عبير شمص – ليبانون تايمز
كثيرة هي الأماكن الدينية في البقاع التي تعود لأديان مختلفة، فمن مغارة الراهب ودير مار مارون في الهرمل، إلى مقام السيدة خولة ومقام السيدة صفية ومسجد رأس الإمام الحسين التراثي في بعلبك… والعديد من المزارات والأديرة في مختلف المناطق البقاعية، هذه الأماكن التي تستقطب السياح من كافة أنحاء العالم نظراً لطبيعتها المرتبطة بالدين والمعتقدات الدينية تشكل مدخلا للسياحة الدينية في البقاع، فالسياح قادمون من أماكن مختلفة وينتمون إلى مختلف الأديان والطوائف.. هذه السياحة تأثرت مؤخراً بشكل كبير بالاوضاع السياسية وقطع الطرقات في البلد، وتراجع عدد الزائرين ليصل إلى نسبة مخيفة تنذر ان الوضع من سيء إلى أسوأ، والقطاع السياحي توقف نهائياً عن العمل.
حتى ذاك المقام، مقام السيدة خولة ابنة الإمام الحسين في مدينة بعلبك الذي لطالما كان يضج بالزائرين من مختلف المناطق اللبنانية من ناحية، ومن الدول المجاورة لا سيما الإسلامية منها من جهة ثانية، هو اليوم يكاد لا يسجل سوى عددا متواضعا جدا من الزوار، وغالبيتهم من منطقة بعلبك، يرتادونه لأداء الصلاة.
تكاد السياحة الدينية إن بالنسبة لمقام السيدة خولة أو بالنسبة لمغارة الراهب ودير مار مارون تنعدم في ظل الظروف الراهنة، فقد تراجعت كثيرا عن السنوات الماضية، وهنا يتحدث المسؤول عن المقام الحاج حسين نصرالله أن هذه السياحة في منطقة البقاع للأسف تراجعت بنسبة ٩٠٪، وتقلص جدا عدد الأجانب القادمين من الدول الإسلامية، ويعود ذلك للأوضاع العامة في البلاد من جهة، ولإقفال الطرقات المؤدية إلى هذه المنطقة من جهة أخرى، حتى القادم من العاصمة تواجهه العديد من العقبات لكي يصل إلى المكان، فكيف ستكون حال السائح لو فكر أن يقصد لبنان في ظل هذه الظروف؟!
الحركة السياحية بعد الأحداث واقفال الطرقات يمكن وصفها بأنها خفيفة إلى حد الجمود الذي يلف المنطقة ولبنان بشكل عام في هذا القطاع، و يؤكد نصرالله هنا أن مناسبة أربعين الإمام الحسين كانت خير شاهد على انعدام هذه الحركة، حيث انه وبهذه المناسبة كان المقام يمتلئ بالزائرين الوافدين من كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي لما لهذه المناسبة من رمزية دينية، ولكن للأسف مرّ الأربعون في منطقة البقاع بحضور باهت يكاد لا يذكر يقتصر على الوافدين من أهالي المنطقة.
والجدير بالذكر في هذا السياق، أن هذا المقام بالتحديد كان في السنوات الماضية وقبل الأحداث الأخيرة يسجل يوميا عددا هائلاً من الزوار يرتادون المكان من دول الخليج والدول الإسلامية من العراق وباكستان وافغانستان والهند وايران على حد تعبير الحاج نصرالله حوالي ٢٠ إلى ٢٥ حافلة ركاب يومياً، أما اليوم فيقتصر الزوار على بعض العراقيين القادمين من الشام، لافتاً إلى أن المكاتب كلها أوقفت منذ إقفال الطرق بعد تراجع الحركة تدريجياً هذه الحملات وجمدتها بسبب الأوضاع ، مع العلم أن هذه الحملات كانت في السابق ذات برامج واسعة تبدأ بزيارة الأماكن الدينية في الشام في سوريا، ويستكمل البرنامج باتجاه لبنان، فكانت زيارة لبنان بمثابة تحفيز للزوار للمشاركة في الحملات، ولكنهم اليوم يكتفون بزيارة الأماكن الدينية في سوريا دون أن يكملوا إلى لبنان بسبب الأوضاع الراهنة ويضيف نصرالله أنه ليس من المبالغة إذا قلنا ان نسبة ارتياد هذه الأماكن لا تتجاوز ال ١٠٪، وهم أشخاص يزورون لبنان متفرقين بالاجمال، وليسوا ضمن حملات سياحية دينية منظمة.
ختاما، يبقى الواقع غير مبشّر، بانتظار أن تلوح في الأفق بوادر حلول، وبانتظار استقرار أمني وسياسي يتمثل في تشكيل الحكومة وعودة العمل المؤسساتي لتعود الحالة إلى ما كانت عليه.