بتول فواز- خاص ليبانون تايمز
“ما قبل الرابع من آب 2020 ليس كما بعده”، العاصمة اللبنانية منكوبة، إثر إنفجار زلزل عرشها وقلوب اللبنانيين أجمعين، بيروت غرقت بدماء مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وأطياف المفقودين حتى الساعة.
قساوة المشهد لن تُغيبه جمالية الترميم ولو بعد حين، فما إن ينام اللبناني على صدمة، يستفيق على أخرى، لكن حجم الخسارات النفسية والمعنوية والمادية رسخت في العقول، وشغلت الرأي العام المحلي والدولي، فأحدٌ لم يعتد على بيروت المُستسلمة المُنهزمة، رغم مرارة ما مر عليها، لكن صورها اليوم تتصدر الصحف اللبنانية والعالمية مُرفقةً “بالفاجعة”.
عطفٌ عربي-دولي إنهال على لبنان المُرهق، دول العالم مُجتمعةً تُدرك حجم الضائقة الإقتصادية وتبعاتها التي تعصف بسويسرا الشرق، إلى أن هز الإنفجار الشريان الوحيد المُتبقي في بيروت، وكان بمثابة الضربة القاضية.
المُساعدات العربية والأوروبية كانت على أتم الجهوزية، فلم يمر 24 ساعة على الحدث الأليم، إلا و بدأت الطائرات تحط في مطار بيروت الدولي تباعاً، وآخرها طائرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قرر مُساندة الشعب اللبناني قلباً وقالباً، وعن كثب.
“لبنان ليس وحيداً” تغريدة ماكرون التي اثارت ضجة على مواقع التواصل الإجتماعي، فالبعض إعتبر أن هذه الزيارة تضع لبنان في موقع التبعية، وإرتأى للبعض أنها زيارة لتضميد جروح اللبنانيين بعد الخسارات التي لحقت بوطنهم، بشرياً، إجتماعياً، إقتصادياً، والتي قُدرت حتى الآن بعشرات مليارات الدولارات.
في هذا السياق، أكد الصحافي والكاتب السياسي جوني منيّر، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، وجود نية مُسبقة لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأراضي اللبنانية، لكنه فضّل هذا التوقيت لسببين، الأول: داخلي-فرنسي، بحيث أن هناك تضامنا فرنسيا كبيرا مع لبنان بحسب ما تناقلت وسائل إعلام فرنسية، ومن أسمى شعارات هذا التضامن هو “أن لبنان موجود في الوجدان الفرنسي”، وكانت زيارته ترجمة للرغبة الفرنسية في تقديم المُساعدة للبنان، علّ زيارته ترفع من شعبيته قبيل الإنتخابات الرئاسية الفرنسية، أما السبب الثاني وهو قدرة فرنسا التنسيق مع الولايات المُتحدة الأميركية لايجاد حلول للمشاكل في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص، لبنان وسوريا.
ورأى منيّر أن زيارة ماكرون هي للتأكيد على المُساندة الفرنسية للدولة اللبنانية مهما كانت الأسباب، مضيفاً: مُساعدات فرنسا لن تلغي الحصار على لبنان، فخطة الإصلاحات لا زالت مطلوبة من الدولة، حتى تتحقق النتائج المرجوة من المفاوضات القائمة مع صندوق النقد الدولي.
وتابع: هذه الزيارة ثنائية المفعول، فقد خدمت الطبقة السياسية وإمتصت غضب الشعب اللبناني الثائر، بحيث أن هذه المأساة عجلت من إنتشال لبنان من بؤرة المجهول، وإختصرت الوقت، وعجلت من المراحل، فكان لا بد من المُساعدة بطريقة أو بأخرى.
ولفت إلى أن لقاء الرئيس الفرنسي برئيس كتلة الوفاء للمقاومة، هو رغبة في إستمرارية التواصل مع الحزب في شتى الملفات.
وقال: توقيت التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالمشارفة على إنهاء المفاوضات مع الجانب الأميركي فيما خص ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، جداً ذكي، إذ أنه يخفّض من التوتر في الشارع اللبناني، التي إزدادت تصدعاته إثر الإنفجار الذي ضرب مرفأ بيروت، خاصة وأن هناك العديد من التقارير الصحفية تشير بأصابعها إلى أن هذه الضربة، هي بفعل أيادي صهيونية خفية.
وأردف: المشاهد التي عُرضت لـ “ما قبل الإنفجار” – حتى الآن، تلغي وجود قصف جوي صهيوني، لكن إحتمالية “العمل الإرهابي” واردة، فالأجهزة الأمنية اللبنانية حصرت الاحتمالات بالأخطاء والإهمال الاداري، ورغم ذلك ما زال من المبكر حسم أسباب التفجير، ونحن بانتظار انتهاء التحقيقات الجارية.
زيارة ماكرون حملت في طياتها نوايا مُجمّلة، فعنوان زيارته صريح: جئتُ لمساعدة الشعب اللبناني، وليس لتقديم الثقة للحكومة الحالية، خاصة وأنه لم يُصافح رئيس الجمهورية اللبنانية باليد، إلا أنه أخذ المواطنين اللبنانيين “بالأحضان” تعبيراً عن خالص المواساة.
لبنان ينتظر المساعدات المالية لإعادة إعمار الدمار شبه الشامل للعاصمة، لكن الذي ينتظر لبنان هو بروز جدية لوضع الإدارة الرسمية اللبنانية تحت الوصاية الدولية.