قال بهاء الحريري في بيان: “في البداية، لا يسعني إلا أن أتوجهَ بالشكر إلى كل من شارك في تحرك يوم الجمعة 14 شباط إلى ساحة الشهداء مستذكراً والدي الشهيد وإنجازاته وتضحياته من أجل لبنان واللبنانيين”.
إنني وأنا أشاهد ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية و الاجتماعية في وطننا من شِبه إنهيار تام لمستويات الدخل الفردي والقوة الشِرائية اللذين يؤمنّان أَبسَط مُقَوِّمات العيش بكرامة، لا يُمكنني إلَّا وأن أُشاطِرَ كُلٍّ منكم ما يَجولُ في داخِلِي مِن إزدراء وخَيبة مِمّن كان أجدى بِهِم أن يكونوا مؤتَمَنين على حرية وعافية المُواطن الاقتصادية والإجتماعية والسياسية.
لَم أكُن أتخَيَّل عَشِيَّة اغتيال رفيق الحريري أنَّنا خِلال عَقدٍ ونَيَّف مِنَ الزَمَنِ سَنَصِلُ إلى هذا الدركِ مِنَ الإستهتارِ بشؤونِ الوطن والمواطن و الإسفافِ في التعاطي. لم أَكُن أُبدي رأييِ في الشؤون العامَةِ و ذلك حِرصاً مني على عدمِ الدخولِ في سِجالاتٍ لا تَخدِمُ الّا صائدي أخبار الثرثرة الرخيصة. أما اليوم وقد وقَعنا في المحظور فلا بُدَّ لي مِنَ التأكيد على أن ما كان يَحصلُ بِتَدرُّج بعد اغتيال والدي الشهيد، هوَ اغتيال بطيء لِكُلِّ ما آمَنَ بِهِ لِوَطَنِهِ و أهلِهِ و بِسَبَبِهِ أُغتيل. رجُلِ الإعمار والتعليم الذي عمل بجد على إنهاء الحرب الأهلية و حَمَلَ في صَلبِهِ إلغاءَ الطائفية السِياسِيّة.
ما قام بِهِ ولا يزالُ شبابُنا وشابَّاتُنا وأهلنا على مدى الأشهر الأربعة الماضِية هُوَ قِمَّة الرقي في إعطاء دروس لِمَن فَقَدَ معنى الصِدقِ و الإخلاصِ و الأمانة في توَلِّي وتعاطي الشأن العام.
لقد مرَّت على لبنان العديد من المحطات التاريخية التي عادة ما كانت تنهي مستقبل دُوَلٍ و لكن ثِقَة أهلِنا في الداخل، كما في بلاد المهجر، بأولادهم و أنفسهم على الخروج أقوى مِمَّا دَخَلوا كانت دائماً الحافِزَ للبقاءِ و الإستمرار.
اليوم نَشهَدُ أيامًا و أسابيع وأشهر أصعب و أخطر مِمَّا اختبرنا أو حتى قرأنا في تاريخنا، لكن بالمقابل نرى مواطنين صادقين عبروا فوق جِدران الطوائف الوهمية و نبذوا المسافات الطبقية، صرخوا بحنجرةٍ واحدة مُطالبين برحيل منظومة الفساد واسيادها واعوانها.
فليكن الإيمان بِغَدٍ مُشرِقٍ قريب.