ليال فقيه_ ليبانون_تايمز
تعددت الثقافات بين نهج ومبدأ وفكرٍ مقدس وبين تفاهة وسخافة سياسيين محبين للحياة على حد زعمهم يتلبسون لبوس الثقافة والثقافة منهم براء، ونحن المتهمون بحب الموت تحت عنوان “الشهادة” وفي حقيقة الأمر هي تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه، فنعم نحن أبناء الشهادة.
٢٥ آيار ٢٠٠٠ يوم صدقت نبوءة الشهيد خليل جرادي وخرجت إسرائيل ذليلة بفعل ضربات المجاهدين وبعد أن نفخ الشهداء من فمهم إلى فم الجنوب والبقاع الغربي لترتد أنفاسهم حرة مستقلة.
“الحمد لله لي تحررني” لم تكن لكنة جنوبية فحسب بل بياء الجنوبيين ولكنتهم لنؤكد على المؤكد “اذا الشعب يومًا اراد الحياة”، ولأن “أبناءنا هم أرقى من مارس ثقافة الحياة مانحين أرواحهم ليحيا لبنان سيدًا حرًا.. “قربانًا لحياتنا وفي سبيل حياتهم الأبدية التي رسمت أبجدية التحرير على جدار التاريخ خارطة نصر ما إستطاع عربي واحد أن يفعلها ولو بأسر حذاء جندي اسرائيلي واحد، ولا إستطاع أبناء الفراعنة في سيناء فعل ذلك ولا إستطاع شعب من قبل أن يفك سلاسل قيده، لسنا شعبا ولسنا “كمشة شيعة يمكن الاستفراد بهم” ولكننا فئة فعلناها ودحرنا من لا يُقهر وقهرناهم أجمعين بيهودهم وعربهم والعجم.
بعشرات الآلاف من الدماء الزكية ومئات الأجنة المقتولة المتنقلة عنادًا بالموت من رحم إلى رحم يولدون من جديد ويرفعون شارة النصر بأصابع طفل مقطوع الرأس في قانا.
“النصر لنا” يقولها ويغيظ بها أطفالا لا طفولة لهم، فهم النخبة وفي المستقبل القريب شياطين كيان وفي فم طفلة لم تبلغ الحلم كلام لم يقل بعد، “إقتلونا فسننتصر” منذ ١٤٠٠ عاما انتصر الدم على السيف وما زلنا نحمل ذات العقيدة، نغذيها بأرواحنا قربانًا للحياة وللوجود بأسره، وكربلاؤنا أزلية هي مخطط دولة سيقيمها ويحكمها مهدينا وسيحرر قدسنا عروس العروبة للذين باعوا دينهم ودنياهم وأجمعوا أمرهم متخاذلين ومتخذين التطبيع خيارًا سهلًا عن حمل البندقية والمواجهة. فإن أعظم ما يحتاجه الإنسان ليكون إنسانًا هو أن يكون صاحب عقيدة والعقيدة فكرة وإيمان.
وفي الجنوب نعم نحن المتهمون بثقافة الموت حرية الإرادة عندنا عقيدة الإمام الحسين وهي حياتنا وسفينة نجاتنا التي عبرنا بها بحر الذل والهوان فكانت هيهات فكرة يرسخ مفهومها القائد الشهيد محمد سعد عملًا وعلمًا وجهادًا ويؤمن بها من آمن بالله واليوم الآخر، وفي رحاب أيار لا بد أن نبين ما بين إتفاق ١٧ آيار ١٩٨٣ الإتفاق الذي ولد ميتًا بين أبناء الحياة وبين قتلتهم وقتلتنا فبين ذاك التاريخ وبين ٢٥ ايار ٢٠٠٠ يوم خرجت إسرائيل منكسة الرأس ذليلة من الأرض، تصديقًا لنبوءة الشهيد القائد خليل جرادي متوعدًا بها العدو والله لا نريد لإسرائيل الا أن تخرج منكسة الرأس من هذه الأرض ولن تخرج الا ذليلة”، فالعظماء يعلمون ويريدون ما يريد الله والله يريد لهم ذلك
“ولهم أجرهم ونورهم” ولهذا “لم يكن التحرير صدفة ولا ضربة حظ” بل كان نتاج ما كرسته الإنتفاضة الشعبية الرافضة لكل أشكال التطبيع والسلام وما أسست له المقاومة من حقبة حافلة بالعمليات البطولية ضد العدو الغاشم حتًما ف قطافه التحرير لأن زرعه لم ينبت ولا اشتد عوده إلا بدماء الشهداء وبتضحيات الجنوب وتوأمه البقاع الغربي الذين غرسوا أجسادهم في الأرض سنابل قمح وزيتون وعنب وشتلات صمود فيها مرارة العيش مع العدو ولم يكن يوم التحرير نهوضًا للمعتقلين عن أسرة آخت جسادهم المتعرجة من سطوة الجلاد فحسب، فليس وحدهم الأسرى من أطلق صرخة النصر مدوية، معلنًا نبأ التحرير خبرًا سارًا وعاجلًا ومشهدًا مرئيًا ملحميت وكيوم الحشر مواكب من الكواكب عبرت معابر كان الوصول إليها مستحيلا وفي حالة ذهول حضر طيف داوود واصطف خلفه الشهداء الأحياء مبتسمين يهنئون بعضهم البعض يقيمون أعراسًا من النصر، وبالفم الملأن الشهادة إحدى الحسنيين، وهي للحياة ثقافة وبعضهم يقرأ قوله تعالى وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ”..