الدكتور مجتبى مرتضى – ليبانون تايمز
سنة إنقضت سيبقى طيفها محفورًا في ذاكرة اللبنانيين. وسنة أطلت على أمل بأن ما مرّ لن يأتي أمرّ منه على الأقل في المستقبل القريب. يفترض في الأيام القادمة أن تحمل إنفراجات على كل المستويات تبدأ بالمشهد السياسي لتعم مختلف المجالات.
حالة السياسة اللبنانية في تقهقر مستمر، “رجال” السياسية يمعنون في هدم ما تبقى من هيكل الدولة وما صمد من قيم وأصول للعمل في الشأن العام. تظهر القوى الفاعلة اليوم بأن الوصول إلى السلطة هو الغاية من العمل السياسي وأن الديموقراطية شماعة تعلق عليها أحلامهم وأن السياسة عندهم تنحصر، فقط، في تحقيق المنافع والمصالح الشخصية ولو على حساب لبنان واللبنانيين. يتبارون في استجلاب الخارج واستجداء المواقع منه والاستقواء به. ينتظرون كلمة السرّ ليقرروا أي اتجاه يسلكون وفي أي خندق يتموضعون. وهم كتل جاءت بأصوات الناخبين وفق قانون راعى جميع الخصوصيات ليضمن وصول الجميع.
لقد حان وقت بناء الدولة وفق أسس تحترم عقول اللبنانيين ورغبتهم بالعيش في بلد يضمن حقوقهم ويحفظ كرامتهم ويحمي أحلامهم ويضمن مستقبلهم، بلد يتساوى فيه الجميع تحت سقف القانون.
إن التقاط اللحظة يمكن أن يجنب ما لا تحمد عقباه. إن الفرص الايجابية في منطقة متفجرة مفتوحة على المجهول لا يمكن تفويتها. اقتناصها من وسط الخراب والدمار والغموض يحتاج إلى قيادة حكيمة رشيدة واعية تملك رؤية واضحة مدركة للمخاطر المحدقة.
رغم الرعونة التي تحكم واقعنا السياسي الاّ أن الرحمة الإلهية مدت يدها الينا وسمحت لنا بقائد فذ شجاع يختلف اليه الناس على مختلف مشاربهم ومذاهبهم وأهوائهم كما كان حال القائد المؤسس.
تأسيسًا على ما سبق نفهم تسابق الكتاب والمحللين السياسيين للبحث والتمحيص في كلمات وحركات وسكنات دولة رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل الاستاذ نبيه بري في محاولة لفهم واقع الأمر وإستشراف مستقبل البلاد في ظل إمكانية إحداث تغيير حقيقي في الواقع السياسي والوصول إلى إنتخاب رئيس للجمهورية بعد أشهر طوال من الفراغ في سدة الرئاسة أعقبت سنوات عجاف كان قد حذر منها ونبه اليها وهو العالم بطبائع البشر وسلوكياتهم وتأثيرها على إدارة شؤون البلاد والعباد. يجمع الكل على أن الرئيس نبيه بري إذا ما أوكل إليه الأمر وهذا أمر لا مفّر منه ولا مناص، فإنه مبتدأ الحل وخبره وهذا ما نتوقعه حقًا في الأيام القليلة المقبلة. حيث نأمل انتخاب الرئيس الذي نستحق ليشرف على إعادة إعمار ما هدمه العدو مع حكومة قادرة وجيش قوي.
والشيء بالشيء يذكر، فإن سياسة الرئيس نبيه بري القائمة على إيجاد المخارج والحلول للأزمات استنادًا إلى الدستور والطائف والمصلحة الوطنية العليا، لا تقوم على مبدأ أولئك الذين تستوي عندهم السياسة والتجارة. بل تنطلق من ثوابت وطنية واضحة لا لبس فيها وتستند إلى حقائق تاريخية وهي تظهر وضوح الرؤية وصوابية الخيارات الاستراتيجية التي تقوم عليها حركة أمل في ميثاقها ومواقفها على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان.
ونحن إذ نتفهم إنبهار الكتاب بأسلوب الرئيس بري ورهانهم على اجتراحه الحلول لإخراج لبنان من مأزقه الحالي الا أن هذا الأمر بالنسبة لأبناء الحركة هو المجرى العادي للأمور. لأن نبيه بري في ٢٠٢٥ هو نبيه بري في بداية الثمانينات كما هو موسى الصدر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.