اشارت مصادر لصحيفة “الشرق الأوسط”، الى أن “الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لم يحمل معه إلى بيروت تهديداً إسرائيلياً بمقدار ما أنه بادر إلى رفع سقف مخاوفه من توسعة الحرب في جنوب لبنان، بتحذيره الحازم من أن الوضع على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية في غاية الخطورة، وأن الاحتكام إلى الحل الدبلوماسي من شأنه أن يؤدي إلى خفض منسوب التوتر ونزع فتيل الانفجار الشامل”، لافتة الى انه “عرض صورة سياسية قاتمة لتدحرج الوضع في الجنوب نحو الحرب، ما لم يبدأ خفض التوتر تمهيداً للتفاوض حول الإجراءات المؤدية إلى تبريد الأجواء على الجبهة الجنوبية، وهذا ما ينطوي عليه سؤاله حول إمكانية الحد من وتيرة التصعيد العسكري، أقله إلى حين التوصل إلى وقف النار في غزة، على أن يتلازم مع التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل لإبرام اتفاق مسبق يسري مفعوله فور عودة الهدوء إلى غزة”.
كما كشفت “الشرق الأوسط”، أن “هوكشتاين ركز في تفاوضه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإنابة عن “حزب الله”، على أن تكون العودة بالوضع جنوباً إلى ما كان عليه قبل 8 تشرين الأول الماضي، يوم اتخذ «حزب الله» قراره بمساندة حركة «حماس» في غزة، بمثابة القاعدة للالتزام بما نص عليه خط الانسحاب المعروف بالخط الأزرق، بالتلازم مع إيجاد حل للنقاط الحدودية المتداخلة التي سبق للبنان أن تحفّظ عليها وطالب إسرائيل بإخلائها كونها تتبع السيادة اللبنانية”.
وفي هذا السياق، افادت المصادر اللبنانية المواكبة للأجواء التي سادت لقاء هوكشتاتين مع بري، للصحيفة، بأن “الأخير لا ينظر إلى الخط الأزرق على أنه خط الانسحاب الشامل الذي يعيد للبنان سيادته على أراضيه كافة، بسيطرته على حدوده المعترف بها دولياً بموجب اتفاقية الهدنة، وأكدت أنه أثار أيضاً مسألة استمرار الخروق الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، جواً وبراً وبحراً”.
ورأت المصادر نفسها للصحيفة، أن “حزب الله” ليس في وارد الانزلاق نحو توسعة الحرب، وهو يمارس أقصى درجات ضبط النفس، ويضطر إلى الرد في العمق الإسرائيلي في رده على استهداف إسرائيل للعمق اللبناني، وأن الوسيط الأميركي باقتراحه العودة بالوضع في جنوب لبنان إلى ما كان عليه قبل 8 تشرين الاول الماضي، يتطلع للتوصل إلى حلٍّ مرحلي، بسحب الحزب سلاحه الثقيل من منطقة جنوب الليطاني لضمان عودة المستوطنين، على أن يتبعه لاحقاً التفاوض لتطبيق القرار الدولي 1701″.
في سياق متصل، كشفت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية” خلاصات حول ماذا طرح هوكشتاين، مشيرة الى ان “اولاً، المحادثات مع هوكشتاين، كانت شاملة كل المشهد من غزة الى جنوب لبنان. ثانياً، جرى حديث متجدّد وبصورة مستفيضة في كل الطروحات التي سبق أن طرحها هوكشتاين في زيارته السابقة”.
واضافنت المصادر للصحيفة، أن “ثالثاً، قدّم هوكشتاين عرضاً لتطورات الوضع على الجبهة الجنوبية، وأبدى تخوفاً في تسارع وتيرة العمليات العسكرية. مفترضاً انّ الحرب دخلت في أخطر مراحلها. وركّز على عامل الوقت، حيث بات من الضروري والملحّ وقف هذه الحرب، التي كلما مرّ الوقت وتصاعد الصراع، زادت فرص اندلاع الحرب، محذّراً من أنّ تأثيراتها كبيرة جداً على اطرافها. رابعاً، بيّن النقاش أنّ الفوارق ما زالت عميقة بين ما يطرحه الوسيط الاميركي الذي لا يخفي ميله للموقف الاسرائيلي، وبين موقف الجانب اللبناني منها، وخصوصاً في ما يتعلق بالموضوع غير القابل للنقاش والمتمثل بانسحاب «حزب الله» إلى ما بعد الليطاني”.
وتابعت، “خامساً، خلافاً لما تمّ ترويجه، فإنّ هوكشتاين لم ينقل تهديداً مباشراً بالحرب، بل انّ نبرته اتسمّت بالتحذير، موحياً في هذا السياق انّ التهديدات الاسرائيلية جدّية، ومشيراً في الوقت ذاته الى أنّ الولايات المتحدة الاميركية جادة في السعي لاحتوائها ومنع تدرّج الصراع القائم الى حرب تخرج عن السيطرة. سادساً، لم يركّز هوكشتاين على حل سياسي آني للمنطقة الحدودية، حيث انّه أقرّ بشكل واضح انّ هذا الحل مؤجّل بلوغه الى ما بعد انتهاء الحرب في غزة. وهو ما عبّر عنه صراحة في تصريحه العلني بأنّ وقف اطلاق النار في غزة ينهي الحرب ويعطي فرصة للحلول الديبلوماسية وإنهاء الصراع على طول الخط الازرق، وعودة السكان إلى منازلهم على جانبي الحدود. مكرّراً بذلك ما سبق واعلنه وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن، من أنّ التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة سيعزّز فرص التوصّل إلى حلّ دبلوماسي على الجبهة اللبنانية وهو الحل الأسرع”.
ولفتت مصادر “الجمهورية”، الى ان “تأكّد من خلال ما طرحه هوكشتاين أنّ الهدف الأساس من زيارته هو محاولة إنجاح مبادرة الرئيس الاميركي جو بايدن، التي قال انّها تحظى بإجماع دولي عليها كفرصة لتحقيق هدنة في قطاع غزة، تؤسس بدورها لوقف إطلاق نار مستدام، يمهّد لحل سياسي على جبهة لبنان. وبدا من خلال حديثه انّ بلوغ هذا الهدف يقتضي تحقيق امرين:
الأول، وقف حرب الاستنزاف الذي جرّ «حزب الله» إسرائيل اليها، حيث كرّر اكثر من مرّة انّ الوضع القائم على الحدود لا بدّ من نهاية له، وانّ الضرورة تقتضي مبادرة الجانب اللبناني إلى خطوات تساهم في خفض التصعيد، وتلاقي المسعى الاميركي لاحتواء الوضع وتجنّب الحرب. لقد بدا في مقاربته لهذا الامر مدركاً انّ وقف اطلاق النار من الجانب اللبناني مرتبط بوقف اطلاق النار في غزة، ولذلك بدا يدفع إلى خفض التصعيد من الجانب اللبناني إلى حدود دنيا. وكان لافتاً في هذا السياق انّه لم يشر إلى اي خطوات مطلوبة من الجانب الإسرائيلي.
اما الامر الثاني، فهو معالجة العائق الأساس والوحيد من امام هذه المبادرة، الذي يتجلّى بعدم موافقة حركة «حماس» عليها. لقد بدا هوكشتاين في هذا الطرح وكأنّه يطلب المساعدة في تليين موقف «حماس»، على اعتبار انّ «حزب الله» إن اراد، يستطيع ان يليّن موقف «حماس» والسنوار على وجه التحديد”.
كما اشارت الى ان “النقطة الثامنة، الموقف اللبناني، في موازاة طروحات هوكشتاين، أعاد تأكيد الالتزام الكلي بمندرجات القرار 1701، وعدم الرغبة بالحرب وكذلك عدم السعي اليها، برغم الدفع الاسرائيلي اليها، وبمعنى أوضح «حزب الله» اكّد على لسان مستوياته كلها انّه لا يسعى إلى الحرب، ولم يخرج عمّا تسمّى قواعد الإشتباك، وما تقوم به المقاومة، هو ردّ على توسيع إسرائيل لدائرة اعتداءاتها واستهدافاتها المتعمّدة للبلدات اللبنانية والمدنيين والمؤسسات المدنية والاجتماعية والاعلاميين. اما في الشق المتعلق بعدم موافقة حركة «حماس» على مبادرة بايدن، فقد قيل على مسمع هوكشتاين ما مفاده: لم نرَ لا في الإعلام، ولا في غير الإعلام، ما يؤكّد انّ اسرائيل وافقت على خطة بايدن. انتم (الاميركيون) اعلنتم انّ اسرائيل موافقة على المبادرة، ولم نسمع من اي مستوياتها السياسية او العسكرية ما يؤكّد قبولها بمبادرة الرئيس بايدن، بل على العكس، سمعنا اعتراضاً عليها، والإعلام الاسرائيلي نقل ذلك. تاسعاً، خلاصتان انتهى اليهما تقييم زيارة هوكشتاين، الاولى، وهي انّ ما يبحث عنه هوكشتاين لإنجاح مبادرة بادين، لفرض هدنة تمهّد لوقف دائم لاطلاق النار، يمهّد بدوره لحل سياسي على جبهة لبنان بعد انتهاء حرب غزة، ليس موجودًا في لبنان، بل هو موجود اولاً، على خط الوساطة القطرية والمصرية وقدرتها على تليين موقف «حماس» من هذه المبادرة، وموجود ثانياً، انما بشكل معقّد اكثر، في إسرائيل وقدرة الولايات المتحدة على تمرير مبادرتها لدى حكومة نتنياهو ووزرائه المتطرّفين الذين يدفعون إلى الاستمرار في الحرب وتوسيعها. واما الخلاصة الثانية للزيارة من الجانب اللبناني، فهي «للبحث صلة». برغم انّ النتائج الجوهرية لما طرحه هوكشتاين، تبدّت سريعاً في الرفض القاطع للمطلب الإسرائيلي بسحب «حزب الله» الى ما بعد الليطاني، ولأي بحث في حل سياسي قبل وقف العدوان الاسرائيلي على غزة. وتبدّت ايضاً في تأكيد الحزب على انّ جبهة الإسناد الجنوبية ستبقى مشتعلة ضدّ اسرائيل طالما انّ عدوانها مستمر على قطاع غزة. واما في موضوع التهديدات، فمستويات الحزب على اختلافها تؤكّد جهوزية المقاومة لمواجهة وكسر ما يصفونها أي مغامرة حمقاء قد يُقدم عليها نتانياهو وحكومته المتطرفة”.