خلود شحادة- ليبانون تايمز
بين تظاهرات تشعل الشارع في كل المناطق اللبنانية، وحكومة قيد التأليف تحاول اخماد لهيبها، تتأرجح الليرة اللبنانية على حبال الانهيار.
أكثر من أربعة أشهر على تغيّر سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار بعد تثبيت دام سنين. تغيّرٌ حكم عليه الانخفاض فقط بقيمة الليرة اللبنانية، ورافقه شحّ كبير بتوافر الدولار في الأسواق، فاستحكمت من عنق البيع والشراء الأسواق السوداء، التي لم تأبه لتعميمات مصرف لبنان بضرورة الالتزام بسعر الصرف الرسمي والذي يتراوح بين 1515 و1520 ليرة لبنانية فقط، في الوقت الذي وصل سعر الصرف في السوق السوداء الى ما يزيد عن 2500 ليرة بالتزامن مع “الكابيتال كونترول” التي تمارسها المصارف على الودائع بالدولار.
بطبيعة الحال، دور مصرف لبنان الذي اقتصر على المناشدة من دون تحريك أي ساكن للعمل الجدّي على الأرض من أجل وقف عملية الاحتكار هذه، ومنع استنزاف المواطن، هو من مهّد الأرضية للصيارفة للتلاعب بالسعر في ظل غياب الرقابة المالية واقعياً.
نهاية الأسبوع الماضي، ارتفع سعر صرف الليرة أمام الدولار لتصل الى حوالي 2150 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، وفي هذا السياق اعتبر الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين ان “ما اشيع عن ايجابية بالتشكيلة الحكومية وعملية التأليف هو العامل الأساسي لهذا التغيّر المفاجئ”، لافتاً الى أن “تشكيل الحكومة يصنع الهدوء والاستقرار اللازمين بوجود برنامج يعيد ثقة الشعب بالدولة، وثقة الخارج بالاقتصاد اللبناني”، معتبراً أن سعر صرف الليرة دخل تجاذبات السياسة”، مبرراً ذلك بتوافر الدولار حيناً وشحه حيناً، والتلاعب بسعره بين اليوم والآخر.
وأكّد ناصر الدين في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز أنه “كان على الدولة وضع خطة لمتابعة الصيارفة للحفاظ على قرار تثبيت سعر صرف الليرة”، مشيرا” الى “المادة 19 من قانون تنظيم مهنة الصيارفة تؤكد حق مصرف لبنان بمنع الصرافين من التلاعب بسعر الصرف”.
وشدد على ضرورة “عمل كل من وزارة الاقتصاد والمالية لوضع خطة اقتصادية شاملة، اضافة الى متابعة عمل حاكم مصرف لبنان وفقاً لقانون النقد والتسليف في الدستور اللبناني”.
وأوضح ناصر الدين أن “العرض والطلب ليسا متساويين في كل المناطق اللبنانية، لذا قد يختلف سعر الصرف بين منطقة وأخرى وهذا ما يحكمه المضاربة والتي من واجب القضاء ان يحميها”.
وفيما يتعلّق بالودائع، أكد ناصر الدين أنها “لا زالت محمية، وهذا الملف يجب أن يحل بعد تشكيل الحكومة”.
لم تعد القضية “أزمة اقتصادية” فحسب، بل إنها كشفت الستار عن كيان دولة ضعيف حدّ الهذيان، ليس بامكانه أن يحّد من جشع الصيارفة والتجار.
فبين غلاء الاسعار الذي يجتاح الاسواق، وغلاء سعر صرف الدولار في بلد اعتاد الاعتماد على العملات الأحنبية باقتصاده الريعي، تُرِك شعب كامل فريسة الطمع الذي لا تردعه انسانية ولا قانون.