بتول فواز – خاص ليبانون تايمز
في خضم الأزمات الإقتصادية التي يعاني منها لبنان، جاءت الرياح التشرينية وقلبت الغطاء النباتي رأساً على عقب، من أقصى الشمال اللبناني إلى جنوبه، وكأن هناك متسعاً لإحتضان المزيد من الكوارث، آخرها تلك الطبيعية.
صدق المثل الشعبي، “بين تشرين وتشرين صيفاً ثانياً”، فلبنان يعاني من إرتفاع بدرجات الحرارة فوق معدلاتها الموسمية، والتي فاقت الـ 38 مساء أمس، مما ساهم في إندلاع حريق ليلاً في منطقة المشرف، وهو مستمر حتى الآن، على الرغم الجهود المكثفة التي يقوم بها عناصر الدفاع المدني بمواكبة فرق الجيش اللبناني ومساعدة البلدية وأبناء المنطقة.
أتى الحريق على مساحة آلاف الأمتار المتصلة بعدد من الأبنية السكنية وجامعة رفيق الحريري إضافة الى الأحراج، وساهمت الرياح الشديدة في امتداد النيران وفقدان السيطرة عليها، الا ان الخسائر لم تقتصر على الماديات والاشجار والطبيعة، اذ أُعلن منذ قليل وفاة سليم ابو مجاهد وهو أحد المواطنين المتطوعين لاطفاء الحرائق.
بالموازاة، يستمر عمل الأجهزة المعنية للسيطرة على الحريق بشكل نهائي، إلى أن أعلنت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، صباح اليوم، وصول طائرات قبرصية للتخفيف من حدة الحرائق المندلعة في مختلف المناطق اللبنانية، وخاصة في منطقة المشرف.
في وقت أعلن فيه وزير الدفاع الياس بوصعب من قبرص، عن توقيع إتفاقية ثنائية بين البلدين، لمكافحة الحرائق، في خطوة متأخرة نوعاً ما، إلا أنها شبه مطمئنة، فإن التحركات السياسية إقتصرت على التصريحات والمطالبة بالتحرك السريع لإنقاذ لبنان “المحترق”، فقد أكد وزير البيئة فادي جريصاتي في تصريح، اثر جولة له على الاضرار الناجمة عن الحرائق، هول المشهد، وأضاف: “الأكيد أنّ أحداً بدأ بالحريق”.
بدورها، إعتبرت النائب عناية عز الدين أن هذه الكارثة يجب ان تكون جرس انذار للحكومة اللبنانية من أجل وضع الخطط اللازمة للتعاطي الجدي مع حالات مماثلة.
وفي إتصال هاتفي مع مصلحة الأرصاد الجوية، أعلن الراصد الجوي رفعت العزي في حديث لموقع ليبانون تايمز، أن هذه الحالات متوقعة، لكنها تفاقمت بسبب الإهمال الحاصل من اللبنانيين، كالتلوث بالدرجة الأولى، كما الجفاف الذي يتحكم بالغطاء النباتي، فضلاً عن الرطوبة المنخفضة والحرارة المرتفعة وسرعة الرياح، كلها عوامل حالت في إمتداد الحرائق على اوسع نطاق.
كما لفت العزي، إلى إنخفاض درجات الحرارة إبتداء من الغد بشكل طفيف، لتسجل 32 درجة.
وبعد إجتماع لجنة إدارة الكوارث، علق رئيس الحكومة سعد الحريري بالقول: ما حصل كارثة، وتكلمنا مع عدة دول لارسال طوافات اضافية لاخماد هذه الحرائق. الجهود تضافرت، والأيادي المسؤولة تتكاتف لإطفاء وهج الحرائق الممتدة في أحراج المناطق اللبنانية، العتب بين الشعب ورجال الساسة إحتدت وتيرته، محتلّاً صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، فمن يطفىء الحرائق “المتغلغلة” في قلب المواطن اللبناني؟
يبدو وكأن لبنان كان بحاجة لصدمة ليستفيق، حبّذا لو كانت ايجابية..