محمد شحادة – ليبانون تايمز
تصدرت أزمة الليرة اللبنانية لائحة الأزمات الاقتصادية اللبنانية في خضم الأحداث الأخيرة، مخلفةً وراءها أزمات معيشية نتجت عن انخفاض سعر صرفها مقارنةً بالدولار الأميركي. منذ بدء الازمة أصبح سؤال “بأديش الدولار اليوم” ترند يومي يعيشه اللبنانيون بوجود اقتصاد لبناني مدولر، يمنح سلطة احتكارية وحرية تامة للمصارف والصيارفة بالمتاجرة به تحت عباءة قانون الاقتصاد اللبناني “الحر” ومبدأ العرض والطلب في ظل عدم وجود أنظمة وقوانين تنظم عمل المصارف والصيارفة وضعف قانون النقد والتسليف في هذا المجال.
وفي حديث خاص لموقع “ليبانون تايمز” مع المتخصصة بالقانون المصرفي الدكتورة سابين الكيك أكدت أن قانون النقد والتسليف هو القانون الذي ينظم العلاقة بين مصرف لبنان والمصارف من جهة وبينه وبين الصيارفة من جهة اخرى، اما فيما يختص بعلاقتهما مع الزبائن، تبقى القوانين الخاصة مثل، قانون التجارة وقانون العقوبات وغيرها، قادرة على حماية الجمهور. واضافت الى أن “الاقتصاد الحر” والقوانين المرعية الاجراء تسقط أي قرار من المصرف المركزي يتعلق بال”hair cut” وال”capital control”، الا انه لا يمكن ملاحقة الصيارفة اذا لم يلتزموا بالسعر الرسمي للصرف، على اساس ان قاعدة العرض والطلب تبقى في صلب العمل التجاري، مشيرةً الى ان توقف المصارف عن تزويد السوق بالدولار، اتاح للصيارفة حرية التلاعب بسعر الصرف حسب حاجات السوق اللبناني. يأتي هذا التلاعب ليزيد على اللبنانيين متاعبهم الاقتصادية رفقة الاحتجاجات والتهويل لترتفع الأسعار بشكل جنوني نتيجة جشع التجار من جهة، وضعف القدرة الشرائية لليرة التي فقدت حوالي ٤٠% من قدرتها الشرائية في الفترة الأخيرة من جهة اخرى. تأتي هذه المخاوف في ظل شح في السيولة في الأسواق تزامناً مع تسديد مصرف لبنان التزاماته عن سندات اليوروبوند والبالغة قيمتها ١.٥ مليار يورو، وتسديد وزارة المالية لرواتب موظفي القطاع العام قبل مطلع الشهر بستة أيام، ما يبعث بعض الثقة عن قدرة الدولة بأن تفي بالتزاماتها، ويكسر التهويل الحاصل عن افلاس الدولة وشح السيولة لديها ما ساهم بانخفاض مفاجئ ظهر الخميس بسعر صرف الليرة مقابل الدولار وصل الى ١٦٥٠ل.ل. وفي ما يرى مراقبون أن الأزمة ستودي بلبنان الى الهاوية يرى الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد جابر أن “النصف زائد واحد” من الأزمة هو سياسي، متوقعاً انتهاء وقع الأزمة بعد فترة من تشكيل الحكومة وتفتت المخاوف وعودة الدورة الاقتصادية الى طبيعتها، شرط تغيير الخطة الاستراتيجية للإقتصاد اللبناني وتحفيز القطاعات الانتاجية، وذلك بتغيير السياسات المالية التي تعتمدها جمعية المصارف والتي تعطي فوائد عالية على الايداعات قد تصل أغلب الأحيان أرباحها أكثر من الربح عبر الاستثمار بالقطاعات الانتاجية، مما ساهم الى حد كبير بمضاعفة الأزمة بسبب اللجوء الى الاستيراد، ما يزيد الحاجة الى العملات الصعبة، ويؤدي لتحقيق عجز هائل بالميزان التجاري. تأتي كل هذه التوقعات مع ترقب ما قد تنتجه التسويات السياسية في الفترة المقبلة لتشكيل حكومة ترضي جميع الأطراف وتساهم في حل الأزمة في ظل طلب الرئيس عون من الدول العربية بمساعدة لبنان، وفي ظل جشع كبار الصرافين الذين يتحكمون بسعر صرف الليرة ويعممونه على المحلات الصغرى، حيث يمكنهم إغلاق محلاتهم واعتماد سعر صرف الليرة الرسمي من قبل الدولة، واعادة النظر بدولرة الاقتصاد، الا أن الأرباح الهائلة التي يجنونها في هذه المرحلة تجعلهم مرتهنين لمصالهحم على حساب مصلحة المواطنين، بانتظار الفرج.