أكد مصدر وزاري لصحيفة “الشرق الأوسط” أن “رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لا ينتظر أن يأتيه التكليف بتشكيل الحكومة بالمظلة”، مشيراً إلى أنه “ينظر إلى الأمور من زاوية سياسية ويتعاطى معها بجدية ويراقب عن كثب المواقف التي صدرت حتى الآن، أو تلك التي ستصدر لاحقاً وترتبط مباشرة بتشكيل الحكومة العتيدة”.
واعتبر أن “قبول الحريري التكليف بتشكيل الحكومة يرتّب عليه مسؤولية في مواجهة كرتي النار. الأولى مصدرها الشارع وهو كان أول من تفهّم مطالب الحراك الشعبي ووقف إلى جانبهم، والأخرى مصدرها الوضع الاقتصادي المتأزم، وبالتالي لن يدير ظهره لكل هذه الصرخات مع أنه لن يستبق ما ستؤول إليه الاستشارات الملزمة التي سيُجريها رئيس الجمهورية لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة وعندها سيبني على الشيء مقتضاه”، محذار من “المراوحة في الالتفات إلى الوضع الاقتصادي المتأزم وتوفير الحلول له ولو على مراحل”.
وأكد أنه “لم يعد يحتمل وأن لا مجال لهدر الوقت والاستفادة من مقررات مؤتمر “سيدر” لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية”، مبينا أن “للتكليف مواصفات استثنائية، ولن يكون مفروشاً بالورد”. ورأى أن “هناك ضرورة ليس للانفتاح على المطالب المرفوعة من الحراك الشعبي فحسب، وإنما للعمل من أجل الاستجابة لها، خصوصاً أن هذا الحراك شكّل ضربة للاصطفافات التقليدية التي كانت وراء انقسام البلد بين قوى 14 آذار و8 آذار”.
ولفت الى أن “لبنان يقف الآن أمام مرحلة سياسية جديدة غير تلك المرحلة التي كانت قائمة قبل الحراك الشعبي، وهذا ما يضع الحكومة الجديدة في مهمة محاكاة الشارع”، مشددا على “ضرورة الإسراع في حسم مسألة التكليف تمهيداً للدخول في مرحلة التأليف؛ لأن أي تأخير على هذين الصعيدين سيكون له تداعيات سترتد سلباً على البلد؛ لأن لا مجال للانتظار أو المناورة وصولاً إلى إقحام البلد في عملية ابتزازية لن تكون لصالح رئيس الجمهورية، وبالتالي لا بد من أن يؤخذ في الحسبان أن تأليف الحكومة هذه المرة يجب أن يتلازم بإقرار جميع الأطراف المعنية بأن هناك قواعد سياسية جديدة يُفترض اتباعها غير تلك القواعد التقليدية السابقة التي كانت تُتّبع في كل مرة تُشكّل فيها الحكومات”.
وتوقف المصدر الوزاري أمام التحضيرات التي يقوم بها “التيار الوطني الحر” لحشد مناصريه ومحازبيه في المسيرة التي ينظّمها غداً إلى بعبدا دعماً لرئيس الجمهورية”، متسائلا “ما إذا كان رئيسه جبران باسيل سيحولها إلى منازلة على المكشوف بين شارعه والشارع المؤيد لـ”الحراك الشعبي”، وقال إنها ستؤدي إلى إحراج عون باعتبار أنها تأتي نقيضاً لما ورد في خطابه؟”.
كما سأل “ما إذا كان باسيل سيحشد مناصريه رغبة منه في أن يؤمّن رافعة شعبية لتعويمه في وجه تصاعد الموجة ضد توزيره؛ كونه يتزعّم لائحة الوزراء الذين يُنظر إليهم على أنهم من الوجوه النافرة، وأن هناك ضرورة لإعفائهم بغية تبريد الأجواء من جهة والانفتاح على الحراك الشعبي، خصوصاً أنه على اشتباك سياسي مع كل الأطراف ما عدا حليفه حزب الله”، معتبرا أن “المسيرة المقررة إلى بعبدا يجب أن توظّف لإنقاذ “العهد القوي” وأن مجرد تحويلها باتجاه تعويم باسيل تتعارض مع رفض عون لحروب الشوارع”.