كتب محمد علوش في المدن:
في العام 2019، خلال خطابه في الذكرى الواحدة والأربعين لإخفاء الإمام موسى الصدر، توجّه نبيه برّي إلى أفواج المقاومة اللبنانية بالقول: “كما كنتم مبتدأ المقاومة وحجر الزاوية أنتم مدعوون للقاء على أهبة الجهوزية والإستعداد لإفهام العدو بأن أرض لبنان كل شبر منه مقاوم”، فكان الخطاب للعارفين داخل الحركة بمثابة أمر عمليات مباشر للاستعداد للعدوان المقبل.
تواجد مقاتلي الحركة على الحدود
نهار السبت، قدّمت حركة أمل خبر استشهاد أحد مقاتليها، علي جميل الحاج داوود، في بلدة رب ثلاثين الحدودية بغارة اسرائيلية. الأمر الذي فتح الباب أمام الكثير من الأخبار التي تتحدث عن تواجد الحركة على الحدود، وقيامها بعمليات عسكرية ضد العدو الاسرائيلي، بعضها انطلق من الواقع والحقيقة، وبعضها لم يكن كذلك.
عندما أطلق نبيه برّي خطابه في العام 2019، باشرت تشكيلات الحركة العسكرية، التي لم يتوقف عملها يوماً، بتكثيف الاستعدادات لما هو آت، فانتشرت، بشكل رسمي وغير رسمي، أخبار عن مناورات كبيرة تقوم به الحركة كمناورة “الرعب الأعظم”، أو المناورة التي حصلت قبل أشهر قليلة وكانت تُحاكي اقتحام المستوطنات، كما انتشرت تسجيلات مصورة لتدريبات المجموعات، وأسماء وحدات عسكرية من النخب، مستوحاة من أسماء أصحاب الإمام الحسين، كوحدة هاني بن عروة التي كان يقودها داوود، ووحدة “العباس”، ووحدات أخرى لم يُعلن عن اسمها، لكنها تتخذ من أسماء أصحاب الحسين أسماءً لها، بسبب رمزية هذا الأمر لدى القيادة التي تعتبر مقاتليها هم “الفوج المعاصر لأصحاب الحسين”، تقول مصادر مطّلعة.
لم يكن استعداد الحركة مخفياً بشكل كامل، لكن عملها على الحدود الجنوبية منذ عملية طوفان الأقصى كان كذلك، فالحركة -حسب المصادر- نشرت مقاتليها، من أبناء القرى الحدودية ومحيطها، في مواقعهم ومراكزهم منتصف تشرين الأول تقريباً، وهنا الحديث ليس عن عشرات أو بضع مئات، بل أكثر. وتكشف المصادر عبر “المدن” أن الحركة تعمّدت عدم الحديث عن أي عمليات عسكرية لها، لأنها تعتبر عملها طبيعياً، وما يُراد أن يُعبّر عنه يقوله رئيس الحركة الذي عبّر أمام الدبلوماسيين الذين زاروه أو أمام الاعلام المحلي والأجنبي “أنه لا يقف خلف حزب الله في عمل المقاومة بل هو شريك في الميدان، وأن مقاتلي الحركة ينتشرون على الحدود، كما عناصر الدفاع المدني”.
إذاً، لا تُعلن الحركة عن عملياتها العسكرية، لكنها أعلنت عن استشهاد أحد عناصرها، تماماً كما فعلت في عين البنية، يوم لم تُعلن عن عملها إنما أعلنت عن وجودها ونشاطها بالشهداء، وفي بيانها الرسمي اكتفت بنعي الشهيد. وحسب المصادر، فإن العملية التي استشهد بعدها علي داوود ليست الأولى على الحدود وضد المواقع الاسرائيلية ولن تكون الأخيرة بطبيعة الحال، إنما بآلية العمل والإعلان نفسها، مشيرة إلى أن الحركة ليست معنية بما يُقال في الإعلام عن عملياتها، بل معنية بما يصدر عنها فقط.
استهداف علي ومجموعته
مع بداية الأحداث توجه علي داوود ووحدته إلى المناطق الأمامية، لكن منذ أيام قرر تركها لزيارة والده العائد من السفر، فعل ذلك، ثم ودعه وعاد إلى موقعه.
تروي المصادر أنه “صباح السبت جمع علي داوود مجموعته وناقش معهم للمرة الأخيرة خطة “العملية”، وانطلقت المجموعة وأدت مهمتها كاملة، في موقع متقدم من الحدود، وعادت إلى موقع مرابطتها في رب ثلاثين مع انتصاف النهار، فركن كل عنصر إلى “مخبئه” للصلاة، لكن علي قرر الصلاة تحت شجرة، فأبلغ رفاقه أنه يرغب بأن تكون صلاته الأخيرة هناك “عالواقف”، وبعد أن أنهى صلاته بوقت قليل، استهدفته المسيرة، وأصابت اثنين من وحدته، إصابتهما طفيفة في القدم واليد، ولم يتمكن أصحاب علي من سحبه أو الانسحاب من المكان حتى بعد ساعة من عملية الاستهداف”.
مكان هذه العملية -حسب المصادر- له علاقة بوجدان الحركة التي بدأت نشاطها المقاوم عام 1975 و1977 في تلك المنطقة بالتحديد مع مصطفى شمران، وتشهد على بطولات محمد رضا الشامي الذي اشتهر بضرب مدافع الهاون. هذا النهج مستمر بأبناء الشهداء وعوائلهم، فعلي هو أبن أخ نسر الجنوب الشهيد حسن داوود، وإبن مليخ في قضاء جزين.
شهادة علي كشفت بعض تجهيزات الحركة
تنقل المصادر عن رفاق علي قولهم لعائلته أن من أمانيه كانت الشهادة لجلب العزة لحركة أمل، وصباح السبت كان كلامه كله يدل على شعوره بقرب الحصول على ما يتمناه، وتُشير المصادر إلى أنه بعد شهادته عاد الحديث عن مقاومة “أمل” إلى الواجهة، وعملياتها العسكرية ضد الإسرائيلي، وظهرت أكثر تفاصيل انتشار حركة أمل على الحدود، وتشكيلات عسكرية كان البعض لا يدري بوجودها، وتواجد وحدات قتالية تضم عناصر نخبة، مدربة ومجهزة بشكل مختلف عما تعلمه الناس عن تجهيزات الحركة، تتواجد على كل الجبهات، كحال عناصر الدفاع المدني الذين أيضاً أعلنوا عن عملهم وجهوزيتهم بخبر استهداف سيارتهم.