بعد طول انتظار أصدر مصرف لبنان تعميمه الذي يفترض أن يحلّ ازمة قطاعات، المحروقات، الطحين والدواء، وبنفس الوقت يساهم بتخفيف الضغط عن “الدولار” في الأسواق اللبنانية.
يلفت الخبير والمحلل الاقتصادي احمد جابر إلى أن التعميم هو محاولة لاحتواء أزمة الدولار وتبديد هذه الأزمة تدريجياً، وتنظيم عملية التمويل، بحيث يشكل هذا القرار محاولة للتخفيف من الاحتقانات وإزالة التوتر وهذا يعكس إيجابية ويدعو التفاؤل.
ويضيف جابر في حديث لموقع “ليبانون تايمز” أنه من تداعيات هذا القرار تخفيض الطلب على الدولار وتعزيز سعر صرف العملة، لذلك فإن هذا الإجراء كان مهما وضروريا، وهو يحمل في مضمونه آلية للتطبيق منها ما تم التحدث عنه من مصارفات يجب أن تدفع، أما بالنسبة لليرة فلا خوف عليها لا سابقا ولا حاليا طالما هناك إجراءات، لافتا إلى أن الودائع في المصارف حوالي ١٢٠ مليار دولار وحوالي ٥٥ مليارا من الذهب، ما معناه ان هناك كتلة نقدية من ذهب ودولار موجودة في السوق تشكل خط دفاع لمنع انهيار الليرة.
من جهة أخرى يعتبر جابر ان للمواطن دوره في مجال حماية العملة، من خلال إعلان المقاومة الاقتصادية والتمسك بالليرة لانها مرتبطة بالسيادة النقدية ويجب عدم التخلي عنها تحت أي ظرف من الظروف.
من هنا، يرى أن تعميم المصرف المركزي من شأنه تقليص الطلب على الدولار، مما سيعكس واقعا ايجابيا على العملة الوطنية طالما استطاع مصرف لبنان فتح اعتمادات تسمح للمستوردين من الخارج الدفع بالدولار وفقا للسعر الرسمي، ونكون بهذه الطريقة على حد تعبيره ابتعدنا عن السوق السوداء.
يشير جابر الي أننا في لبنان ومنذ عشرين عاما نعتمد سياسة تثبيت سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار، وهذا مهم جدا، فبالرغم من الأزمات على المستوى السياسي وعلى المستوى الاقتصادي والمشاكل الداخلية ظلت الليرة ثابتة أمام الدولار، واستطعنا تحدي ومواجهة هذه التحديات، وهذه هي المقاومة الاقتصادية التي ستحرر الليرة اللبنانية من القيود التي تواجهها.
وهنا يشرح جابر الأسباب التي تقف وراء الطلب على الدولار ويلخصها بالازمة الاقتصادية ذات الأوجه الثلاث التي يعانيها لبنان في المالية العامة، وميزان المدفوعات، وفي النموذج الاقتصادي المعتمد، وهذه النقاط الثلات يجب أن توضع على طاولة البحث، فعلى صعيد رصيد ميزان المدفوعات يجب أن يكون ايجابيا، لافتاً إلى أن المشكلة تكمن في أن عمليات الاستيراد تبلغ حوالي ١٧ مليار دولار، بالمقابل فإن صادراتنا لا تتعدى ٣ مليار دولار، اي ان لبنان للأسف بلد غير منتج يعتمد على الخارج في موضوع السلع الاستهلاكية، وكذلك الإهمال الذي يطال بعض القطاعات.
من جهة أخرى يلفت جابر الى أن تحويلات اللبنانيين المغتربين ضعيفة جدا وذلك نتيجة العقوبات المالية التي أثرت على المستثمرين والمغتربين وأصبح لديهم خوف من الإستثمار. و هنا فإن شح الدولار كما وصفوه سبب خوفا أنشأ المشكلة بين المستوردين، وبالتالي أصبح هناك سوقا سوداء فارتفع سعر الدولار.
ويعيد جابر سبب شح الدولار الى ان مصرف لبنان كان يحاول ان يراكم الدولارات ليشكل احتياطي من العملات الأجنبية، لجذب الدولار من الخارج والابقاء على سعر صرف الليرة اللبنانية. وفي الأسباب يؤكد جابر ان العقوبات المالية التي تفرضها علينا الولايات المتحدة الأميركية ادت إلى ما وصلنا اليه وزرعت الخوف لدى المودعين، وكذلك المغترب، بالإضافة إلى المشاكل الداخلية والخلافات السياسية والاضطرابات التي انعكست على السوق المالية.
ويقترح جابر الحل إما بأن نعتمد حدين لسعر الصرف حدأ أعلى ١٥٥٠ للدولار وحد أدنى ١٤٥٠ للدولار ونترك السوق يدفع بقوى العرض والطلب، وإما أن تعتمد على عملات اجنبية بديلة كأن نستعمل اليورو وان لا يكون الاقتصاد اللبناني رهينة للدولار، مؤكدا في الختام على أهمية الاستراتيجية الدفاعية الاقتصادية دفاعا عن العملة الوطنية والتي تتلخص عناصرها بالشعب والمالية العامة ومصرف لبنان لكي لا يدفع المواطن اللبناني الثمن من الان فصاعدا.
وهكذا فإن بوادر أمل تلوح في الأفق الاقتصادي، فتكشف الغطاء عن حل في ظل المرحلة الاقتصادية والمالية والنقدية الصعبة التي تتطلب تضافر الجهود لاخراج لبنان مما هو فيه.