اشار البطريرك الماروني بشارة الراعي الى انه “كم من مسؤولين سياسيِّين مولَعين بالسُّلطة فيَرفُضون تداولَها، وينهَجُون نهج الاقصاء والتَّفرُّد ويَعمَدون إلى القتل إمَّا الحسِّيِّ وإمَّا المعنويّ، وسلب الصِّيت الحسن، وتأجيج نار العداوة؟ من هذا المنطلق الجديد لمفهوم السُّلطة، ومن الزَّمن الجديد الذي أدخَلَ فيه الرَّبُّ يسوع البشريَّة، نرى وكأنَّ وطننا دخل منذ 17 تشرين الأوَّل الماضي في مخاضٍ لولادة “لبنان الجديد”. إنَّ تضحيات شباب وصبايا هذه الانتفاضة الوطنيَّة الإيجابيَّة، تُوجب إعطاءها قيمتها، لكي لا ندفع بهم الى اليأس من تحقيق آمالهم وطموحاتهم في رحاب الوطن، فتتحوَّل عندئذٍ إلى انتفاضةٍ سلبيَّةٍ هدَّامة. لذلك ها نحن نُكَرِّر التَّأكيد على مطلبهم في تشكيل حكومةٍ مستقلَّةٍ عن الأحزاب السِّياسيَّة، تَجمَعُ فريقًا متجانسًا من الأخصَّائيِّين الكفوئين والنَّزيهين، لوضع خطَّة إنقاذٍ وتنفيذها، تحت إشراف المجلس النِّيابيّ، الذي يُمثِّلُ كلَّ مكوِّنات المجتمع اللُّبنانيّ. لم يعُدْ لدينا المجالُ للمغامرة، فلا التَّاريخ ولا شعب لبنان المنتفض من أجل كرامته وحقوقه ولقمة عيشه يمكنهما أن يرحَمَا بعد الآن التَّلاعب بمصير وطننا وشعبه.
ولفت الراعي في عظة الاحد في بكركي، الى إنَّ هذا الزَّمن الوطنيَّ الجديد يتطلَّبُ منهجيَّةً جديدةً في العمل السِّياسيِّ، ترفُضُ ذهنيَّة المحاصصات السِّياسيَّة بإسم الطَّوائف والمذاهب، التي أفقدَتِ الوطن مقدّراته، ورمَتْ بالشَّعب تحت خطِّ الفقر وفي خطر المجاعة. ينبغي أن تستندَ هذه المنهجيَّة الجديدة إلى المهنيَّة والشَّفافيَّة في العمل الحكوميّ المنتظَر لإنقاذ الوطن.