عبير شمص – ليبانون تايمز
هي بعلبك الهرمل، المحافظة المترامية الأطراف التي يفيض منها الحب، وتتناثر منها القيم الإنسانية والأخلاقية على وسع جغرافيتها، لا كرم يعلو فوق كرم اهلها واكرامهم للضيف، ولا شجاعة ونخوة ومروءة تذكر إلا في ديارهم، ولا إغاثة للملهوف واستضافة للغريب كما القريب كما تفتح بيوتهم على مصراعيها، وهذه ليست سوى قطرة في بحر أخلاقيات وادبيات هذه المنطقة…
ولكن أحد لم ينصفها من هذا الجانب، فللاسف إن البعض لا يرى فيها سوى تلك البقعة الجغرافية الخارجة عن القانون ويحاول وسمها فيما ليس فيها، ولعل الدور الأكبر في هذا المجال لوسائل الإعلام التي وللأسف الشديد تقدم احيانا صورة معاكسة تماما للحقيقة وهنا يؤكد الناشط الإعلامي في المنطقة الأستاذ علي عبدالله الجمال أنه للأسف تلهث بعض وسائل الإعلام وراء الخبر أو الحدث ضاربة عرض الحائط قيم المصداقية والمهنية، بحيث تعمد أحيانا إلى نشر أخبار عارية من الصحة “كإطلاق نار بين عائلتين…. و…” وتكون الحقيقة اما حادثا فرديا بين شخصين أو لا اساس للخبر من جذوره.
يلفت الجمال إن التعاطي بهذه الطريقة سبب الكثير من التشويه بحق المنطقة، مؤكدا ضرورة توخي الدقة والموضوعية والتأكد من صحة اي خبر قبل نشره تفاديا للوقوع في فخ الاخبار المغلوطة وغير الصحيحة، ويذكر الجمال على سبيل المثال لا الحصر أن منذ فترة وقع حادث سير على الطريق الدولية في رياق، تناقلت وسائل الإعلام الخبر على أنه محاولة سلب ونهب وقطع طريق.
يحمّل الجمال الجزء الأكبر من المسؤولية للإعلام بالدرجة الأولى للأخبار المغلوطة مضيفاً أن جميع المسلسلات والأفلام والأعمال الفنية المختلفة مؤخراً تركز على هذه الصورة النمطية، فتطبع اي عمل فني عن البقاع أو مشهد من البقاع بالسلاح والمشاكل والقوة والمفهوم العشائري السلبي، مؤكداً أنه إذا ما أردنا ان نقيس نسبة المشاكل اليومية والأحداث التي من الممكن أن تحصل في بعلبك-الهرمل فهي الأقل بين كافة المحافظات، ففي العاصمة بيروت يومياً قتل وسرقة واعتداءات وقطع طرقات وتهديد، وكذلك الأمر في الشمال والجنوب ولا يتم نقلها عبر وسائل الإعلام والتركيز عليها كما يحصل في بعلبك الهرمل.
ويقدم الجمال العديد من الأمثلة التي تظهر انضباط أهالي المنطقة ووعيهم بعيداً عن الصورة التي يحاول الإعلام إعطائها عنهم ، فمثلا في الوقفات الاحتجاجية والتحركات التي شهدتها بعلبك والفاكهة مؤخراً لم يسجل اي اشكال أو تضارب أو استعمال للسلاح بل عبروا بطريقة حضارية عكس المناطق الأخرى وما كان يحصل فيها.
وربما ما يستفز وسائل الإعلام يتجلى في موضوع السلاح والحقيقة نعم ان البيوت البقاعية تكاد لا تخلو من السلاح، وهنا يذكر الجمال ان حمل السلاح في بعلبك الهرمل يرافقه فكر، حمل السلاح هو بعقيدة، من أجل الدفاع عن الوطن، أبناء بعلبك-الهرمل ليسوا قطاع طرق أو خارجين عن القانون، أبناء هذه المنطقة مقاومون حملوا السلاح من أجل الدفاع عن أرضهم، وهنا يتساءل الجمال أين كانت وسائل الإعلام حين وقف أهالي وعشائر هذه المنطقة على امتداد السلسلة الشرقية في جرود بريتال وبعلبك وعرسال والفاكهة ورأس بعلبك ليمنعوا تسلل الإرهابيين إلى الداخل اللبناني، فشكلوا درعاً لحماية أرض البقاع ولبنان بشكل عام، لماذا لم تركز وسائل الإعلام على شهامة وشجاعة واقدام أهالي المنطقة في وجه الإرهاب؟!
كل ما ذكرناه لا بل أكثر من الظلم يلحق بالبقاع وبالتحديد بمحافظة بعلبك الهرمل عندما يتم التركيز على جانب مظلم واحد، مع العلم ان للقمر وجه مضيء ايضا، ولهذه المنطقة وجهها المشرق الذي يتجلى في نسبة كبيرة من أبنائها من أصحاب الشهادات العليا الذي استكملوا تحصيلهم العلمي بالرغم من قساوة الظروف التي اعترضتهم، بالرغم من بعد الجامعات وعدم توفرها في المنطقة، قطعوا المسافات في أقسى الظروف الطبيعية تحت المطر وفي الثلوج من أجل التعلم، وهم للأسف لا زالوا يدفعون ثمن غياب الإنماء عن المنطقة حرمانا من الوظائف والعمل.
وختاما، يؤكد الجمال أنه كان لنا زيارة لرئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الدكتور عبد الهادي محفوظ، وطالبناه بمحاسبة الإعلام الذي يسيء لهذه المنطقة والتعاطي بمصداقية مع الاحداث الفردية دون اعطائها بعدا جماعيا وتعميمها، ووعد محفوظ أنه سيكون بالمرصاد، لأن بعلبك-الهرمل تستحق الإضاءة على الوجه المشرق فيها.