ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، قداس “أحد تذكار الكهنة” في بكركي، لافتا في عظته الى أن “الطَّعام الذي يُقدِّمه المسؤولون السِّياسيُّون هو تأمين الخير العامّ الذي منه خير جميع المواطنين وخير كلِّ مواطن، وذلك من خلال الاعتناء بمجمل أوضاع الحياة الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والإنمائيَّة والسِّياسيَّة، عبر المؤسَّسات الدُّستوريَّة، وهي رئاسة الجمهوريَّة ومجلس النُّواب والحكومة”.
وشدد الراعي على أنه “لا يمكن من دون هذه المؤسَّسات تحقيق الخير العامّ. فهي وحدها تُنظِّم الحياة العامَّة في مقتضياتها اليوميَّة ومتفرّعاتها؛ وتُؤمِّن إدارة شؤون الدَّولة في نشاطها الدَّاخليّ كالدَّوائر والمشاريع والمخطَّطات في ميادين الاقتصاد والإنماء والتَّشريع وإيجاد فرص عمل. وتؤمِّن شؤون الدَّولة في نشاطها الخارجيّ بما تُقيم من علاقات متبادلة مع الدُّول، وما تبرُمُ من معاهداتٍ واتِّفاقيَّاتٍ لصالح الجميع. وتُعزِّز لدى الأجيال الطَّالعة محبَّة الوطن وكرامته وتراثه وتاريخه والولاء اليه. وتُحقِّق آمال أبنائه وتطلُّعاتهم وتُزيل هواجسهم، وتُجنِّبهم ما يتهدَّدُهم من أخطار”، مذكرا أنه “على كلِّ هذه الأمور تُحاسَب السُّلطة وتُساءَل، وفقًا لمبادئ الدُّستور. فلا يَحُقُّ للسُّلطة مواجهة المطالب السِّلميَّة المحِقَّة بالعنف والحكم البوليسيّ. كما لا يَحُقُّ للمطالبين تخطِّي الأصول الدُّستوريَّة”.
وأشار الى أن “موضوع الإنجيل يَنطَبِق على قادة الأُمم، من حيث هم موكَّلون على السَّلام في العالم بحكم ميثاق الأمم المتَّحدة التي أسَّسوها ووقَّعُوا ميثاقها في 26 حزيران 1945، وكَتَبوا في مقدِّمته: “لقد آلينا على أنفسنا أن نُنقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب”. وكَتَبوا في المادَّة الأولى: “مقاصد الأمم المتَّحدة هي حفظ السِّلم والأمن الدَّوليّ وإنماء العلاقات الودِّيَّة بين الأمم على أساسٍ من احترام مبدأ التَّسوية في الحقوق بين الشُّعوب. وتحقيق التَّعاون الدَّوليّ على حلِّ النِّزاعات الدَّوليَّة، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان”. ولكن، بكلِّ أسف، نحن نختبر نقيض ذلك في بلدان الشَّرق الأوسط. وكان آخرها ما يُسمَّى “بصفقة القرن” التي أعلَنَها الرَّئيس الأميركيّ الثُّلاثاء الماضي، فكانت بالحقيقة “صفعة” للقضيَّة الفلسطينيَّة، بل ولقرارات منظَّمة الأُمم المتَّحدة ومجلس الأمن المتَّخَذة تباعًا منذ سنة 1948″.