فاطمة المولى / ليبانون تايمز
الضمير المهني هو الالتزام الداخلي الذي يحفّز المعلّم أو العامل التربوي على أداء مهامه التعليمية والتربوية بأمانة وصدق، مستندًا إلى قيم أخلاقية ومهنية تضمن مصلحة المتعلّمين وتنمّي بيئة تعليمية عادلة ومحفّزة، حتى في غياب الرقابة الخارجية.
وأما على الصعيد النفسي: هو وعي داخلي لدى الفرد يوجهه إلى أداء واجباته المهنية بأمانة، وإخلاص، واحترام للأنظمة والقوانين، والتزام بالقيم الأخلاقية المرتبطة بمهنته، بما يحقق العدالة والمصلحة العامة.
رغم أهمية الضمير المهني في تعزيز الأداء وتحقيق أهداف المؤسسات على اختلاف انواعها إلا أنه يوجد تفاوت في مستوى الالتزام المهني بين العاملين في شتى المجالات.
في عصرنا الحالي نواجه أزمة حقيقة في الأداء المهني للموظفين ويعود ذلك لاسباب عديدة تنقسم ما بين الطابع الشخصي للفرد والمؤسسة المهنية التي يعمل في كنفها. وعلى حد سواء فان التقصير في الضمير المهني تجاه اي عمل يؤدي الى حدوث ثغرات متراكمة تؤدي الى اخفاقات عديدة يصعب التصدي لها فضلا عن هدر الوقت من خلال المماطلة أو البطء في انجاز المهام الموكلة للشخص وتراكمها (اهمال المستندات – مشاكل في طرق الارشفة – عدم متابعة الاشكاليات الوظيفية – الانشغال على وسائل التواصل وترك العمل – خلق الاعذار الواهية..) جميعها يؤدي الى تدهور في مستوى المؤسسة ويحد من تطورها وتقدمها وكفائتها في المجتمع.
ما هي العوامل المؤثرة في تنمية هذا الضمير، ومدى انعكاسه على سلوكياتهم وأدائهم الوظيفي؟
يُعتبر الأداء المهني النتائج النهائية التي يصل إليها الشخص بعد إنجازه للمهام المهنية المطلوبة منه، بحيث يتمثل الأداء المهني بكمية الجهد والسلوكيات التي يقوم الشخص بمهامه المهنية من خلالها، هنا يختلف الأداء المهني من شخص لآخر حسب الجهد المبذول وحسب المهام التي تُطلَب من كل شخص وحسب المهارات والقدرات المهنية المستخدمة لإنجاز كل مهمة.
تنقسم العوامل التي تؤثر في الأداء المهني إلى العوامل الذاتية، أي العوامل التي تتعلق بالفرد نفسه، والعوامل الخارجية التي تأتي من البيئة المهنية المحيطة بالفرد، وتتمثل العوامل التي تؤثر في الأداء المهني من خلال ما يلي:
- التقصير في أداء الواجبات: مثل التأخر المستمر، أو عدم إنجاز المهام المطلوبة بإتقان.
- الإهمال وعدم الالتزام: تجاه الأنظمة والتعليمات الإدارية أو المهنية.
- الاستغلال الوظيفي: استخدام المنصب لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة.
- الكذب أو التلاعب بالمعلومات: في التقارير أو أثناء التعامل مع الزملاء أو المراجعين.
- التمييز وعدم الإنصاف: في التعامل مع الآخرين، سواء من الزملاء أو المستفيدين.
- التساهل في السرية والمصداقية: كإفشاء معلومات مهنية أو خصوصية متعلّقة بالعمل.
- ضعف المبادرة والمسؤولية: الاتكال على الآخرين أو التهرب من اتخاذ القرار.
- عدم احترام الوقت والالتزامات: كالغش في تسجيل الحضور أو تجاهل الاجتماعات والمواعيد
هذه العوامل وغيرها تسبب في تراجع الاداء الوظيفي لدى الموظف وتعم الفوضى في ارجاء المؤسسة وعليه يجب على كل من مدير المؤسسة والفرد بشخصه العمل على تطوير وتحسين الضمير المهني الذي يعتبر عاملاً حاسماً لرفع جودة الأداء وتحقيق الأهداف التنظيمية.
بناء على المعطيات السابقة يجب الوقوف على الاسباب الشخصية او البيئية لدى الموظف التي تؤدي الى حدوث الخلل في الاداء الوظيفي ومنها ما يلي:
- ضعف القيم الأخلاقية الفردية: قلة الوازع الديني أو الأخلاقي و ضعف التربية أو الخلفية الثقافية التي لا تعزز المسؤولية والانضباط.
- غياب الرقابة والمساءلة:عدم وجود نظام واضح للمحاسبة يشجع البعض على التهاونالتساهل مع المخالفين يخلق بيئة تشجع على التراخي.
- البيئة التنظيمية السلبية: وجود ثقافة عمل لا تقدر الالتزام والانضباط و تفشي المحسوبية والظلم داخل المؤسسة.
- ضعف التحفيز والتقدير: شعور الموظف بأن جهوده لا تُقدَّر و غياب المكافآت أو العدالة في التقييم.
- الضغط الوظيفي والإجهاد: الإرهاق والتوتر المزمن قد يدفع الموظف إلى الإهمال أو التهرب من المسؤوليات.
- عدم وضوح الأدوار والتوقعات: غموض في المهام أو المسؤوليات قد يخلق شعوراً بعدم أهمية الأداء الجيد.
- العدوى السلوكية من الزملاء: تقليد السلوكيات السلبية المنتشرة بين الزملاء خاصة في غياب الرقابة.
من هنا نضع ابرز نقاط التحسين التي يجب العمل عليها والالتزام بها:
- تعزيز القيم الأخلاقية: من خلا تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية عن الأخلاقيات المهنية و ترسيخ مفاهيم الأمانة، النزاهة، والاحترام في بيئة العمل.
- القدوة الحسنة من القيادات: من خلال التزام المدراء والمشرفين بالسلوك المهني يعزز الالتزام لدى الموظفين.
- خلق بيئة عمل محفزة: من خلال توفير مناخ من العدالة، الشفافية، والاحترام المتبادل بالاضافة الى الاعتراف بجهود الموظف ومكافأته عند الالتزام بالمبادئ المهنية.
- وضع أنظمة واضحة للمساءلة: من خلال تحديد سياسات واضحة للسلوك والانضباط و ربط الأداء المهني بالمكافآت والعقوبات.
- التمكين المهني والتطوير المستمر: من خلال إتاحة فرص التدريب والتطوير لرفع كفاءة الموظف وثقته بنفسه. ويجب إشراك الموظف في اتخاذ القرارات ليشعر بالمسؤولية.
- تعزيز ثقافة الانتماء والولاء المؤسسي: من خلال إشعار الموظف بأنه جزء مهم من المؤسسة، مما يحفزه على الالتزام.
في الختام، يُعدّ الضمير المهني من الركائز الأساسية لنجاح الفرد والمؤسسة على حدّ سواء. فهو يعكس القيم الأخلاقية والسلوك المسؤول الذي يجب أن يتحلى به كل موظف في أداء مهامه، بما يضمن الجودة، الثقة، والاحترام في بيئة العمل.
إن تعزيز الضمير المهني لا يقتصر فقط على الرقابة الإدارية، بل يتطلب أيضاً وعياً ذاتياً، وتربية مهنية قائمة على الأمانة والالتزام.
ان الالتزام بشكل عام في شقيه المهني والاخلاقي اساسي وضروري في الحياة العملية والشخصية فهو معدن الانسان و وجوده كقيمة بشرية وفردية يترتب عليها عطاء الفرد واخلاقه وتُبنى عليها سمعة الفرد ونجاح المؤسسة واستقرار المجتمع ككل.