سامر ماهر عبدالله_ ليبانون تايمز
يصح القول أن القضية الفلسطينية قادرة على خطف الأضواء والعودة إلى صلب الإهتمام العربي والدولي عند كل مرة يعتقد فيها الإحتلال أنه يستطيع شطب هذه القضية وتصفيتها. ويمكن القول حاليا أن إجرام الإحتلال سيتضاعف لأن المعطيات في الأراضي المحتلة وفي الشرق الأوسط أصبحت تسير عكس توجهاته .
لقد توجه الكفاح الفلسطيني في ثقله إلى الداخل، نتيجة عدة عوامل أبرزها تراكم الوعي المجتمعي، ونتيجة تخلي النظام الرسمي العربي عن دعم القضية الفلسطينية، وبعد نجاح التجربة اللبنانية في التحرر من الإحتلال الإسرائيلي.
حاولت إسرائيل مع الإدارة الأميركية السابقة التسويق لما سمي صفقة القرن، والتي تتمثل بقبول دولة الإحتلال كجزء من التركيبة السياسية للمنطقة، إضافة إلى فرض شروط إستسلامية على السلطة الفلسطينية تجعلها تقبل بالتنازل عن أراضي مهمة في الضفة وعن السيادة الفلسطينية في القدس الشرقية.
حاولت السلطة الفلسطينية مواجهة الضغوط من خلال تهديدها بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، أو من خلال التهديد بحل السلطة، أو من خلال اللجوء إلى المحافل الدولية التي هي عاجزة عن محاسبة المحتل.
يخطئ من ينظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية ظرفية أو أنها قضية قابلة للشطب، وذلك لأسباب متعددة أبرزها أن وظيفة الكيان الصهيوني تتجاوز فلسطين، فهو بالدرجة الأولى أداة إستعمارية يرتبط بالرغبة الغربية في إخضاع المنطقة العربية وتفتيتها . ولذلك عند كل خطر إقليمي تعود الأنظار إلى إسرائيل لكونها إما الفاعل أو المحرّض أو المتدخل.
لقد أدى ما سمي بالربيع العربي ومن ثم الحرب الإرهابية ومن بعدها قضية النزوح إلى أوروبا إلى تراجع الإهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية، غير أن الإحتلال لم يتمكن من الإستفراد بالفلسطينيين كما يشاء، لأن شعلة المقاومة والممناعة قد أصبحت في كل بيت فلسطيني، وأصبح كل حقد صهيوني يواجه بهبة شعبية وبإنتفاضة عارمة تستقطب كل الشعوب العربية.
أن يقتل الإحتلال الأبرياء ومنهم الشهيدة شيرين أبو عاقلة فهذا حاضره وماضيه، إلا أنه لن يأخذ الإعتراف لا من الشعب الفلسطيني ولا من أي حر في العالم. والقادم من الأيام سيثبت أن ما ناله الإحتلال هو إعترافات مؤقتة ستسقط مع الوقت ومع كل إصرار فلسطيني على التحرير الكامل.
العالم قد تغير من خلال السرعة في التواصل والسرعة في نقل المعرفة والأخبار، وإتضح للإنسان الفلسطيني الصابر أن السعي الوطني المقاوم والحثيث ودون إستكانة هو الخيار الأوحد لنيل التحرر، وهذا لن يكون إلا عبر معارك مستمرة ويومية على كل الصعد السياسية والقانونية والعسكرية والإقتصادية.
أمام الشعب الفلسطيني فرصة تاريخية لتوحيد جهوده ولنبذ الإنقسام في ظل تراجع وظيفة إسرائيل على المستوى الدولي، حيث أن واشنطن تحاول إعادة صياغة المنطقة وفقا لأولويات جديدة أبرزها التسليم بإستحالة إخضاع المنطقة كما في السابق، مع بروز قوى أخرى على الساحة الدولية مثل الصين وروسيا، إلى جانب فشل الخريف العربي الذي لم يكن إلا مناورة لتأخير الإنكفاء الأميركي عن الشرق الأوسط.
التجربة اللبنانية في هزيمة إسرائيل وطردها من لبنان عام 2000، حيث كان أول نصر عربي ساحق على عدو أجنبي في تاريخ العرب الحديث، هي تجربة ستتكرر قريبا في الضفة الغربية نتيجة الكثير من المعطيات، أبرزها أنه لم يعد هناك أي قبول بإستمرار الإحتلال. وبعد ذلك ستكون معركة القدس الكبرى التي لن تكون إلا أرض عربية خالصة، وستليها معركة إعادة اللاجئين إلى ديارهم والتمهيد لفلسطين التاريخية وهذا ما سيترافق مع فشل سياسي مطلق داخل إسرائيل ومع هجرة معاكسة للمستوطنين نحو أوروبا وأميركا.
هذا صراع أجيال وليس أيام، ولكن النصر قد أصبح قريب.