محمد علوش – صحيفة الديار
مصادر «المستقبل»: الساحة السنية لا تحتاج الى من يُشعلها بالعنف
منذ فترة عُدنا لنسمع بإسم بهاء رفيق الحريري بعد أن غاب عن المشهد اللبناني لسنوات طوال منذ العام 2005، فالرجل عاد الى الساحة اللبنانية، ولو من الخارج، حاملاً برنامجه بيديه، ويسعى ليجد له «مرقد عنزة» في الحياة السياسية. منذ 4 أيام جرى الإعلان عن موعد تقديم بهاء الحريري لمشروعه السياسيّ في لبنان، وهو بعد شهرين، أي في الشهر الأخير من العام 2020، فما هي الخطوط العريضة لهذا المشروع ولماذا اختار الحريري هذا التوقيت، وكيف ينظر تيار المستقبل إلى حظوظ بهاء؟
في الآونة الأخيرة ظهر إسم بهاء الحريري، فإلى جانب البيانات الأسبوعية، واللقاءات الإعلامية الدورية التي يقوم بها، تم ربط إسمه بمجموعة من تحركات «الشغب» التي حصلت في وسط بيروت وشمال لبنان، ومؤخرا أصبح مشاركاً، بحسب ما نقل الإعلام، في إشكالات مسلحة في منطقة الطريق الجديدة، حيث اندلعت مواجهات بين مناصرين له ومناصرين للرئيس سعد الحريري، أي بين الشقيقين المتنافسين.
عندما غاب بهاء الحريري عام 2005 كان «مؤمناً» بخيار المقاومة، لم يتهم أحداً باغتيال والده، حتى أن مقربين منه نقلوا عنه امتعاضه من محاولات فريق 14 آذار آنذاك استثمار دم والده الشهيد لأجل أهداف سياسية ضد سوريا والمقاومة في لبنان، ولكن اليوم كل هذا تغيّر وتبدّل.
يمتلك بهاء بحسب مصادر قريبة منه، مشروعاً سياسياً متكاملاً يسعى لتحقيقه في لبنان عنوانه العريض هو «الوصول الى رئاسة الحكومة اللبنانية» ولو أظهر خلاف ذلك، وهذا السعي ينطلق من ركيزتين اليوم، الأولى «الخصومة» مع حزب الله، وهذا يُرضي الأميركي والخليجي، والثانية «تأييد الحياد الذي دعا إليه البطريرك بشارة الراعي» وهذا يُرضي الأوروبي، كاشفة في هذا السياق عن وجود تواصل دوري أسبوعي بين الراعي والحريري، هدفه التحضير لمرحلة إطلاق «فكرة الحياد» وتعميمها، ومحاولة حشد التأييد الدولي لها.
وتشير المصادر نفسها، إلى أن بهاء الحريري يعلم بأن الظروف الحالية لا تسمح له، لا بالعودة الى لبنان، ولا تحقيق مشروعه، ولذلك تحدث عن فترة الشهرين، حيث يعوّل الحريري بشكل أساسي على فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، نظرا لعلاقته الشخصية به، بالإضافة الى علاقاته المميزة مع أعضاء الحزب الديمقراطي، إلا أن هذا لا يعني أنه لا يعوّل أيضا على تسويات مرتقبة على صعيد المنطقة ولو استمر ترامب في الحكم.
إذا، يرى بهاء الحريري بحسب المصادر القريبة منه، أن فوز بايدن سيفتح له الباب لدخول لبنان من الباب العريض، وهو، وإن كان قد رفع السقف عالياً بوجه حزب الله وهاجمه بقسوة، إلا أنه لا يمانع ترؤس حكومة تضم حزب الله بحال كان ذلك نتيجة تسوية دولية تحظى بدعم أميركي – خليجيّ، فهو على الصعيد الشخصي لا «يكره» حزب الله بل يحاول التحدّث بخطاب الدول الخليجية، والإدارة الأميركية، التي يُشكل رضاها شرطاً أساسياً للعبور.
وتضيف: «يمتلك بهاء الحريري علاقات ممتازة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وحتى تركيا، فالرجل يعلم بأن في مرحلة مقبلة سيكون المشهد تحت سيطرة إما المحور السعودي الإماراتي، أو التركي الإيراني، وإما خاضعاً لتسوية بين المحورين، وبالتالي هو يسعى ليكون رابحاً في الحالتين».
تمكن بهاء الحريري من كسب الود العربي والغربي، بحسب المصادر نفسها، فهاجم التسوية الرئاسية والرئيس ميشال عون، وهاجم حزب الله وسلاحه، وأيّد الحراك الشعبي، وكل هذه المواقف جعلته «بديل» سعد الحريري الذي يُقترح «سعودياً» في أكثر من مرحلة، أولها كان يوم اعتُقل سعد الحريري في السعودية.
وتشير المصادر نفسها، إلى أن بهاء الحريري لا يعوّل على شعبية في لبنان تُدخله السلطة، ولا يعوّل على انتخابات نيابية، ولا يعوّل على حلفاء في لبنان، خصوصاً وأن الشخصيات التي انضمّت الى مشروعه تعتبر أكثر من ثانوية في الشارع السني، ولكنه بالمقابل يعوّل على ما هو أهم من ذلك كله، وهو الدعم العربي والدولي وتبدّل المشهد الإقليمي في المرحلة المقبلة.
بالمقابل، لا يتعامل تيار المستقبل مع «طموح» بهاء الحريري بجدّية، فبحسب مصادر مطّلعة في التيار، فإن بهاء الحريري يسعى بكل الوسائل ليدخل إلى الساحة السنّية المحليّة، ولكنه خسر بدل أن يربح، إذ سلك طريقاً خاطئاً، فالساحة السنّية لا تحتاج الى من يُشعلها بالعنف، بل إلى من يحتضنها ويُشعرها بالقوة والأمان، وهذا ما لم يفعله بهاء الحريري.
وتكشف المصادر في تيار المستقبل أن الرئيس سعد الحريري قد عمّم سابقاً على قيادات التيار بعدم التعرض لبهاء، وعدم التطرّق لما يُحاول القيام به عبر الإعلام، وذلك احتراماً من الأخ لأخيه واحتراماً لإرث رفيق الحريري. فهل يدفع تيار «المستقبل» ثمن «تعاطيه غير الجدّي مع بهاء الحريري كمشروع سياسيّ في لبنان»؟