د. مجتبى مرتضى – خاص ليبانون تايمز
إنه التعب، عبرت عنه آية، تلميذة الصف الثالث أساسي الشعبة (ج) كما حددت في رسالتها إلى وزير التربية في الحكومة المكلفة. ردّ الوزير بالحال (وهذا يعني أن المسؤول يمكن له الاطلاع على كافة الاحوال إذا أراد ذلك)، وأكد في رسالته الجوابية بأنه سيجعل الدراسة أكثر متعة وسلاسة من ذي قبل، في أول وعد مكتوب يلتزم بتحقيقه الوزير الجديد. علماً أن هذا الوعد، ليس بسيطاً ويحتاج إلى استراتيجيات جديدة تبدأ بتعديل المناهج المتبعة وطرائق التعليم وقبل كل ذلك في تحضير البيئة المناسبة وتجهيزها لتكون قادرة على مواكبة هذه التطلعات.
غير أن هذا التعب لا يعدو ان يكون تعب بداية المشوار في معاناة الأجيال القادمة في هذه البلاد.
التعب، يرافق حياة غالبية اللبنانين من الولادة إلى نهاية المشوار. فلا التعليم الرسمي مقنع، بينما الخاص مرهق ومُكلف. ولا المستشفى الحكومي جاهز، بينما الخاص بعيد عن متناول غير المضمون أو الميسور أو المحظي. الخدمات الأساسية غير مؤمَنة، الإدارات العامة في حال مزرية، النقل العام غير متوفر، المساحات الخضراء شبه منقرضة، ولا المياه صالحة ولا الزراعة كافية ولا الصناعة رائجة ولا القطاع الخاص بحال أفضل… حتى الأمن فإنه نسبي وظرفي ويتفاوت حسب المناطق.
كل هذا التعب ينعكس على أداء الطلاب، المعلمين، العمال، الموظفين، المزارعين، التجار، وأغلبية اللبنانين القابعين في البطالة الفعلية او في البطالة المُقَنَعة.
هل ستواجه الحكومة العتيدة كل هذا التعب باللجوء إلى عمليات التجميل لتجعله أقل وطأةً؟ أم أنها ستحمل معها بدايات الحلول الجذرية للقضاء على هذا التعب؟
سنوات طويلة واللبناني يكبت تعبه ويكابر هروباً إلى الامام في تأجيل لأزمة بدأت تباشير تفجرها في الأشهر الأخيرة من خلال التحركات الشعبية “المحدودة” ويبقى أن الصولات القادمة ستُحول تعب الفلاحين والمقاومين والطلاب والمعلمين وأبناء الأطراف المحرومين على مرّ السنين إلى ثورة حقيقية شاملة، ما لم تقدم الحلول المقنعة.
كرة النار في ملعب الحكومة العتيدة في حال نيلها الثقة، الأيام القادمة ستحمل الإجابات الشافية على كل التساؤلات.
رأفةً بآية وجيلها فليكن الاستثمار أولاً على الإنسان، بعد أن أستثمرت دولتنا وعلى مدى ثلاثة عقود في بناء الحجر.