خلود شحادة – ليبانون تايمز
في بلد لم يعد يرأف بأحلام أبنائه، بات الزواج لمن استطاع إليه سبيلاً. القضية ليست حديثة العهد، فلطالما عانى الشباب اللبناني من عدم القدرة على شراء منزل، وحتى إن توجهوا للإيجار، فمعظم الشباب اللبناني يعادل راتبه إيجار منزل لا تتعدّى مساحته مئة متر مربع. هذا إن غضضنا الطرف عن كل التكاليف الأخرى التي هي بمثابة شروط تعجيزية دفعت الشباب إلى التخلّي عن فكرة الزواج، أو الغرق بالقروض المصرفية لتحقيق هذا “الحلم” الذي من المفترض أنّه من سنن الحياة!
ماذا عن أيامنا هذه؟ وسعر صرف الدولار لامس عتبة عشرة آلاف ليرة، في بلد يستهلك ما لا ينتج واقتصاده يعتمد على الدولار، وأزمة اقتصادية أطاحت بآخر بصيص أمل للاستقرار.
رغم كل السوداوية المحيطة، إلّا أن الشعب “العنيد” أصرّ على إضفاء بسمة فرح، فكان للطرحة البيضاء مكاناً في عتمة الظروف والأوضاع الإقتصادية الصعبة، مع التخلّي عن الكثير من الكماليات.
محمد، الشاب الذي أقدم على الزواج مع بداية الأزمة يقول: “لم أقِم عرساً، لم أسافر، تخلّفت عن دفع أقساط الشقة لأربعة أشهر، وسحبت رصيدي كاملاً من المصرف، وتزوجت”، ليجتاز بذلك العديد من العقبات التي تعترض طريقه، مشدداً على أن القناعة والإصرار يدفعان الإنسان لتحقيق ما يتمنى.
بدورها أكدت غدير، أن “إدارة المصاريف، والإكتفاء بشراء الضروريات فقط، والثقة بالله أنه سيدبر الأمور، جعلتها تتمكن من اتخاذ هذه الخطوة مؤخراً ودخول الحياة الزوجية”.
وعن غلاء أسعار فرش المنزل وأدواته، أشارت ريان إلى أنّ مبلغاً من المال كانت قد ادّخرته وخطيبها لشراء منزل، لكن الأزمة الاقتصادية دفعتهما إلى استخدام هذا المبلغ لشراء مستلزمات المنزل عندما وصل سعر صرف الدولار الى 3000 ليرة مخافة من ارتفاعه أكثر. وشددت ريان على أن هذا المبلغ لم يكفِ لشراء كل ما كان مخططا له، بالإضافة الى الاستغناء عن فكرة السفر والعرس، وحتى عن “الزفة” التي هي من فلكلور الأعراس اللبنانية.
وأضافت: ذهبنا لنشتري بعض لوازم المطبخ، وعندما وصلنا لدفع الحساب أخبرتنا أن سعر هذه البضائع أغلى من السعر المسجل على الرفوف، لأن سعر الصرف ارتفع صباحاً مما دفع صاحب المحل الى رفع السعر منتصف النهار.
واعتبرت ريان أن الزواج في هذه المرحلة عبارة عن “انجاز”.
بدورها زهراء، التي تزوّجت من أسبوعين، أشارت إلى أنها استغنت عن فكرة العرس والزفة أيضاً، واقتصرت الفرحة على جلسة مع الأهل والمقربين وستكتفي بخمس صور لتوفير التكاليف، لافتة الى أنها تمكّنت من تأمين فستانها مجاناً عبر مجموعة أنشئت على فيسبوك من قبل مجموعة من الفتيات والسيدات تحمل اسم “معِك بيومِك” لتأمين ما تحتاجه العروس بيوم زفافها مجاناً أو بمقابل رمزي، كصورة من صور التكافل الاجتماعي التي أظهرها اللبنانيون في هذه الأزمة لمساعدة بعضهم.
وشددت زهراء على أنها ستعود إلى عملها الآن، لمساعدة زوجها لأن التعاون وحده كفيل بتبديد الصعوبات التي ستواجه حياتهم الزوجية في ظل هذه الأزمة.
زغاريد تحمل معاناة، وفرحة يمكننا أن نسمّيها “فرحة النصر”، استطاع العديد من الأشخاص دخول القفص الذهبي. قاوموا الأزمة، وتحدوا الظروف، لينتصر الحب على الأزمات في بلد بات العيش فيه جهاد.