فاطمة الولى – ليبانون تايمز
بعد جائحة كورونا وانحصار التواصل العالمي بشاشات اصطناعية وبسبب انقطاع البشر عن التلاقي والعمل المباشر؛ كان لا بد من ادخال تقنيات جديدة لاستمرارية الحياة والعمل في كافة المجالات.
فحدث تحول في القطاع التعليمي حيث دخل التعلم الالكتروني تحت عنوان التعلم عن بعد ببرامجه وتقنياته المتنوعة من تطبيق زوم وغوغل ميت وكلاس روم والمنصات التعليمية المتعددة. هدفت هذه التجربة لانقاذ العام الدراسي وتحصيل الطلاب التعليمي ما امكن من معلومات دراسية اساسية خلال سنة 2019-2020.
واستمر هذا الحال حوالي عامين تقريبا ما بين تعليم حضوري وتعليم عن بعد في المؤسسات التربوية وذلك لما يقدمه التعليم عن بعد من تسهيلات جمة للطرفين.
ولكن لوحظ أثر هذا التعليم فيما بعد على المستوى التعليمي للعام وخصوصا في التحصيل العلمي للطلاب حيث سمي فيما بعد بالفاقد التعليمي.
ما هو أثر التعليم عن بعد على سلوكيات الطلاب؟ وما هو الفاقد التعليمي؟ وما السبيل لاعادة ترميمه؟
ان سلوك الطلاب هو مصدر قلق كبير للمعلمين، حيث كان من الصعب إدارة الاضطرابات عندما يكون الطلاب في نفس الغرفة، فكيف يمكن الحفاظ على النظام وخلق بيئة تعليمية داعمة عندما لا نستطيع حتى رؤيتهم . وهنا يكون الطالب مسؤول عن عملية تعلمه بدرجة كبيرة فهو المطالب بنفسه بحضور الحصة ومتابعة الدروس، والتعامل مع التقنية بنفسه وذلك بسبب البعد الحاصل بين المعلم والمتعلم.
لوحظ على بعض الطلاب الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي أو صعوبات معينة في التعليم الحضوري فتغير مستواهم نحو الافضل ويمكن المحافظة عليه باستخدام طرق تدريس أو تقنيات تعليم تساعدهم على المشاركة في العملية التعليمية التي تقدم لهم مساحة للتعبير والشرح دون خوف أو مراقبة من حولهم.
إلا أن هناك مجموعة من الطلاب انخفضت مستوياتهم كثيرا خلال هذه الفترة مقارنة بفترة التعليم الحضوري، ويكمن السبب أن هذه المجموعة ترتفع مستوياتهم خلال التعليم التعاوني برفقة أصدقائهم في الفصل، بالاضافة الى ان حالات التوتر بسبب الانترنت او الانتظار الطويل بسبب اعطال تقنية أثرت على ضبط الاعصاب لديهم. كما تبين ان مستوى الدراسة انخفض من جانبين من حيث الفكرة وتثبيتها ومن حيث كمية المعلومات المعطات للطلاب التي أثرت بشكل كبير على نتاج الطلاب وعملهم التطبيقي.
اسباب التغير السلوكي لدى الطلاب الذي اثر على التحصيل التعليمي:
الأمان: بالنسبة للبعض تعد المدرسة أو الجامعة ملاذًا يشعرون فيه بالأمان الجسدي أو النفسي أكثر من بيئتهم المنزلية.
البيئة: لا يتوفر لكل طالب في منزله مساحة شخصية مناسبة للدراسة، كما أن التركيز بالدراسة في بعض بيئات المنزل يكون أكثر صعوبة من غيرها، وبالتالي سيكون من الصعب على الطالب.
التكنولوجيا: يتطلب التعليم عن بُعد استخدام التكنولوجيا لمتابعة الدروس، وبالتالي يجب أن يكون لدى الطالب جهاز حاسوب وشبكة إنترنت مستقرة ليتمكن من فعل ذلك، لكن هذه الأمور ليست متاحة لكل طالب، وبالتالي يعتبر ذلك أحد العوائق في عملية التعليم عن بُعد.
الدعم الاكاديمي: قد يقدم بعض أولياء الأمور أو الإخوة الأكبر سنًا الدعم والمساعدة في الإجابة عن بعض الأسئلة لأبنائهم، لكن في المقابل لا يستطيع أولياء الأمور الآخرين فعل ذلك بحكم طبيعة عملهم أو لعدم تواجدهم باستمرار في المنزل أو عدم تواجد أحد قادر على تقديم الدعم الأكاديمي للطالب في المنزل.
الجانب الاجتماعي: يفتقد الطلاب الجوانب الاجتماعية للعملية التعليمية، حيث أن عدم رؤية الطلاب لزملائهم ولأعضاء هيئة التدريس يسبب لهم القلق والتوتر والعصبية وفقدان التركيز، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف أدائهم الأكاديمي؛ حيث أن البيئة الاجتماعية للجامعة أو المدرسة تحفز الطلاب على المشاركة والأداء بشكل أفضل.
أما الفاقد التعليمي: هو خلل يحدث في العملية التعليمية، يظهر في صورة عدم تمكن الطلاب من تحصيل المعارف أو اكتساب المهارات التي كان من المفترض عليهم إتقانها والإلمام بها خلال فترة تعليمية معينة.
ان الفاقد التعليمي مشكلة اجتماعية خطيرة تسبب تحديات كبيرة للافراد على المدى الطويل؛ حيث يمنع الاشخاص من تحقيق امكاناتهم الكاملة بسبب النقص المعرفي لديهم ويحول دون تطوير مهاراتهم بالاضافة الى ما يحده من التفكير الابداعي والتطوير المجتمعي.
لمعالجة الفاقد التعليمي يجب اعتماد الخطوات التالية:
- توفير فرص تعليمية شبه مجانية للجميع؛ وخاصة للاطفال وللمراحل التعليمية الاساسية.
- تحسين جودة التعليم وتوفير مدرسين مؤهلين وتحديث المناهج الدراسية وعدم تخفيفها.
- توفير برامج تعليمية خاصة لطلاب الفاقد التعليمي؛ خلال التعليم المستمر والدورات التدريبية والدوام الاضافي.
- توفير الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب الذين يعانون من صعوبات تعليمية.
- توفير الفرص للتعليم الحضوري المدعم باستراتيجيات تعليمية حديثة ومتنوعة.
- التقليل من الاعطال المدرسية والجامعية للقدرة على تنفيذ المناهج واتمام المعلومات للطلاب.
- توعية المجتمع حول اهمية التعليم واثره الاجابي على الفرد والمجتمع والمستقبل.
- اعادة تطوير المناهج والعمل عليها وعلى المضمون والمستوى التعليمي.
- عمل دورات تدريبية للاساتذة وتطوير مهاراتهم التعليمية من اجل ثقل قدرات المتعلمين.
- تطوير الرقابة التعليمية من الوزارة الى الادارات والمؤسسات التربوية من حيث المسابقات المعدة ومستوى النجاح لديها.
أما دور المعلم الاساسي في معالجة الفاقد التعليمي يتلخص فيما يلي: - تشخيص نقاط الضعف
- تطوير البرامج التعليمية
- العمل على بيئة تعليمية داعمة
- استخدام التكنولوجيا
- توفير الوسائل التعليمية المناسبة
- توفير الدعم والرقابة والتوجيه
- العمل على جلسات النقاش لزيادة التوعية
- اختيار الطرق التعليمية المناسبة
في الختام؛ في عالمنا الحالي لا غنى عن الوسائل التكنولوجية المتقدمة بحسناتها وسيئاتها على حد سواء ولكن يجب العمل على تقليل السئيات وخصوصا فيما يخص مستقبل التعليم المرتبط بمستقبل البلاد وعليه فان الاساس الحد من الفاقد التعليمي المتراكم في لبنان من حيث اعداد خطط محكمة للنهوض بالطلاب والقطاع التعليمي بشكل كامل الاكاديمي والمهني من اجل غد افضل.