ليبانون تايمز- فاطمة المولى
إعمل بذكاء لا بجهد
مقولة لطالما ترددت على مسامعنا وهي عملة ذو وجهين تارة تعطي الموظف نشوة الذكاء وتارة تحطم فيه تعب الايام.
مما لا شك فيه ان بيئة العمل تعرض الفرد الى الكثير من الضغوطات في جميع جوانبها وذلك جراء تعامل الموظف واختلاطه بمختلف أنواع الشخصيات من طباع وخصال ومكنونات وتصرفات والتي تسبب الكثير الكثير من المعانات والمشاحنات وغالبا ما تكون سلبية في هذا الزمن المتسارع نحو السلطة والاستحواذ الخطير الذي يسيطر على النفس البشرية؛ كلها مجتمعة تسبب ضغوطات للفرد الموظف.
ما هي الصحة النفسية؟ وما آثار الضغوطات على الفرد؟ وما هي سبل المعالجة أو الوقاية؟
للصحة النفسية قيمة جوهرية وأساسية فهي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق ذاته، والتعلّم والعمل بشكل جيد.
وهي تتأثّر بتفاعل الفرد بين الضغوط الاجتماعية وطرق تصديه لها التي تبنى على اسس تربيته وبيئته وتفكيره. ولذلك يوجد ضرورة في اتخاذ إجراءات بشأن الصحة النفسية فهو أمر ملح للبشرية جمعاء وعليه تبنى شخصية الفرد وسلوكه في الحياة.
ولان الإنسان يقضي جزءًا كبيرًا من حياته في العمل، فإذا كان ذلك الجزء سعيدًا فسيكون له أثر إيجابي على باقي جوانب الحياة . وخصوصا ان الحياة العملية تتاثر وتؤثر على حياتنا الشخصية بل إن كلاًّ منها يؤثر في الآخر، فان سعادتنا في العمل تؤثر على علاقاتنا الخارجية وطريقة حياتنا الشخصية. بالاضافة الى ان سعادة الفرد وانغماسه في أداء مهام عمله يرفع من انتاجيته، ويسهم بالتالي في تحقيق النمو واالتطور لمؤسسته؛ والعكس صحيح.
وتعتبر الضغوط النفسية في مكان العمل وكيفية التعامل معها من أهم العوامل ذات العلاقة بسعادة او تعاسة الموظف.
لذلك سنعرض أهم الضغوط النفسية وخاصة في مكان العمل، وأسبابها، وآثارها واستراتيجيات التعامل معها ، وخاصة ما يتعلق منها بالتقدم في الزمن الحالي.
ان الضغوطات تؤدي إلى اضطرابات انفعالية، ومشكلات سلوكية وتغيرات كيمائية حيوية أو عصبية لدى الفرد، مما ينتج عنه أمراض نفسية أو جسدية.
والعكس صحيح، فعندما تكون ظروف العمل، والعوامل الشخصية لدى الموظف في توازن، فإن العمل يخلق شعورًا بالإتقان، والثقة بالنفس، وزيادة الدافعية، والقدرة على أداء العمل والرضا عنه، وبالتالي يحسِّن الصحة بشكل عام.
اسباب الضغوطات:
• بيئة العمل وتامين المعدات واالوازم، مثل المشكلات ذات العلاقة بتوفر واعتمادية ومناسَبَة وصيانة المعدات والأدوات التي يحتاجها الموظف.
• تصميم العمل، والعمل المجزأ والذي لا معنى أو قيمة له لدى الموظف، وقلة توظيف مهارات الموظف، وحالة عدم اليقين لدى الموظف فيما يتعلق بعمله.
• أعباء العمل ونمط سرعته، زيادة أعباء العمل وجدول العمل الغير المرن، وساعات العمل غير المنتظمة، أو الطويلة أو التي لا يوجد بها تفاعل اجتماعي.
• ثقافة المنظمة ووظيفتها، كسوء التواصل في المنظمة، وضعف مساندة الموظف لحل المشكلات التي تواجهه، وقلة التطوير الذاتي، والافتقار للوضوح الكامل لأهداف المنظمة.
• دور الموظف في المنظمة، ومن ذلك غموض دور الموظف وعدم قدرته على حل الامور واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
• التطور المهني للموظف، مثل الركود الوظيفي وعدم توفر الحوافز والترقيات، أو ضعف المرتب وعدم شعور الموظف بالأمان الوظيفي.
• مجال اتخاذ القرار والتحكم، كقلة المشاركة في اتخاذ القرار، وعدم قدرة الموظف على التحكم بالعمل الذي يقوم به .
• العلاقات الاجتماعية في العمل، مثل العزلة الاجتماعية أو المكانية، والعلاقات السيئة مع رؤساء الموظف، والصراعات الشخصية، وعدم وجود المساندة الاجتماعية.
• العلاقة بين العمل والمنزل، كالصراع بين متطلبات الوظيفة والمنزل، وقلة الدعم في المنزل، والمشكلات الناتجة عن كون الزوجين موظفين او فقر العائلة الكبير.
• التنمر والتحرش وسوء المعاملة هي من أهم المخاطر داخل مكان العمل ذات العلاقة بالضغوط النفسية للموظف
طرق الوقاية التي يجب ان يستخدمها الموظف:
• تبنّي الموظف لنمط حياة صحي يشمل التغذية الصحية وممارسة الرياضة، والنوم الكافي، والبعد عن استخدام المؤثرات السلبية على الصحة الجسدية والنفسية.
• جدولت أيامه وتحديد وقت خاص للتأمل والاسترخاء، التفكير الإيجابي، والتفاؤل، والإصرار والمثابرة والتعامل مع الفشل كفرصة للتعلّم ، وإعادة المحاولة.
• الاستفادة من الإجازات الأسبوعية وإجازات العمل الأخرى للترويح عن النفس وأداء المهام الأسرية والاجتماعية، والبعد عن أجواء العمل وما يصاحبها من ضغوط.
• تعلم مهارات الفصل بين الحياة العملية والأسرية بما يضمن أن يُعطى كلاً منهما حقه من التركيز والاهتمام وعدم السماح لأحدهما أن يؤثر على جودة الآخر.
• البحث عن المساندة التي قد يحتاجها في حياته العملية والأسرية، والاستفادة من البرامج الإرشادية والدعم الاجتماعي الذي يساعد الشخص على تحمل أعباء الحياة.
• القيام بناشطات يحبها الفرد وتكون السبيل في عملية التفريغ النفسي وذلك لاستعادة زمام اموره مرة اخرى والعودة لمواجهة التحديات.
في الختام؛ إن اكثر ما يواجهه الفرد من صعوبة هو اتخاذ القرار الصائب نحو ماذا يريد؟ وخوفه من مواجهة المجهول اذ اقدم على تصرف او اتخاذ قرار يغير استقرار حياته ورتابة أيامه من هنا تنبع الضغوطات . وعليه ان الحياة تعاش مرة فيجب الانتباه كثيرا لنوع الحياة التي نريد الاستمرار بها والتي تساهم بشكل كبير في المحافظة على صحتنا النفسية.