عبير شمص – ليبانون تايمز
يعتبرونه مطلباً محقاً، وينتظرونه منذ أكثر من ثلاث عشرة سنة، علهم يعودون إلى حياتهم الطبيعية، هم أهالي بعلبك-الهرمل، وهو قانون العفو العام، ويكاد يصل الاتفاق على ضرورة إقرار هذا القانون إلى حد الإجماع في هذه المنطقة.
في قراءة لقوانين العفو التي سبق واقرت في لبنان، فإن أول قانون عفو صدر في ٣١ كانون الأول ١٩٩٦ ويتعلق بالعفو الذي جاء بعد إتفاق الطائف وشمل الجرائم السياسية نظراً للاقتتال الداخلي في مرحلة ما قبل التسعينات.
و لاحقاً أقر قانون العفو العام سنة ٢٠٠٥ للعفو عن جرائم الحرب، والافراج عن سمير جعجع والإسلاميين الذين عُرفوا بإسم موقوفي الضنية ومجدل عنجر الذين بقيوا موقوفين بدون محاكمة لمدة 5 سنوات في قضايا متعلقة بالإرهاب.
ومنذ تاريخه لم يصدر اي قانون عفو، إلى أن جاء مؤخراً مشروع قانون العفو العام الذي اعتبر أنه حاجة اجتماعية وإنسانية بالنسبة لبعلبك-الهرمل خاصة ، ولبنان عامة، ومن هنا كانت المطالبة بدون هوادة باقرار قانون عفو ضمن شروط اساسية أو يعتبرها البعض مسلمات، فجاء مشروع القانون الحالي ليستثني قتلة الجيش اللبناني، وسارقي وناهبي الأموال العامة، والعملاء الذين تعاونوا مع العدو الإسرائيلي، واقتصر العفو على الموقوفين بالجرائم والتهم التالية: ضبط سير، إطلاق نار في الهواء، مخالفات على انواعها بما فيها مخالفات البناء، السلب الذي ليس فيه حق شخصي، قضايا التزوير بشكل عام، وتزوير العملة وما يلحق بها، وجرائم المخدرات على انواعها.
وفي هذا السياق، يلفت المحامي المتابع مع لجنة العفو العام في بعلبك-الهرمل حافظ المولى إلى أنه هناك حوالي ٣٢ ألف مذكرة توقيف في بعلبك-الهرمل تحت هذه العناوين متأسفاً إلى أن أغلب الناس “المطلوبة” هي موقوفة بدون محاكمات وقد تجاوزت مدة توقفها الأحكام الشرعية، فهل من المقبول أن يكون جرماً مدة حكمه ٥ سنوات، و الموقوف قد قضى ١٢ سنة في السجون ولم يُحاكم بعد؟!… ويشدد المولى إلى أننا في البقاع ننظر الى العفو العام على أنه مطلب ومطلب محق لأن السبب يكمن في عدم سير المحاكمات بشكل نظامي، وتأخير البت بالملفات، وعدم وجود سجون تكفي، وتشابه الملفات التي تعتبر في معظمها كتب معلومات وعطف جرم مما يشكل “لا عدالة” في إبقاء الموقوفون دون محاكمات ويفتح الطريق أمام جدية إقرار قانون العفو العام.
ويأتي هذا القانون في إطار من الشرعية والدستورية من الناحية القانونية، حيث يشير المولى إلى أن المادة ١٥٨ من قانون العقوبات اللبناني اعترفت للسلطة التشريعية بحق إصدار عفو عام إذا دعت الحاجة الإنسانية والاجتماعية والسياسية وما إلى ذلك، وبالتالي إن حاجة الناس الموجودة في هذه المناطق المحرومة لا سيما في ظل ضعف الموارد، وعدم العلاقة الجيدة بين السجون والموقوفين وأهالي الموقوفين، وفي ظل عدم وجود محاكمات عادلة، وكثرة كتب المعلومات غير المقرونة باثباتات، كما سبق وذكرنا ، فإن الدولة أصبحت عاجزة قضائياً وعلى مستوى الضابطة العدلية بالاحاطة بكافة الموقوفين والمطلوبين.
ويوضح المولى إلى أن هذا القانون يتعلق بالحق العام، ويترك الحق الشخصي مرهونا بأصحاب الادعاء، وبالتالي فإن العديد من الموقوفين تخفض احكامهم فقط دون الإفراج عنهم.
لكن وللأسف، هناك عقبات لا زالت تقف أمام إقرار قانون العفو العام ، تتجلى في تضارب آراء الكتل النيابية داخل مجلس النواب، بعضهم يريده شاملا للاسلاميين وآخر يريده أن يضم العملاء فيما تعارض كتل أخرى هذه التوجيهات لتحافظ على الاستثناءات التي وردت في مشروع القانون المقدم، وتبقى الكلمة الفصل للجلسة التشريعية لمناقشة قانون العفو العام الثلاثاء القادم.
بدوره، اعتبر قاسم طليس الناطق الرسمي باسم لجنة العفو العام في بعلبك-الهرمل ان هذا العفو الذي نطالب به لا يشرّع الجريمة، ولا يعفُ عن المجرم هو فقط مقاومة من نوع آخر ودفاع عن حقوق الناس كما الدفاع عن الأرض، لأنه من واجبنا الدفاع عن أهلنا وحقوقهم لافتاً إلى أن وجود ٣٢ الف مذكرة توقيف بحق أهلنا في بعلبك-الهرمل يعود إلى زج أسماء عن طريق الخطأ، أحدهم يورط عشرين شخصاً لا علاقة لهم.
وحول التداعيات السلبية لخروج هذا الكم من المطلوبين إلى المجتمع في ظل عدم وجود فرص عمل يؤكد المولى أنه على العكس فإن ذلك يشكل فرصة جديدة لإنماء المنطقة ورفع الحرمان عنها بمساعدة أبنائها والصفح عنهم لأن الإنسان بطبيعته طيب الا أن الظروف هي التي أحيانا تتلاعب بهذه الطبيعة وتجعلها سيئة أو شريرة.
والجدير ذكره أيضا ان أبناء عائلات وفعاليات وعشائر بعلبك-الهرمل ولجان العفو والإصلاح دعت لحضور لقاء خاص بالعفو العام للتأكيد على المطالبة بأحقية إصدار قانون العفو العام في مدينة بعلبك الأحد ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٩.