عبير شمص – خاص ليبانون تايمز
قطعوا أوصال البلد، عبثوا بأمنه، بعضهم لا يتجاوز الخامسة عشر من عمره، أقل ما يقال فيهم أنهم لاهون تلاعبوا بالامن والاستقرار واهانوا المارة، واستهتروا بحياة الناس فقد منعوا الأطباء والتجهيزات الطبية والأدوية من الوصول إلى المستشفيات والصيدليات والمراكز الصحية، لا بل اكثر من ذلك فقد ابتزوا الاطباء وطلبوا منهم خوات مادية حسب سعر معاينة كل طبيب للسماح لهم بالمرور.
في هذا السياق، أكد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي الدكتور ركان علام الكائنة في دورس على الاوتوستراد الدولي أن قطع الطرقات أثر بشكل مباشر على عمل المستشفى من ناحية تأمين الأدوية اللازمة، وإرسال التحاليل الطبية اللازمة إلى العاصمة من جهة أخرى، حيث أنه لا يمكن للمستشفى أن تؤمن احتياطات لفترات طويلة لا سيما في ظل الظروف المادية الصعبة، فاستمرار قطع الطرقات لأكثر من ثلاث أسابيع أثر على تأمين العلاج اللازم للمرضى.
ولفت علام في حديث لموقع ليبانون تايمز أن قطع الطرقات أثر على إمكانية تنقل الاختصاصيين والأطباء من أماكن سكنهم إلى المستشفى، ومن العاصمة إلى المستشفى، وذلك أثر على خدمة المريض وتأمين العلاج اللازم له، مشيراً إلى أن هناك حوادث بالجملة حصلت لمواطنين مرضى لم يستطيعوا الوصول إلى المستشفى كذلك موظفين واطباء حتى سيارات الإسعاف للمستشفيات كانت تمر بعوائق كبيرة من أجل نقل الأخصائيين والأطباء من العاصمة على عكس ما كان يتردد انهم يسهلون مرورهم.
وخوفا من نفاذ الأدوية، عمدت المستشفى إلى استقبال الحالات الطارئة التي وبحسب الدكتور علام كان يتم نقلها عن طريق الاستعانة بالصليب الأحمر عبر الطرق الفرعية لإيصاله إلى المستشفى، خاصة أننا نقع في منطقة بعيدة ومترامية الاطراف وطرقاتها غير مجهزة.
ولعل الموضوع الابرز الذي يجب الإضاءة عليه كان يتجلى في الخوف من فقد مادة المازوت الأساسية في المستشفى لتشغيل المولدات في ظل غياب كهرباء الدولة على مدار ال ٤٢ ساعة، حيث أن هناك أجهزة في العناية تعمل على الكهرباء وانقطاعها حتما سيودي بحياة المرضى.
وايضا، فإن مستشفى دار الأمل الجامعي تحوي قسما للطب النووي، وتحصل على المواد اللازمة لهذا القسم من مركزين رئيسيين في بيروت، ويذكر علام أنه كان هناك صعوبة كبيرة لإيصال هذه الأدوية من أجل إجراء الصور اللازمة للمرضى، لافتاً إلى أنه بسبب قطع الطرقات انتهت صلاحيات هذه الأدوية على الطرقات خلال مدة ٣ ساعات من الجامعة الاميركية إلى بعلبك ، حيث استغرق نقلها وقتا طويلا مما حال دون إجراء الصور للمرضى، معتبرا أن حسن إدارة المستشفى وتامينها كمية من الاحتياط في إطار السياسة التي اعتمدتها منذ حرب تموز ٢٠٠٦ حال دون تأزم الوضع.
واعتبر علام ان المستشفيات غير قادرة على الصمود طويلاً في ظل هذا الوضع إذ لا يمكن أن تبقى منعزلة عن محيطها، لافتاً إلى أن الدولة تتأخر في دفع مستحقاتها للمستشفى التي بدورها ستتأخر في شراء الأدوية، مضيفا أن بعض المستشفيات لجأت إلى تدابير تقشفية ونحن في مستشفى دار الأمل الجامعي وضعنا خارطة بهذا الخصوص تتضمن إعطاء الموظفين مهلة بدون راتب لشهر أو شهرين.
وبدوره الدكتور الصيدلي حسين اللقيس لفت إلى أن مبدأ توزيع الدواء يعتمد على طلبيات من الصيدلي إلى الوكيل إلى الصيدلية والتي تتم بشكل يومي، مشيراً في حديث لموقع ليبانون تايمز إلى أنه يتم تأمين النواقص من مستودعات الأدوية للوكلاء التي يخلو البقاع منها فيما خلا مستودع أو اثنين غير قادرين على تأمين ما يلزم، حيث أن مراكز الوكلاء هذه تقع في بيروت، وبالتالي فإن قطع الطرق أدى إلى قطع الإمدادات بالأدوية، وعلى عكس ما تم تداوله من تسهيل مرور الأدوية، فإن سائقي سيارات الوكلاء والمستودعات كانوا في تذمر شديد بسبب صعوبة الطرقات والمضايقات التي يتعرضون لها.
ويذكر اللقيس ان هذه العوامل أدت إلى شح الأدوية في المستودعات نظرا لعدم قدرة الوكيل على تأمينهم وبالتالي شحها في الصيدليات لافتاً إلى أن هناك أدوية دقيقة توضع في برادات ويجب أن تصل في اوقات محددة، وتتطلب حذرا شديدا في نقلها، بالإضافة إلى الأدوية ذات الأهمية الكبيرة كأدوية الأمراض المزمنة وابر المناعة والأدوية التي تتعرض جودتها للخطر لو استغرقت وقتا طويلاً على الطرقات.
عادت الطرقات الى سابق عهدها مؤخرا، ولكن عسى أن تكون هذه الصرخات رسالة لمن يفكر بإعادة إقفالها مجددا.