د. حسن نعيم- ليبانون تايمز
بعد اكتشافات الغاز والنفط الكبيرة في حوض المتوسط بدأت الدول بترسيم حدودها البحرية تمهيداً للتنقيب عن هذه الثروة للاستفادة منها. وقد بدأ لبنان مفاوضات مع قبرص لترسيم الحدود البحرية بين الدولتين افضت في ١٧ كانون الثاني ٢٠٠٧ الى توقيع اتفاق ترسيم للحدود البحرية بين الحكومتين، وقد حددت هذه الحدود بست نقاط تحمل ارقام من ١ الى ٦ (صورة رقم 1) وقد ادرج لبنان في هذه الاتفاقية بنداً يشير الى أن النقطة ١ في الجنوب والنقطة ٦ في الشمال هي نقاط غير نهائية ولا يجوز لأي من الدولتين استعمالهما في الترسيم مع دولة ثالثة.
لم يصادق البرلمان اللبناني على هذه الاتفاقية بل ذهبت الأمور الى اعداد دراسة جديدة حول ترسيم الحدود قام بها الجيش اللبناني بينت أن النقطة الصحيحة لترسيم الحدود في الجنوب هي النقطة ٢٣ (صورة رقم 2) التي تقع جنوب غرب النقطة ١ وتبعد عنها ١٧ كلم. وهذا ما يضيف مساحة ٨٥٠ كلم٢ الى المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان وتحديداً في البلوكين ٨ و ٩.
في تشرين الأول ٢٠١٠ أودع لبنان نسخة من ترسيم حدوده البحرية لدى الأمم المتحدة وأشارت الرسالة الى أن هذه الحدود قد تخضع للتغيير أيضاً في حال بروز معطيات جديدة.
في تشرين الثاني ٢٠١٠ وقع العدو الاسرائيلي مع قبرص اتفاقية لترسيم الحدود بينهما استناداً الى الاتفاقية الموقعة بين لبنان وقبرص (رغم ان الاتفاقية لا تجيز ذلك لقبرص) اعتبر فيها ان النقطة ١ هي نقطة ثلاثية الابعاد بين لبنان وقبرص واسرائيل (صورة رقم 3)، ونتيجة هذا الاتفاق زعمت اسرائيل أن ٨٥٠ كلم٢ من الحدود البحرية للبنان هي من حقها.
هذه ليست كل القصة، فالخلاف الظاهر على ٨٥٠ كم٢ لا يلغي وجود خلاف آخر على ٨٥٠ كم٢ أخرى لم تظهر بشكل علني بعد، ولتبيان حقيقة الترسيم الواجب اعتماده سنفصل قليلاً في الطرق المعتمدة في عملية ترسيم الحدود البحرية في الجنوب.
القاعدة الأساسية المعتمدة في ترسيم الحدود تقول أن كل متر على اليابسة من حقك يمكن أن ينعكس عشرات الكيلومترات في البحر وتالياً عشرات مليارات الدولارات من الثروة النفطية، وعليه لا يجب التنازل عن أي متر على اليابسة لصالح خصمك، ولا يجب القبول بأي متر يضيفه خصمك لحصته عن غير حق (كحالات الجزر مثلاً).
*تقنياً الخلاف بين لبنان واسرائيل على أمرين أساسيين: *
١- نقطة الحدود على نهاية البر LTP-Land Terminus Point فلبنان يتعبر ان نقطة الحدود في الناقورة هي النقطة ١٨ (B1) بينما اسرائيل تعتبر انها النقطة ٣١ والفرق بين النقطتين حوالي ال ٣٥ متر داخل الحدود اللبنانية (صورة رقم 4)
٢- اسرائيل تعتمد في الترسيم على جزيرة تخليت وتعتبرها جزء من يابستها وهي تبعد حوالي ١٠٠٠ متر عن الشاطئ، ، ولا تشكل جزيرة بمفهوم القانون الدولي للبحار، وهذا النوع ليس له منطقة اقتصادية أو جرف قاري (صورة رقم 5 و 6)
بالاعتماد على هذين المخالفتين تدعي اسرائيل سيطرتها على ١٧٠٠ كلم٢ من الحقوق اللبنانية.
لاستعادة لبنان هذه الحقوق سيستند الى امرين:
١- ترسيم الحدود البرية الذي يثبت ان نقطة الحدود البرية هي النقطة ١٨ (B1) لا النقطة ٣١، وهذا ما تؤكده اتفاقية الحدود بوليه-نيوكمب ١٩٢٣ واتفاقية الهدنة ١٩٤٩. هذا الأمر يسمح للبنان استعادة ٨٥٠ كم٢ مربع ويحدد المنطقة اللبنانية في البحر بالنقطة ٢٣ (أي النقطة C الصورة رقم 7) لا النقطة ١ كما تدعي “اسرائيل”.
٢- اتفاقية قانون البحار للأمم المتحدة التي وقعها لبنان وتنص على أن الجزر التي تعتبر من اليابسة ويستند اليها في الترسيم هي الجزر المأهولة. أما الجزر-الصخور الغير قابلة للحياة مثل صخرة تخليت فلا تعتبر جزء من اليابسة بحسب قوانين الامم المتحدة، وهذا ما يضيف للبنان ٨٥٠ كلم٢ أخرى لتصبح كامل الحقوق اللبنانية الواجب ضمها هي ١٧٠٠ كلم٢ (المحددة بالنقطة A الصورة رقم 7 والخط الأخضر في الصورة رقم 8 ) لا ٨٥٠ كلم٢ فقط، وعليه يصبح جزء من حقل كاريش هو من حق لبنان.
على هذا الاساس يجب العمل على استعادة ال ١٧٠٠ كم٢ مربع الكاملة وان كان من تنازلات يمكن ان تقدم نتيجة ضغوطات الخصوم وفتاوي قد تخرجها الامم المتحدة لدعم موقف اسرائيل عبر اعتماد الترسيم على صخرة تخليت (ولو بنسبة معينة) فان القبول بتنازل يجب أن يكون على جزء من ال ٨٥٠ كلم٢ الثانية لا الأولى المحسومة لصالح لبنان.
