اشار عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة أن حركة أمل أثبتت في معمودية الصراع، أنها ثمرةٌ طيبة من ثمرات الثورة الحسينية”.
ولفت خواجة في كلمة له خلال إحياء مراسم عاشوراء في بلدة كيفون إلى أن “واقعنا السياسي اليوم؛ يشهد تزاحم أزمات غير مسبوقة، وأولها أزمة الشغور الرئاسي، وتدل الإشارات الخارجية والتمترسات الداخلية على أنها لا تزال تراوح ضمن دائرة مقفلة، قائلا: “أنا كمواطن لبناني أولاً، ونائب في البرلمان ثانياً، أشعر بشيء من المهانة من سياسة اللجوء إلى الخارج بل استدراج الخارج لمساعدتنا في إنجاز استحقاقاتنا الدستورية والوطنية”.
وسأل خواجة أليس من العيب التحدث عن السيادة، ونحن لم نبلغ سن الرشد السياسي والوطني بعد؟ وما الذي ينقصنا كقوى سياسية وكتل نيابية أن نجلس سوياً ونتحاور ونتفاهم لإنجاز الاستحقاق الرئاسي؟
وهنا أتوجه بالكلام تحديداً إلى الذين رفضوا دعوات الرئيس بري المتكررة للحوار، بعد ما تيقّن أن توازنات المجلس النيابي وتوزع كتله لا تسمح لأي فريق أن يُوصل، منفرداً، مرشحه إلى سدة الرئاسة”، معتبرا أنه لو لبوا دعوة الرئيس بري في أعقاب انعقاد جلسة الانتخاب الرئاسية الأولى، قبل أكثر من ثمانية أشهر، لكان لدينا اليوم رئيساً في قصر بعبدا، وإلى جانبه حكومة، من شروط ولادتها امتلاك رؤية إصلاحية، لمعالجة الأزمات المالية والاجتماعية والمعيشية… التي يئن اللبنانيون تحت وطأة أثقالها”.
وطالب خواجة أن “عودوا إلى رشدكم وغلبوا المصلحة العليا على الحسابات الشخصية والصغيرة… وتعالوا إلى كلمة سواء تجمع بيننا، لإنجاز استحقاقاتنا، وإنقاذ وطننا الحبيب لبنان قبل فوات الأوان”.
واعتبر خواجة أنه في ليالي عاشوراء المكللة بالحزن والحنين، يحضرنا سؤال عن سر التوهج المستدام للثورة الحسينية، واتقاد حرارة نيرانها في قلوب المؤمنين والأحرار والشرفاء، رغم انقضاء نحو أربعة عشر قرناً على حدوثها”.
وتابع “هي ليست الثورة الأولى ولا الأخيرة في التاريخ؛ فقد شهدت المجتمعات البشرية عبر حقبات زمنية مديدة، آلاف وآلاف الثورات التي تفجرت بمواجهة الظلم والقهر والمذلة والعبودية، ومع توالي الأيام والسنين خبت نارها وانطفأت شعلتها إلا ثورة أبي عبدالله الحسين (ع)، والدروس والعبر المستقاة منها جيل بعد جيل”.
وأكد أن ما يميز الثورة الحسينية عن بقية الثورات الإنسانية، هي القيادة الاستثنائية المتمثلة بسيد الشهداء الإمام الحسين (ع)، ونبل الأهداف المترفعة عن أي غاية أو مطلب دنيوي، إلا مطلب إصلاح وصلاح الأمة، واتباع طريق الصراط المستقيم بالعودة إلى الإسلام القرآني المحمدي. ومن أهم مزايا تلك الثورة المخضبة بالدماء الطاهرة، عدم خضوعها لحسابات الربح والخسارة، ودراسة موازيين القوى؛ فلم يكن خافياً على أبي عبدالله الحسين (ع) الاختلال الهائل في تلك الموازين لمصلحة معسكر يزيد؛ فكيف بمقدور بضعة عشرات من آل بيته وأنصاره الميامين مقاتلة جيش من آلاف المحاربين والانتصار عليهم، وهنا تكمن العبرة الحسينية الدالة على وجوب قيام كل مسلم، بل كل إنسان حر شريف بمحاربة الظلم والفساد والاستبداد، مهما بلغت التضحيات.
وأشار إلى أن كل ثائر يناهض ظالماً أو يقاوم محتلاً أو يرفض الذلة والهوان، ينتمي إلى مدرسة الإمام الحسين (ع)، أأدرك ذلك أم لم يدرك. والثورة الحسينية لا يمكن تفصيلها على قياس جماعة أو مذهب أو دين، لأنها ثورة كونية شاملة. وقد جسدت أسمى القيم الإنسانية، قيم الحق والعدل والإصلاح”.
وأكمل “إذا نظرنا اليوم إلى مشهدية تدفق عشرات ملايين المؤمنين ومن خلفهم مئات الملايين من محبي الإمام الحسين (ع) إلى مجالس إحياء واقعة عاشوراء، ندرك تماما أن التاريخ قد قال كلمته، بانتصار الدم على السيف، والمظلومية على الظلم. وها هو الإمام الحسين ومريده ومحبوه في العلياء وراياته ترفرف بين السماء والأرض، بينما يزيد وأشباهه من الطغاة والمفسدين في مزبلة التاريخ”.
وأضاف “إذا أسقطنا دروس الثورة الحسينية ومفاعيلها على واقع حالنا، ألم يسرْ الإمام المغيب السيد موسى الصدر، باعث نهضتنا ومؤسس مقاومتنا على خطى جده الإمام الحسين (ع)، حين أطلق أفواج المقاومة اللبنانية أمل، لتكون درعاً حامياً للجنوب ولبنان من أطماع العدو الإسرائيلي، من دون احتساب الفارق الهائل بين القدرات المادية والعسكرية لمصلحة ذاك العدو”.
وتابع “حين اجتاح الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية واحتل العاصمة بيروت، لو احتكم الرئيس نبيه بري رئيس حركة أمل، آنذاك، إلى ميزان القوى وتوازن القدرات، الحاكم لقواعد علم الصراعات، لما أطلق مارد المقاومة من بوابات خلدة إلى آخر دسكرة في جبال عاملة”.
واردف “قد تحولت المقاومة إلى ظاهرة مضيئة في سماء لبنان والعرب، عندما حررت الجزء الأكبر من الأراضي اللبنانية المحتلة، وكانت المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي التي ينسحب فيها جيش العدو مذلولاً من أرض عربية محتلة من قيد أو شرط أو اتفاقية ذل واستسلام، لقد واجهنا في تلك المرحلة، ولا نزال فائض القوة الإسرائيلية بفائض قوة الإرادة الإيمانية والوطنية”.