بتول فواز- ليبانون تايمز
لا يزال الشارع يغلي، ومثله “الشارع الرياضي” الذي سجل حضوراً مكثفاً عبر لائحة مطالب، من لقمة العيش أولاً وصولاً إلى تحقيق الرفاهية بين مدرجات الملاعب.
كانت الرياضة الأكثر ضرراً مما يجري، الرواتب اقتُطعت، مغادرة اللاعبين بالجُملة، ومخالب تحفٌر بحقدها الدفين، مُطالبةً بإلغاء الموسم الحالي في شتى الألعاب.
إجماعٌ على الواقع الكارثي، أزمات لم ترحم أحدا، ولكنها نسبية، فاللعبة القائمة على التمويل الذاتي (كرة القدم) لا تزال تبذل قصارى جهدها في سبيل إنقاذ الموسم، ولكن من يرأف بكرة السلة؟
في ضوء ذلك، أشار الصحافي الرياضي علي خليفة، في حديث خاص لموقع “ليبانون تايمز” إلى أن لعبة “الباسكت” تعيش اليوم حالة من الركود والجمود، علماً أن الأزمة المالية موجودة منذ ما قبل السابع عشر من تشرين الأول، ومع إندلاع الحراك تفاقمت، و”ضُربت”، جراء إقفال المصارف أبوابها، مما سنح لمعظم الأندية إستغلال الوضع لصالحها، مهما كان القرار، تأجيل الدوري أو إلغائه.
ولفت خليفة إلى أن الحراك لم يكن السبب الرئيسي في ولادة الأزمة، إستناداً للصرخات التي أطلقها رئيس اتحاد اللعبة السيد أكرم الحلبي، وتحديداً في الأسبوع الأول من الشهر المنصرم، بعد تخفيض الشركات الراعية نسبة الدعم في النفقات إلى النصف تقريباً، مناشداً فيها رؤساء الأندية على وجه الخصوص لتأمين مداخيل الجهاز الفني واللاعبين، كونها لم تعد تملك المقدرة على ذلك لأنها أعدت موازنتها بعد الإتفاق مع الشركات الراعية.
وتابع: العديد من اللاعبين الأجانب غادروا أنديتهم جراء تفاقم الأزمة، وتشكيلها خطورة على مستقبلهم في البلاد ومنهم: لاعبو الشانفيل الأجانب وعلى رأسهم مايكل ايفيبرا، اللاعب اللبناني الفرنسي كريم عزالدين، نجم نادي الحكمة وولتر هودج الذي إنتقل إلى نادي الوحدة السعودي الذي إستلم دفة التدريب فيه غسان سركيس، اللاعب علي حيدر إنتقل إلى فريق النصر الليبي على سبيل الإعارة للمشاركة في صفوفه في بطولة الأندية الأفريقية وسيعود الى بيروت في الاول من كانون الاول المقبل، كما أن لاعب الرياضي هايك قيومجيان إنتقل إلى نادي أراغاتس الأرميني على أن يعود إلى فريقه مع إنطلاقة البطولة.
وأضاف الصحافي الرياضي: لعبة كرة السلة قائمة على الإعلانات، فلذلك قد طالتها الأزمة أكثر من كرة القدم، فضلاً على أنها تُنقل مرة واحدة أسبوعياً، وبالتالي الأرضية الآمنة لأي مُعلن باتت غير متوفرة.
وشدد على أن اللعبة في طريقها إلى الإفلاس”بطريقة مقنعة” جرّاء إعتمادها على دعمين متوازيين، الأول سياسي، بإعتبار أنها تحظى بنسبة كبيرة، وعلى مدار سنوات، على ملايين الدولارات من الأحزاب السياسية، أو المرشحين المحتملين للإنتخابات، ولكن في ظل الأزمة النقدية الراهنة، والحصار الإقتصادي الذي نعيشه، لم يعد من الأولوية تمويل أي مشروع رياضي، وأردف: اللعبة تعرّت إقتصادياً من الجانب السياسي.
وفيما خص الدعم الرعائي، علّق خليفة: الشركات الإقتصادية الكبرى (ألفا وتاتش) ضخت ملايين الدولارات لدعم الأندية كافة، لكن إتباع السياسات التقشفية، أظهر حدّة الأزمة عند الأندية المخنوقة نوعاً ما.
وإعتبر خليفة أن كبار أندية اللعبة (الشانفيل-الرياضي-بيروت) من مصلحتها إستكمال اللعبة، إذ أنها لا تزال تضخ الأموال اللازمة في سبيل إنجاح الموسم، كما أنها مخوّلة للمنافسة على اللقب، وبالتالي الضرر الذي سيلحق بها (تحديداً الشانفيل) سيكون بمثابة فقدان لقب من على دفة الإنجازات.
وأكد عدم صدور أي قرار يقضي بتعليق، استكمال أو إلغاء الدوري، لافتاً إلى تمني القوى الأمنية على المعنيين منع حضور الجمهور في الملاعب في حال إستئناف البطولة، وقال: أغلب الأندية تصب ضمن نطاق طائفي معين، ففي الحالات السلمية تُسمع هتافات عنصرية على المدرجات، بالرغم من المحاولات المتكررة للإتحاد والأندية بوضع حد لإيقاف هذه الظاهرة، ولكن في أوضاع متردية كهذه، سيعتبر الجمهور الملاعب كمنبر خاص للتعبير عن مطالبه المحقة.
وحذّر من خطورة إستكمال اللعبة دون حضور جماهيري لعدة أسباب، الأول فقدان المردود الذي يُحصّل من الجماهير كدعم ثانوي للأندية الكبيرة، وأساسي للأندية محدودة الدخل، ثانياً، عدم القدرة على تأمين النقل المباشر لها، وسيمنع محبو اللعبة من متابعة رونقها، وستصبح “أهلية بمحلية”.
ضيّق الحراك الخناق على أعناق اللبنانيين، فلا ينفع الرياضة اللبنانية اليوم سوى الدعاء، وسط صورة ضبابية رهينة مشهد سياسي متوقف العجلات.