رسمياً، أقرت الحكومة موازنة العام 2019، بتخفيضات كبيرة للإنفاق، من شأنها، كما توحي الأرقام، ان تقلّص العجز المتوقع إلى 7،6٪ من الناتج المحلي الإجمالي في مسعى لتفادي أزمة مالية خطيرة.. مع توقع نمو 1،2٪ أيضاً.
والمهم حكومياً، ان إقرار الموازنة بعد الجلسة الـ20 في قصر بعبدا، جاء ليعكس رغبة جدية لدى مكونات الحكومة من أن الإرادة متوافرة للسير بالتصحيح المالي، انسجاماً مع مصلحة المالية العامة ومتطلبات مؤتمر «سيدر»، لاستجلاب ما لا يقل عن 11 مليار دولار للاستثمار في البنى التحتية، وإعادة تنشيط الاقتصاد.
وكشف وزير المال علي حسن خليل ان الدول الأجنبية رحّبت بالميزانية كاشفاً ان لبنان يتوقع الآن ان تبدأ مشروعات الاستثمار الجديدة مؤكداً جدية وزارته بإبقاء العجز في النطاق المقترح..
بدوره، أكّد أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان «المصرف المركزي حريص على مواكبة الجهود المبذولة حالياً، مع التركيز على احترام القوانين اللبنانية والقواعد المالية العالمية التي لا تسمح بأي مبادرة إلزامية على المصارف» لكنه لم يذكر تفاصيل.
وأضاف ان إصلاحات الميزانية الحكومية اللبنانية وقطاع الكهرباء «اشارات ايجابية» وان الاستقرار مستمر في سوق المال والليرة اللبنانية.
إذاً، اجتازت الموازنة عتبة الحكومة والاقتراحات والاقتراحات المضادة، و«التنميرات» والأخذ والردّ، لكن الطريق إلى ساحة النجمة، ليست مزروعة بالورود، فالفرصة متاحة للجنة المال النيابية لممارسة رقابة يقول رئيسها إبراهيم كنعان انها ستكون صارمة، كذلك الرئيس نبيه برّي، سيسعى لالتقاط المبادرة، باشباع المواد درساً، وربما لإخضاعها للتصويت، وليس بمادة وحيدة..
وهكذا، وبعد 20 جلسة وزارية خرج مشروع موازنة العام 2019 من مجلس الوزراء في طريقة إلى المجلس النيابي، الذي عليه ان يحمل بدوره هذه الكرة المحفوفة بنار الخلافات والملاحظات والاعتراضات في مهمة لن تكون سهلة في كل الأحوال، وضمن مهلة يفترض ان لا تتجاوز نهاية شهر حزيران المقبل، استناداً إلى نص مشروع القانون الذي احيل إلى المجلس ليل أمس، والذي يجيز للحكومة الصرف على القاعدة الاثني عشرية حتى آخر شهر حزيران، على اعتبار ان مسألة الصرف السائدة حالياً تنتهي في 31 أيّار الحالي، وهو موعد انتهاء الدورة العادية للمجلس، مما يفرض على الحكومة خلال شهر حزيران فتح دورة استثنائية، قد تكون مخصصة فقط لدرس مشروع الموازنة واصداره بعد ذلك بقانون، رغم ان هذه الدورة قد لا تكون واجبة قانوناً، طالما انه في مقدور لجنة المال والموازنة درس الموازنة، حتى ولو كان المجلس النيابي خارج دورة انعقاده سواء العادي أو الاستثنائي.
وبانتظار اعداد مشروع الموازنة وطباعته تمهيداً لاحالته إلى المجلس النيابي خلال الأيام الثلاثة المقبلة، فإنه لن يكون في استطاعة اللجنة النيابية المباشرة بدرسه قبل منتصف الأسبوع المقبل، بسبب مصادفة مطلع الأسبوع مع عطلة عيد الفطر السعيد، حيث يفترض بحسب ما أعلن الرئيس نبيه برّي بأن تعقد اللجنة جلسات شبه يومية صباحاً ومساء لكي تتمكن من إنجاز درسه ضمن مهلة الشهر التي حددها مرسوم الإجازة للصرف على القاعدة الاثني عشرية.