عبير شمص – ليبانون تايمز
البقاع حيث المساحات الخضراء الواسعة أو تلك التي من المفترض أن تكون خضراء، البقاع أرض الخير المعطاءة التي لا تبخل على أهلها، هذه الأراضي الزراعية المهملة منذ عقودٍ زمنية تشكل اليوم مخرجاً حقيقياً من الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون، فالاقتصاد القائم على مجموعة قطاعات انتاجية يحتاج للزراعة كقطاع هام دوره أن ينتشل الإقتصاد من أزمته فاتحاً باب الإنتاج، بدل الإعتماد على الاستيراد من الخارج.
كان البقاع إهراءات روما يوماً ما ونحن بحاجة للعودة إلى ذلك اليوم، وإلى تفعيل وتعزيز القطاع الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي للبنان والأمن الغذائي لا سيما في الآونة الأخيرة.
يعتبر مؤسس الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب الدكتور رامي اللقيس في حديث لليبانون تايمز أن الموضوع الزراعي مرتبط بنمط إقتصادي معين، وقائم على دعم القطاعات الإنتاجية وعلى رأسها الزراعة، والحاجة إلى هذا القطاع ليست فقط مرحلية ولكن تبين نتيجة الخلخلة الإقتصادية الحاجة الماسّة إلى إنتاج محلي فكانت بالتالي أهمية التوجه نحو القطاع الزراعي في البقاع والعمل الجدي على استثمار الأراضي الزراعية.
وتبرز أكثر في هذه الأزمة الحاجة إلى أنواع معينة من الزراعات كتلك التي ترتبط بالأمن الغذائي وتوفر دعماً غذائياً استراتيجيا كالقمح والحبوب، والسهول في منطقة البقاع مناسبة لمثل هذه الزراعات، بالإضافة إلى البطاطا والخضار والفواكه، وذلك من أجل السوق المحلي وسوق التصريف في آنٍ معاً، لا سيما وأننا كنا نستورد كميات كبيرة من المنتوجات التي من الممكن زراعتها، وأحيانا هي موجودة ولكن من دون حماية من المنتوجات المستوردة.
والجدير بالذكر هنا، خطوة وزير الزراعة حسن اللقيس الذي قام بتوزيع القمح الطري تلبية لألف طلب وصل إلى وزارة الزراعة بناء على قرار دعم مزارعي القمح بالمجان، هذه الخطوة التي جاءت كون ميزان الاستيراد والتصدير غير متوازن، كما يقول الدكتور حسن اللقيس في حديث تلفزيوني درسنا النقاط التي يمكن ان ندخل منها، ووجدنا ان دعم عدد من المنتجات الزراعية يمكن ان يساهم بتخفيض فاتورة الاستيراد، ولحماية الانتاج الوطني اخضعت وزارة الزراعة استيراد المنتوجات لموافقة مسبقة، فإذا لم نتمكن من تقديم الدعم للمزارعين فٌأقله نحميهم، موضحاً أن ما صُرف على دعم القمح هو فقط 118 مليون ليرة بينما القرار كان بالدعم ملياري ليرة بسبب نقل الاعتماد متأخرا.
وحول خطوة وزارة الزراعة يعلق رامي اللقيس بأنها خطوة مميزة، جعلتنا في البقاع نلمس جدية في التوجه العام، وتعاون من قبل الوزارة وتوسيع قاعدة استفادة المزارعين، ويعتبر اللقيس أن هذه الخطوة يجب أن تستكمل من خلال خطوات أو إجراءات لاحقة منها إنجاز مسح تعتمده مصلحة الأبحاث حول الزراعات الصالحة لكل منطقة من المناطق، وخلق ملفات لكل مزارع على حدى لتسهيل تقديم الدعم للمزارعين، ومن ناحية الإنتاج تفعيل دور التعاونيات القديمة والجديدة، بالإضافة إلى حملات توعية ودورات زراعية للمواطنين لا سيما الشباب، وهذا ما باشرت به وزارة الزراعة مع منظمة الفاو، أي باختصار العمل على تعميم ثقافة حول الاهتمام بهذا القطاع، مشدداً على أن ذلك يحتاج إلى استراتيجية وطنية وليس من مهمات وزارة الزراعة فقط إنما العديد من الوزارات الأخرى لدعم القطاعات الإنتاجية بما فيها الزراعة والتجارة.
ويلفت اللقيس هنا إلى المشروع الذي تقيمه جمعية الدراسات لتعزيز الزراعة في منطقة بعلبك الهرمل والبقاع عموما وهو عبارة عن “قرية زراعية ” في بعلبك على طريق عام بوداي، لافتاً إلى أن الهدف أن تكون هذه القرية مركزاً حاضناً للمزارعين من خلال الإرشاد الزراعي وإنتاج الشتول والنصوب وتنظيم عمل المزارعين وربطهم بالسوق وهذه القرية تتضمن مشتلاً لإنتاج الشتول وطبعاً بأسعار منخفضة وتقديم إرشاد زراعي ورعاية للمزارعين ومتابعتهم حسب الحاجة، وحثهم على عدم استخدام المبيدات، وتوجيههم نحو الزراعات العضوية، والعمل على قاعدة توسيع التواصل بين المزارعين والتجار حيث أن دراسة أجرتها الجمعية تبين أن نسبة كبيرة من المزارعين ليس لديهم معرفة بالتجار فحوالي 600 مزارع يعرفون فقط تاجراً واحداً مما يساعد الاخير على التحكم بالأسعار، وتوفير وسائل نقل للمزارعين لنقل منتوجاتهم إلى الأسواق، هذا من شأنه خلق معادلة جديدة توازن الربح بين التاجر والمزارع لصالح الأخير لتشجيعه على زراعة أرضه.
يضيف اللقيس أنه من ضمن المشروع خصصنا لكل زراعة من الزراعات يوماً خاصا بها يتم عرض الإنتاج للبيع وسيكون 17 و18 كانون الثاني يوم الخسّ البلدي.
ختاما، يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية، فما هو الدور الذي سيلعبه في المرحلة المقبلة، وهل ستعمل الحكومات الجديدة على ابتكار استراتيجيات زراعية لدعم هذا القطاع؟