صـحـيـفـة الأخـبـار
كثيرة هي التحليلات والوقائع التي يتم سردها في سياق من مكّن من انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية.
لكن الثابت الوحيد، يعود إلى أن الولايات المتحدة الأميركية كانت الداعم الرئيسي، وهي من قاد الجهود المركزية مع القوى الإقليمية ومع القوى المحلية من أجل تمرير الانتخاب.
بما في ذلك، حَثُّ الأميركيين لقائد الجيش على عدم الاصطدام مع ثنائي أمل وحزب الله، بل تشجيعه على تفاهم مقبول معهما.
وقد شدد الأميركيون على هذه النقطة، بعدما اطّلعوا على الحصيلة الأولى للمشاورات التي أجروها مع القوى اللبنانية…
وبعد الخلاصة الأولية التي عاد بها الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى الرياض والتي قالت إن فرص وصول عون إلى بعبدا غير مؤمّنة في حال استمر فيتو «الثنائي» عليه.
وفي صلب هذا النقاش، وليس على هامشه، كان قائد الجيش نفسه، يتحدث مع الأميركيين عن أمر من شأنه تعزيز المخاوف لدى الثنائي.
وأشار مباشرة إلى الوضع في الجنوب، حيث تظهر إسرائيل عدم رغبة في علاج كامل وحاسم ونهائي للمشكلات وتأمين انسحابها الكامل.
وقال إن الجيش لديه جهوزية كافية للانتشار في كل المنطقة الجنوبية.
ومع أنّ الأميركيين كانوا أكثر فظاظة، كما هي عادتهم، فهم تحدثوا عن أمرين.
الأول يتعلق بأنهم يتفهمون الموقف الإسرائيلي الذي يطلب مهلة إضافية كون ما تقوم به القوات الإسرائيلية يصب في هدف تنفيذ الاتفاق لناحية إخلاء منطقة جنوب نهر الليطاني من السلاح.
حتى أن الموفد الأميركي عاموس هوكشتين، حرص على الحديث أكثر من مرة أمام شخصيات لبنانية عن «الكمية الهائلة» من المنشآت والأسلحة التي عثر عليها الجيش الإسرائيلي في القرى الحدودية.
لكن هوكشتين، بادر إلى التواصل مع إسرائيل طالباً الإسراع في تسليم منطقة بأكملها للجيش اللبناني قبل جلسة انتخابات الرئاسة في لبنان.
وهو ترك لإسرائيل اختيار المنطقة، ولكنه، أراد تحويل الانسحاب الإسرائيلي إلى خطوة تعزز من موقع العماد عون في محادثاته مع الثنائي.
وصولاً إلى القول – من قِبل الأميركيين – إن انتخاب عون رئيساً سوف يضمن التزام أميركا بضمان تنفيذ الاتفاق من الجانب الإسرائيلي.
وفي مقالة له في موقع «أكسيوس»، نقل المحلل الاستخباراتي الإسرائيلي باراك رافيد عن «مسؤول أميركي ومصدر مطلع…
إن إدارة بايدن وفريق الرئيس المنتخب ترامب نسقوا من كثب للدفع بانتخاب عون رئيساً، لأن ذلك يُعدّ دفعة قوية للمعسكر المؤيد للغرب في لبنان وضربة لحزب الله».
لافتاً إلى «أن إدارة بايدن قررت الاستفادة من اتفاق وقف إطلاق النار من أجل انتخاب رئيس جديد في لبنان».
وتحدث المقال عن «أن إدارة بايدن قادت مع السعودية جهداً مشتركاً لضمان انتخاب رئيس جديد بتعاون مع فرنسا وقطر.
وأن الجهود بلغت ذروتها عندما سافر هوكشتين، الذي ضغط في الخفاء لمصلحة عون.
وقال مسؤولان أميركيان إن إدارة بايدن ترى أن قائد الجيش اللبناني محترف مؤيد للغرب ولا يدعم حزب الله ويحظى بثقة غالبية اللبنانيين».
وحسب التقرير فإن «هوكشتين ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان اجتمعا مع مستشار الأمن القومي لترامب النائب مايك والتز ونسّقا مواقفهما.
وظل هوكشتين على اتصال أيضاً مع مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف وأطلعه على التطورات حول الانتخابات الرئاسية اللبنانية.
وعندما تقرر سفر هوكشتين إلى الرياض قبل انتقاله إلى بيروت، أخبر محاوريه أنه تحدث باسم إدارة بايدن…
ولكن فريق انتقال ترامب كان متفقاً مع موقف الإدارة بشأن الانتخابات الرئاسية اللبنانية».
وبحسب تقرير «إكسيوس» فإن اجتماعات هوكشتين في بيروت «كانت أساساً مع الزعماء الكبار.
ولكن الاجتماع الأكثر أهمية كان مساء الإثنين مع قائد «القوات اللبنانية» المسيحي سمير جعجع»
ونسب الموقع إلى مسؤول أميركي قوله «إن هوكشتين التقى جعجع في مقره حتى بعد منتصف الليل لإقناعه بالتخلي عن اعتراضه على ترشيح عون وإصدار أوامر إلى نوابه بالتصويت له.
ثم فعل هوكشتين الأمر نفسه صباح الثلاثاء، في لقاء مع نواب كان بعضهم لا يزال على الحياد».
وبحسب التقرير، فإن أحد النواب اللبنانيين قال لهوكشتين:
من يعطيك الحق في تحديد من سيكون رئيس لبنان؟ فردّ الأخير، بأنه يمكنكم أن تفعلوا ما تريدون…
ولكن من حقي أن أقرر مقدار الوقت الذي ستقضيه الولايات المتحدة في لبنان وأين تريد إنفاق أموالها
وبحسب الموقع نفسه فإن «مسؤولاً أميركياً قال إن هوكشتين، وقبل وقت قصير من مغادرته بيروت، اتصل بالمبعوث السعودي الأمير يزيد بن فرحان وطلب منه السفر إلى لبنان ومواصلة الضغط على المشرعين اللبنانيين.
لأنه من الأساس كان الجهد مشتركاً بين محمد بن سلمان وإدارة بايدن».
تقرير «إكسيوس» لا يتحدث فقط عن الاتصالات السياسية في بيروت، بل يشير إلى «ترؤس هوكشتين اجتماعاً للجنة مراقبة وقف إطلاق النار…
وخلال الاجتماع بدأ الجيش الإسرائيلي في سحب قواته من بلدة الناقورة» ليضيف التقرير: كان هذا أمراً أساسياً، لم تكن الانتخابات الرئاسية لتتم كما حدث من دونها.
إن حقيقة انسحاب الجيش الإسرائيلي أعطت مصداقية كبيرة للجيش اللبناني ولعون شخصياً.
لقد أظهر الجيش اللبناني للجميع أنه قادر على تقديم ما هو مطلوب.