جورج كلاس
يعتبر دولةُ الرئيس نبيه برّي ، من واقِعِ مسؤوليتهِ الدستورية ، و من مَوْقِعِهِ القِيَادِيِّ والوطني، أنَّهُ بعدَ وِلادَةِ الحكومة الجديدة ، وفقَ النصوص والمبادئ الدستورية ، تمَّ بالتوازي تشكيلُ دَفّتَيْ ميزانِ الحياة السياسية الديمقراطية التي تَحكُمُ العلاقةَ التكامليَّةَ بين المُكَوِّناتِ السياسيةِ الوطنيِّةِ التي تَنتَظِمُ تَوافُقَات وتلاقياتِ المجتمعِ اللبنانيّ، بِكُلِّ تَنَوُّعاتِهِ وتمايُزاتِهِ وتَبَاعُدَاتِهِ المَشروعَةِ، وذلك من خلال تشكيل الحكومة بمرسوم، و تَشَكُّلِ المُعارَضَةِ بدافِعٍ إجتماعي مشروع، تَلازُماً مع تَطبيقاتِ الديمقراطيِّةِ السياسيِّة وممارساتها، في مُجتَمَعٍ سياسي-طائِفي مُرَكَّبٍ.
إنَّ تصويباتِ دولةِ الرئيسِ حولَ الدور الوطني والدستوري المُناطِ بالمُعارَضَةِ الصَّحِ، وإعتبارها ضرورةً وطنيةً للحياةِ السياسية السليمَةِ، يَجعلُ المعارضةَ النيابيةَ والسياسيِّةَ والشعبية أمام تَحَدِّيَيْن: التحَدّي الأول، هو أن تُمارِسَ المعارضة البرلمانية دورها وتتَحَمَّلُ مسؤولياتِها تَحتَ قُبَّةِ البرلمان و وِفْقَ ما يَنُصُّ عليه الدستور، لأنَّ البرلمانَ هو السلطة الدستورية الأساسية التي تلتقي فيها كُلُّ الأحزابِ والمُكَوِّناتِ والتَكَتُّلاتِ ، من معارضة وموالاةِ و مُستَقِلِّين. ويتمثّلُ الثاني في أن تُمَارِسَ المُعَارضةُ الشعبيةُ الواعية والحُرَّة رقابَتَها الضميريَّةَ على الحكومة كما على مَنْ يعْتَبرونَهم مُمَثّلِّيهم في معارضةِ الحكومة والنظام.
بَعدَ هذا التوصيفِ للثنائِيَّةِ التكامُليّةِ بين جَناحَيْي الوطن ( الحكومة ) و( المعارضة) ، صارَ لازِماً ضَبطُ إبرَةِ بُوصلةِ الحَياةِ السياسيِّةِ اللبنانيِّة نَحوَ القُطْبِ البرلمانيِّ الذي من دونِهِ تَخْتَلّ التوازناتُ، وتتعطَّلُ لُغةُ الكلامُ العقلانيِّ الواعي والمسؤول.
حَسْبُهُ الرئيس نبيه برّي، أنَّهُ حارسُ الشرعيّةِ بكُلِّ وُجُوهِها وتراتُبِيَّةِ السُلطات فيها ، وهوَ الذي كانَ أَوَّلَ مَنْ قال :” إنَّ علينا أنْ نَنظُرَ إلى لبنان، ليسَ كَبْلدٍ تتعايش فيه الأديان والطوائف والثقافات والحضارات، بلْ أنْ نعتبر لبنان وَطَناً تتلاقى فيه الطوائف وتَتَكاملُ، لأنّنا وَطَن نوعِيٌّ، ولأنَّ الحِفاظَ على نَوعِيَّةِ التنوّعِ، هي مسؤوليتنا جميعاً… ذلكَ أنّ لبنانَ بلدُ ( التَكاملِ )، ولَيسَ ساحَةً للتعايش الإختِباري..!!