ريم جرادي_ خاص
شكّلت لقاحات فيروس كورونا العديد من التساؤلات لدى المرضى والسكّان والعالم بأسره، والتي توسّعت وتكاثرت حتى باتت كل الدول العظمى تسعى لتصنيع اللقاحات بغية تصديرها، ومن اللقاحات التي أحدثت جدلاً بين الدول هو لقاح “أوكسفورد-أسترازينيكا”، فلماذا تمنّعت بعض الدول عن شرائه؟
اللّقاح هو عبارة عن فيروس رشح عادي جرى تعديله وراثياً، وهو عادةً ما يُصيب قرود الشمبانزي، وقد جرى تعديل الفيروس لمنعه من إصابة الأشخاص، ولكي يحمل نماذج لجزء من فيروس كورونا، وبمجرد حقنه يتعرف عليه جهاز المناعة في الجسم ويعتبره تهديداً فيحاول تدميره.
وعلى عكس لقاح “فايزر”، الذي يجب حفظه في درجة حرارة شديدة البرودة تصل إلى -70 درجة مئوية، يمكن تخزين لقاح “أوكسفورد” في ثلاجة عادية، وهذا يجعل من السهل توزيعه، لا سيما في الدول النامية.
أما التهمة الرئيسية التي تواجه هذا اللقاح، هي التسبب في جلطات دماغية أو دموية، وذلك بعد تسجيل عشرات الحالات عقب أخذ اللّقاح، بحسب ما أفادت ال”بي-بي-سي”. لكن الدراسة التي حظيت بإهتمام واسع من قبل الإعلام العالمي، عُرضت نتائجها اليوم الاثنين ( 22 آذار 2021)، وأعدتها الشركة المصنعة في الولايات المتحدة، البلد الذي لم يصرح بعد بإستعماله.
جرّاء ذلك تمنعت بعض الدول عن استخدامه ومن بين هذه الدول: ألمانيا، فرنسا، إيطاليا وإسبانيا، وتحقق منظمة الصحة العالمية في التقارير لكنها أشارت الى أنه لا يوجد دليل على وجود صلة بين الجلطات واللقاح.
كما أوقفت فرنسا وأيرلندا والدنمارك والنرويج وبلغاريا وأيسلندا والنمسا مؤقتاً التطعيم باللقاح، بينما أرجأت جمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا التطعيم.
أيضاً حصل نحو 17 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا على جرعة من اللّقاح، وأُبلغ عن أقل من 40 حالة إصابة بجلطات دموية حتى الأسبوع الماضي، وهو أقل بكثير مما كان متوقعاً حدوثه بشكل طبيعي بين عامة السكان.
وبحسب مصادر ال”بي-بي-سي” فبعض الدول الأُوروبيّة طرحت اللقاح في البداية على أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً فقط، بسبب توافر بيانات محدودة بشأن مدى حمايته لمن تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، في المقابل إتخذت ألمانيا وفرنسا موقفا مغايراً وطرحتا اللّقاح لمن تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، قبل اتخاذهما القرار الأخير بتعليق استخدامه لجميع الفئات العمرية.
وكانت وكالة الأدوية الأوروبية قد أقرّت استخدام اللّقاح في يناير/كانون الثاني لجميع الفئات العمرية، بما في ذلك كبار السن.
وأكدت “أسترازينيكا” أن بياناتها التجريبية تشير إلى فعالية اللقاح لِمن تتجاوز أعمارهم 65 عاماً، وأظهرت دراسات سابقة أن كبار السن كالشباب، لديهم إستجابة مناعية قوية بنفس القدر للقاح.
أفادت مصادر تابعة لـ “سكاي نيوز عربية” أن شركة أسترازينيكا أعلنت أن لقاحها المضاد لكوفيد-19 يقدم حماية قوية من المرض ويقضي على الحاجة للنقل إلى المستشفيات أو الوفاة بسبب المرض، حتى لدى كبار السن، وذلك في آخر مرحلة من الاختبارات التي جرت في الولايات المتحدة.
حيث أشارت أسترازينيكا الى أن خبراءها لم يحددوا أي مخاوف بشأن سلامة اللقاح، كما لم يجدوا أي دليل على أنه يزيد خطورة الإصابة بجلطات الدم النادرة التي حدثت في بعض الحالات في أوروبا.
وأضافت أسترازينيكا في بيان، أن “اللقاح المضاد لكوفيد-19 فعّال بنسبة 79 بالمائة في منع كوفيد-19 بأعراضه وكان فعالاً بنسبة 100 بالمائة في منع المرض لدى البالغين والنقل إلى المستشفيات بسببه”، بالرغم من أنها لم تنشر بياناتها كاملةً حتى الآن وبالتالي من غير الواضح ما إذا كان هناك عددٍ كافٍ من الحالات بين البالغين لتجعل النتائج ذات أهمية. على الرغم من المحققين الذين أفادوا بأن اللقاح فعال بالنسبة لكل البالغين من كل الأعمار، حتى في حالة كبار السن، لكن بعض الخبراء طلبوا بيانات أفضل في هذا الصدد.
وأشار استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، الدكتور أمجد الخولي، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، “إلى أن التطعيم ضد “كوفيد-19″ لن يقلل الوفيات الناجمة عن أسباب أخرى، إذ سيستمر حدوث الوفيات لأسباب أخرى، بما في ذلك بعد التطعيم، ولكن لا علاقة لها سببياً”.
وتابع” من المهم ملاحظة أن فوائد اللقاح تستمر في التفوق على مخاطره، ويمكن الاستمرار في إعطاء اللقاح أثناء التحقيق في حالات إحداث الانسداد التجلطي وهو ما يعرف بـ”انسداد الأوعية الدموية بسبب الجلطات، مضيفاً “اللجنة الاستشارية العالمية لسلامة اللقاحات (جي أي سي في أس) التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تجري مراجعة منهجية لأي إشارات ومخاوف تتعلق بسلامة اللقاح، وتجتمع كل أسبوعين لتقديم المشورة للمنظمة بشأن أي إشارات أمان جديدة أو مخاوف تتعلق باللقاحات بوجه عام”.
ومع كل هذه التخبطات التي يعيشها “أسترازينيكا” استكملت الدول التطعيم بعد تقرير منظمة الصحة.