على وقع عدم توصُّل أيّ من المبادرات الرّئاسيّة بَعد إلى نتائج إيجابيّة ملموسة، علمت صحيفة “الجمهوريّة” من مصادر تكتل “الاعتدال الوطني”، أنّ “أي تحّرك جديد للتكتل رئاسياً لم يتقرر بعد، نتيجة غياب بعض اعضائه إمّا بداعي الحج او بداعي الانشغال المناطقي، على ان يكون له اجتماع هذا الاسبوع، بعد اكتمال حضور اعضائه لتقرير الخطوات المقبلة”.
وأشارت مصادر رسمية متابعة لـ”الجمهورية”، إلى أن “اللجنة الخماسية العربية- الدولية وعلى رغم من اعلان احد اعضائها السفير السعودي وليد بخاري انها ستُعاود تحركها قريباً، لم تقرر اي خطوة جديدة لها بعد، وذلك في انتظار حصول تطورات مساعِدة خارجياً، ولا سيما منها الاجتماع المقرر بين الموفدين الاميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لو دريان في باريس هذا الاسبوع على الارجح”، مؤكّدةً “أنها لا تتوقع اي تطور ايجابي قريب في الملف الرئاسي، ولا في موضوع التهدئة على جبهة الجنوب”.
بدورها، لفتت مصادر معنية بالشأن الرئاسي لصحيفة “الديار”، إلى أن “الملف دخل عمليا في غيبوبة، خاصة في ظل انشغال الدول المهتمة بالشأن اللبناني بشؤونها الداخلية، وابرزها الولايات المتحدة الاميركية المهتمة بانتخاباتها الرئاسية تماما كما ايران، اضافة الى فرنسا المنهمكة بانتخاباتها التشريعية”.
وأفادت بـ”وصول أكثر من تحذير للمسؤولين اللبنانيين بأن الملف الرئاسي اللبناني سينزل عن سُلم الاولويات الدولية، وهذا ما يحصل راهنا. وللاسف بتنا ابعد من اي وقت مضى من انجاز الاستحقاق الرئاسي”.
تقرير للموفد الرسولي عن الأزمة الرئاسيّة… إنهاء الفراغ قبل زوال لبنان
في سياق متصل، ذكرت صحيفة “الديار” أنّ “شيئا فشيئا ومع زيادة منسوب التسريبات، يتضح ان زيارة أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الى لبنان لم تكن محض رعوية لنشاط كنسي وتلبية لدعوة “فرسان مالطا” فقط، بل أبعد من ذلك، خصوصا انها أتت بطلب وقرار من البابا فرنسيس كما تقول مصادر كنسية، مع تزايد القلق الفاتيكاني لدى البابا على لبنان واحتمال تدحرج الأمور من السيئ الى الأسوأ لبنانيا وعلى صعيد المنطقة”. وأوضحت أنّ “من هنا، كان العنوان الأساسي للزيارة معاينة الوضع اللبناني عن قرب بكل جوانبه، والبحث مع المعنيين في حلول من ضمن قدرات الفاتيكان ومونتها على المسؤولين اللبنانيين طبعا”.
وركّزت المصادر على أنّ “ما سمعه وعاينه بارولين كان صادما، ويتجاوز بكثير الفكرة التي لديه عن الأزمة اللبنانية، فانتخاب رئيس للجمهورية دونه عقد محلية وداخلية أقوى من العقد الخارجية، نتيجة الانقسام السياسي الكبير وتشرذم المسيحيين واستمرار تناحرهم وتنافسهم على السلطة”.
وأشارت إلى أنّ “الزائر الرسولي سمع ما سمعه في الحلقات الضيقة، ولعل تواجده في اجتماعات خاصة مع عدد من السياسيين كان كافيا لديه لتكوين انطباع عام عن الأزمة، وعن علاقة القيادات المسيحية مع بعضها. وهذه النقطة بالذات صدمت الموفد الرسولي، اذ لمس حجم التباعد بين الزعامات المسيحية فيما قوة المسيحيين في توحدهم بدل تباعدهم”.
ولفتت إلى أنّ “الموفد الفاتيكاني غادر مثقلا بالأفكار والهواجس، لكتابة تقرير من شأنه ان يكون منطلقا لصياغة تعامل جديد مع الأزمة اللبنانية، ولن يغفل الفاتيكان عن ممارسة المزيد من الضغوط لحث اللبنانيين على التوافق والشراكة والعيش المشترك، والأهم التفاهم لإنتخاب رئيس قبل فوات الاوان وزوال لبنان الرسالة والعيش المشترك، ومن الواضح ان الفاتيكان سيحاول ان يبذل جهودا في هذا الإطار لإنتخاب رئيس يعيد الحقوق المسيحية وانتظام المؤسسات”.
حراك هوكشتاين
على صعيد منفصل، وعشيّة التحركات المرتقبة للموفد الاميركي آموس هوكشتاين، والمعلومات التي تسربت عن نيته زيارة باريس للقاء نظيره الفرنسي جان ايف لودريان، تحفّظت مراجع دبلوماسية وسياسية عبر “الجمهورية” عن هذه المعلومات وتوقيتها. وكشفت أنّ “على رغم من حجم الاتصالات المفتوحة والحراك الدبلوماسي الذي يقوده وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب ما بين باريس وبروكسل وعدد من العواصم الأخرى، فإنّ الرجل لم يتبلغ بمثل هذا الحراك، وهو ما زال يواصل اتصالاته مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي بعد لقاءاته الفرنسية والبلجيكية”.
مخاوف لبنانية
وشدّدت على أنّه “على الرغم من اطمئنانها الى حجم الضغوط القائمة لمنع أي انفجار عسكري لا تتحمّله المنطقة قبل الحديث عن قدرات لبنان واللبنانيين، فإنها قلقة من حجم البيانات التي أصدرتها دول خليجية واوروبية واميركية، بعدما قدّمت دعواتها الى ترحيل رعاياها على اي موقف داعم للبنان الدولة والحكومة، والذي كان ولا يزال ضحية هذا النزاع، فالجميع يدرك موقف لبنان الرسمي الرافض الحرب والساعي الى تطبيق قرارات الأمم المتحدة ولا سيما منها القرار 1701”.
وأفادت المراجع بـ”أنّها اطلعت على مجموعة من السيناريوهات السلبية التي يجري تفكيكها بضغوط اميركية وفرنسية وبجهود جهات اخرى، لا سيما منها مصر والسعودية وقطر، فإنها لا تشارك أيّاً من هذه الدول مخاوفها على رعاياها فأمنهم من أمن اللبنانيين، وان ترك لبنان فريسة الحكومة المُتعنّتة في تل ابيب تُنذر بشرّ مستطير، ولن تبقى تداعيات ما قد يحصل ضمن الحدود الجغرافية للبنان؛ وهو أمر يدركه القاصي والداني”.
وعلى صعيد آخر، كشفت المراجع الدبلوماسية لـ”الجمهورية”، أنّ “حصيلة الاتصالات التي أجراها بوحبيب انتهَت الى اعادة نظر محدودة ببعض المواقف العربية، بعد التوضيحات التي أصدرها وزير الخارجية الاردنية ايمن الصفدي عقب الإتصال بينهما خلال عطلة نهاية الأسبوع. كما تلقّى بوحبيب اتصالاً من نظيره البحريني عبداللطيف بن راشد الزياني بصفته رئيساً لمؤتمر وزراء الخارجية العرب في دورتها الرابعة والثلاثين حتى انعقاد القمة الدورية العربية السنوية العام المقبل، دانَ فيه التهديدات تجاه لبنان وما يمكن ان تؤدي اليه. كذلك تبلّغ بوحبيب من نظيره الجزائري احمد العطاف موقفاً يدين التهديدات والدعوة الى التضامن ودعم لبنان لما يتعرّض له من في هذه الفترة الحرجة”.