خلود شحادة – ليبانون تايمز
عندما سقطت بيروت تحت الاحتلال الاسرائيلي بعد اجتياح لبنان عام 1982، كان البلد أمام خيارين، إما اتفاقية سلام مع الكيان الاسرائيلي لأن “لبنان قوي بضعفه” وإما مقاومة وطنية شرسة تخرج العدو مذلولاً ليصبح لبنان “قوياً بمقاومته”.
بين فريق اختار الخيار الأول تحت شعار “لا للحرب ونعم للسلام والأمان”، وبين فريق آخر قال “ان المقاومة خيارنا”، كانت لغة الدم هي الأقوى، فسقط اتفاق 17 أيار وسقط معه المشروع الصهيوني، وخرجت قوات الاحتلال من بيروت.
انتفاضة السادس من شباط يعتبرها البعض حدثاً لبنانياً داخلياً يأتي في سياقات الحرب الأهلية اللبنانية وفي صراعات الطوائف، وأنّ الانجاز الأساس لهذه الانتفاضة هو تحسين فرصة الطائفة الشيعية بالمشاركة في الحياة السياسية. لكن عضو المكتب السياسي لحركة أمل حسن قبلان اعتبر في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، “أن هذه الرؤيا قاصرة عن الفهم الحقيقي لهذه الانتفاضة ولمسبباتها ولنتائجها”، مشدداً على أن “انتفاضة 6 شباط لا يمكن تأطيرها بهذه الرؤيا، فهي حركة انقلابية على نتائج كان قد فرضها الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982”.
ولفت قبلان الى أنه “من رحم الاحتلال ولدت انتفاضة السادس من شباط، والتي كانت أولى ملاحم المقاومة، لأنها كانت رداً على اجتياح اسرائيلي احتل 66% من أراضي لبنان محاولاً كسر موازين القوة الداخلية والاقليمية”، لافتاً الى أن “العدو الاسرائيلي حاول ان ينتج، بدبابته وآلياته العسكرية، ادارة سياسية بلبنان وحكماً تابعاً للمشروع الاسرائيلي في المنطقة، لتعمل على تطبيق مندرجات اتفاق التبعية، والحاق لبنان بفلك المشروع الاسرائيلي عبر اتفاق 17 أيار واخراج لبنان من التزامه الوطني والقومي ومنظومة الانتماء العربي.”
وشدد في حديثه، على أن “هذه الانتفاضة المباركة، أسقطت مفاعيل الاجتياح، وحجّمت السلطة التي أنتجها”، موضحاً أنها “لم تستطع اسقاط السلطة بسبب المعادلات الداخلية والاقليمية التي سارعت بالتدخل تحت العناوين والاعتبارات الطائفية لحماية السلطة آنذاك”.
وأضاف قبلان: “في 6 شباط تم فتح طريق الجبل، المنتفض آنذاك على السلطة المرتبطة باسرائيل، الى الضاحية والجنوب، وتالياً عبر البقاع الى عمق المقاومة سوريا، وقد بدأت المقاومة حينها تتحرك بمدى جغرافي وديموغرافي واسع، حيث شكلت الضاحية الجنوبية خزاناً للمقاومة”.
وأردف أن من نتائج الانتفاضة أيضا “التحرير الأول عام 1985، عندما انسحب العدو الاسرائيلي من صيدا وصور والنبطية وجبل عامل، وتحرير 2000″، معتبراً أن “كل الانجازات التي حققتها المقاومة هي نتاجاً لحركة 6 شباط”. كما اعتبر أنه “لولا هذه الانتفاضة لما تمت مفاوضات جنيف ولم يكن حكماً اتفاق الطائف، والذي يعبّر عن ما طرأ بموازين القوة، وعودة زمام المبادرة في المنطقة الى محور المقاومة والتي كان لحركة أمل الدور الأكبر في ذلك”.
وأوضح قبلان أن “لحركة أمل وحلفائها في القوى الوطنية الدور الأساس لقيادة المجاهدين، وخلق المناخ الشعبي الحاضن والمؤيد”، لافتاً الى أن “الحركة حينها لبّت نداء الرئيس نبيه بري الذي شكّل ولا يزال، علامة فارقة في سياق الصراع الوطني والقومي في المنطقة”.
ببندقية مرتفعة ومقاومة روت تراب الأرض بالدم، انتفض الشرفاء في السادس من شباط، لينسجوا حكاية بلدٍ لم يقبل شعبه بالذل، ودفع لأجل الحرية والعز الغالي والنفيس حتى التحرير… ليبقى لبنان: سيد، حر… ومنتصر!