محمد علوش- الديار
في الأيام الأخيرة، بات الحديث عن قرب اتفاق القوى المعارضة مع “التيار الوطني الحر”، بتبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، هو الحدث الأساسي في البلاد، على قاعدة أن هذا الإنجاز بحال حصل من الممكن أن يقود إلى قلب المعادلة القائمة منذ تاريخ اعلان قوى الثامن من آذار عن تبني ترشيح رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية.
في هذا السياق، تُطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الهدف من هذا الاتفاق، على اعتبار أنه لا ينطلق من برنامج عمل مشترك بين أفرقاء يفتقدون عامل الثقة بينهم، خصوصاً “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، كما لا يتضمن رؤية مشتركة حول كيفية إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، في حال نجحوا في إيصال مرشحهم إلى رئاسة الجمهورية.
الأهم من كل ما تقدم، هو أن هؤلاء الأفرقاء يدركون جيداً، على عكس ما يعلنون، أن تبني ترشيح أزعور لن يقود إلى انتخابه، نظراً إلى أن قوى الثامن من آذار، التي اعتبرت أن الهدف منه شطب مرشحها من المعادلة الرئاسية لن توافق عليه، في حين أن هناك كتلة لا يستهان بها من النواب أعلنت أنها لن تصوت لمصلحة مرشح فريق في مواجهة الفريق الآخر، مع العلم أن أزعور نفسه أكد أيضاً أنه لا يريد أن يكون في هذا الموقع.
وبحسب المعلومات فإن جهاد ازعور يفكر، بحال إعلان تأييد ترشيحه رسمياً من قبل فريق معين لمواجهة مرشح الفريق الآخر، أن يعتذر عن هذه المهمة، خاصة أن الرجل يعلم بأن تبني ترشيحه سيكون لحرق اسمه ومحاولة حرق فرنجية معه، وهو ما يعني عملياً ضرب حظوظه بالوصول الى بعبدا، في هذه الدورة الانتخابية وفي دورات أخرى، كما سيكون ضربة أيضاً لحظوظه بتولي حاكمية المصرف المركزي، كونه لا يزال من ضمن مجموعة الأسماء المرشحة لهذا المنصب.
وبحال وصلت الامور الى هذه المرحلة، لن يكون أزعور وحده المتضرر، فبحسب المعلومات، فإن رئيس “التيار الوطني الحر” يعمل بالملف الرئاسي بمعزل عن عدد كبير من نواب تكتله، الذين لم يتم وضعهم بجو موافقة باسيل على تبني أزعور، وهنا الحديث عن فئة من نواب التكتل التي تعتبر أن عضو التكتل ابراهيم كنعان هو الأحق في الحصول على دعم التيار ورئيسه ما دامت حظوظه موجودة ويلقى دعماً مهماً من بكركي، وبالتالي فإن تبنّي أزعور من قبل رئيس التيار سيعرّض التكتل الى الضرر أيضاً عبر خلق مزيد من الشرخ بين الأعضاء، وهو ما يقطع الشعرة بين باسيل و”صقور الوطني الحر”.
أضرار بالجملة ستكون بانتظار اتفاق من هذا النوع، مبني على أجندات مختلفة للقوى المشاركة فيه، ولعل كلام أحد مسؤولي “القوات اللبنانية” عن الاتفاق مع التيار هو الأصدق في هذه المرحلة، فهو أكد أن الالتقاء حول مرشح واحد بحال حصل لا علاقة له بالثوابت والمبادىء والتحالفات وطريقة العمل والخطة والمشروع، بل هو التقاء حول رفض سليمان فرنجية، وحتى هذا الرفض له أسبابه المختلفة لدى “الوطني الحر” و”القوات”.
إذا هدف الاتفاق قطع الطريق على رئيس “تيار المردة”، تمهيداً للبحث في الخيارات الأخرى المتاحة، لن يكون أزعور من ضمنها. خيارات تتطلب انتظار المسار الذي سيكون قائماً في الفترة المقبلة، على المستوى الإقليمي بالدرجة الأولى.