عبير شمص – خاص ليبانون تايمز
ضاقت بهم سبل العيش، فلا استشفاء ولا تعليم ولا وظائف، بطالة، وازمة كهرباء، وفرض ضرائب… كلها أمور خنقت المواطن اللبناني فنزل إلى الشارع حاملاً حزمة من المطالب محتجاً على واقعه الذي آل اليه.
ولكن للأسف تشتتت المواقف وتباعدت الآراء، المطالب واحدة والوجع واحد، الا أن بعضهم يعرف حق المعرفة ما يريد من الشارع، والبعض الآخر رفع مطالبا غير واقعية، وبعضهم لم يجد في الشارع سوى متنفساً يفرغ فيه ما يعيشه من ضغوط، وبعضهم نزل لمجرد التسلية.
المشهد في البقاع، في القاع والهرمل واللبوة والفاكهة بعلبك، ابلح والفرزل شأنه شأن الشارع في باقي المناطق اللبنانية حاملاً مطالبه علها تلقى صداها.
في الهرمل يسجل المتظاهرون وقفة كل يوم بعد الظهر أمام السراي الحكومي في الهرمل، وفي نقطة الفاكهة واللبوة يتجمهر المتظاهرون بين الحين والآخر، وفي دورس بالقرب من محطة الجبلي عند مدخل بعلبك الجنوبي يقطع يومياً الطريق من قبل تجمعات حملت الاعلام اللبنانية، وصولا إلى ابلح والفرزل عند الحاجز المشترك، و مؤخرا تجمّع المحتجون في مدينة بعلبك ساحة مدرسة المطرانية.
وللحديث عن هذه التحركات والمطالب أكد رئيس لجنة عائلات بعلبك الدكتور بلال نصر الله في حديث لموقع ليبانون تايمز ان الشارع كان أمرا طبيعياً بالنسبة للناس للحديث عن مأساتهم وإيصال مطالبهم إلى الرأي العام، لافتاً إلى أن الضرائب التي فرضت مؤخراً هي التي ألهبت الشارع، معتبراً أننا بحاجة إلى خطة انقاذية من قبل الحكومة.
واشار نصرالله إلى أنه للأسف لا يوجد رؤية واضحة لدى المحتجين مما سهل عملية استغلال هذا الشارع وجره إلى التخريب وتجريده من أهدافه الحقيقية وتحريفها، فالعفوية قادت الشارع بمزاجيات عدة متأسفا أن الناس تستهويها الشعارات دون معرفة خطورتها، معتبرا أن أقل من ٣٠٪ يعي حقيقة الموقف وخطورة اللحظة، بعضهم للأسف لا يدري إلى أين هو ذاهب، داعياً إلى تنظيم الشارع قبل فوات الأوان.
وحول الشعارات التي رفعها المحتجون “كلن يعني كلن” و “إسقاط النظام اللبناني” و “إسقاط الحكومة”، حذر نصر الله من هذه المطالب، معتبراً أنها خطيرة وغير منطقية معوّلاً على العقلاء والمثقفين نشر الوعي بين المحتجين ان هذه المطالب غير ممكنة من جهة، وفي حال تحققت نكون قد فتحنا الباب على مصراعيه ويصبح لبنان ساحة للتقاتل الدولي، مشيراً إلى أن المشهد الذي تخطى الطائفة جميل ولكن السؤال إلى أي مدى هو مرسخ في الاذهان، والى أي مدى هناك حفاظ على الطابع السلمي والمطلب المحق.
ودعا نصرالله الجميع إلى الحفاظ على المكتسبات، على مؤسسات الدولة وليس المطالبة باسقاطها ، إسقاط حكومة او مجلس في هذه المرحلة يأخد البلد إلى أماكن لا تحمد عقباها، لا سيما في ظل الخوف مما قد يحاك للبنان لزج الشارع في تصادم مع القوى الأمنية أو بمواجهة شارع آخر ، مناشدا للمرة الثانية دولة الرئيس نبيه بري قائلا اسميناه “إطفائي” لبنان، وهو الذي أثبت حكمته التي لا يتمتع بها أحد مثله، نؤمن ان دولته مستعد لأي شيء لحماية لبنان.
واعتبر نصرالله ان مشاريع القوانين التي قدمها الحريري تحتاج إلى أشهر متنقلة بين مجلس النواب ورئاسة الجمهورية للموافقة عليها واقرارها، في الوقت الذي لم يعد الشعب قادرا على الإنتظار على الدولة العمل على تخفيف الاحتقان لديه مناشدا دولتي الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري أن يفتحا الباب أمام الأفكار أو سلة المطالب التي من شأنها امتصاص غضب الشارع والمحافظة على الوطن.
وحول هذه المطالب التي بحسب نصرالله هي بسيطة ومن شأنها امتصاص نقمة الشارع تمهيدا لتنفيذ بنود الورقة الإصلاحية والتي ذكر البعض منها كالغاء الضريبة على المازوت والبنزين لا سيما ونحن على أبواب الشتاء، تعزيز المدرسة الرسمية، تقديمات حقيقية على الصعيد الصحي، توفير الأدوية في مكاتب الدواء التابعة لوزارة الصحة بدلا من أن تذهب الناس إلى المؤسسات الخاصة التي تدعمها الدولة، إلغاء ال TVA على السلع الاقتصادية الأساسية التي تحتاجها الناس، بحيث تشكل هذه الإجراءات مدخلا لتعزيز الثقة بالدولة والحكومة من جديد تمهيدا لاستكمال مسيرة الاصلاح الكبرى.
في الختام، وان كانت نوايا المحتجين حسنة وأحد لا يشك في أن الحياة أرهقتهم فنزلوا إلى الشارع، هناك ايضا نوايا خفية داخلية وخارجية تستغل وجع هذا الشعب لتعبر إلى مشاريع التقسيم والفتنة والتخريب وتسييس المطالب والنيل من بعض الشخصيات التي أثبتت على مدار عقود ان لبنان ووحدته أولى اولوياتها، مع هذا المشهد الضبابي من المسؤول عن حمل لبنان إلى المجهول؟ ومن بالمقابل سينتشله دون خسائر؟.