقِ سطوحِ الأممِ على زمنٍ تسرحُ فيه حكومةُ تصريفِ الأعمال وتعطّلُ نفسَها خلافاً للقانون فيما رئيسُها سعد الحريري “يتسكّعُ” بينَ العواصمِ منتظراً انهيارَ حكومةٍ لم تقمْ مِن رمادِها السياسيِّ بعد ولم يَكُن نزاعُ لبنانَ الدَّوليُّ بمسألةٍ مُستهجَنة فسواءٌ دَفعت وزارةُ المال أم تأخّرت وِزارةُ الخارجيةُ فإنّ الصراعَ بينَ جبران باسيل وعلي حسن خليل خرَج هذه المرةَ إلى العلن وبصيغةٍ أممية وإذا كان أنطونيو غوتيرش قد كَشف عن خلافٍ لبنانيٍّ اليومَ فإنّ الأزْمةَ عُمرُها مِن عمرِ حكوماتٍ متعاقبةٍ كانَ يَحتجِزُ فيها وزيرُ المال أموالَ مشاريع ويعطّلُ أخرى لاسيما تلكَ المتعلّقةُ بوِزراتِ التيار وتحديدًا ما يتّصلُ بجبران باسيل ومشاريعُ الدولةِ بالنسبةِ إلى وزيرِ المال هي “عالقطعة” ولكلِّ قِطعة حِصة ومَعملُ ديرِ عْمار شاهدٌ على “بَيعة” العمولاتِ عندما تقاضي السيد غسّان غندور مبلغاً وصلَ إلى سبعةَ عشَرَ مِليونَ دولارٍ لمصلحةِ وزيرِ المال وعندما قَبضَ الغندور سَلَكت معادلةُ ديرِ عمار بسُرعةِ الضوء ويتبيّنُ مِن خلالِ الفوائدِ الماليةِ أهميةُ تمسّكِ الرئيس نبيه بري بوِزارةِ المال وإبقائِها معَ الوزيرِ الأمينِ على بيتِ المال اليومَ يهدّدُ بري بعدمِ المشاركةِ في الحكومة ويلوّحُ زعيمُ تيارِ المَردةِ مِن جهتِه بعدمِ الدخولِ إلا بوزيرَين أو بمعرفةِ حِصةِ باسيل أولاً كلُّ ذلك يَجري وكأنّ لبنانَ بألفِ خير حيثُ لا انهيارٌ ولا حصارٌ ماليّ ولا أَزَماتٌ تخنُقُ اللبنانيين وهذا الاهتراءُ دَفعَ اللبنانيينَ مجدّداً اليومَ إلى الشارعِ لقولِ كفى كبيرة على استهتارٍ تمارسُه الطبَقةُ السياسيةُ في التعاملِ باستخفافٍ معَ المواطنيين وفي التفاوضِ على حكومتِهم ونهبِ وجودِها قبلَ أن تولَد وحدَها الناسُ في الشوارعِ قادرةٌ اليومَ على تعطيلِ كلِّ هذا اللعِبِ بمصائرِها فما إن خفَتَ وهْجُ الطرُقاتِ حتى ظنَّ الحاكمونَ أنّهم مستحكمون وأنّ بإمكانِهم طرحَ الحكومةِ السياسية سواءٌ عبرَ رئيسِ الجُمهورية العماد ميشال عون أو من خلالِ إشاراتِ جبران باسيل التي تلقّفها الرئيس نبيه بري وظنّ أنه يمكنُ فرضُها