زياد الزين ليبانون تايمز
في يوم مجيد، حفره التاريخ في بلورة الحدث الذي بدوره أتاح للمستقبل ان لا يكون مشرعا على المجهول، وولادة عناصر القوة رغم مرض فقر الدم ، بل فقر التغذية الوطنية، وترهل الفكر الاستراتيجي لبعض المكونات اللبنانية التي أرادت بوضوح ومن دون اشكالية، ان تكون جزءا من مشروع مستورد بالكامل، أو أقله تكوين منظومة “معوقة” تلاقي أو تلتقي مع إدارة مشبوهة لملفات الاقليم، وتجعلها تنضج الطبخة بنيران التوطين، تمهيدا لمشروع اعمق في الداخل، في وهم لانتعاش منطقة او ساحل او جبل بعيدا عن الديمغرافيا اللبنانية التي لا يمكن بسذاجة، شطب مكوناتها مقدمة لهيمنة كاملة على مقدراتها.
إزاء كل ذلك، لا مناص من الثبات في مواجهة هذا المشروع الأسود الذي اختزل الأبعاد الخطيرة جدا للدم الذي تظهر في أحد أيام السبت، جرحا لا ينسب الا للاجرام المحترف، فالتمسك بوحدة الأرض والمؤسسات من قبل مكون لبناني وازن أسقط الشيطان المتلبس في أرواح الجن، ولم يسمح بمعادلة يحيا القاتل و يتهم القتيل.
لقد كان الإمام المغيب موسى الصدر ، يعي تماما بنور فكره الثاقب ورؤيته الواسعة، ان ما يحضر للبنان داخليا، خطر وقح وفاجر، يهدد التركيبة والصيغة وبالتالي ذوبانه في الخطر الأكبر الوجودي المتمثل بالكيان الغاصب على حدوده، الذي لا يطمئن الا في حالة خلق إسرائيليات مماثلة، وقد تصدى لها ولأجندة تنفيذها، وفق افكار شاذة لبعض الداخل اللبناني، وأخضعوا أنفسهم لتصويب هدفه تقاسم الجوائز؛ لكنهم سقطوا امام كل اختبار لهوية اللبناني العربي المنفتح على علاقات دولية مدروسة وغير متهورة.
ما من أحد من السياسيين او من كتاب التاريخ، الا وكان قلمه حتى في حالة الاكراه الطوعي معترفا بالوقائع الدامغة، في أن حركة إيقاع الإمام موسى الصدر كانت أكبر من التحجيم والاستيعاب، مرتكزة على خطاب نوعي لم يتعود عليه لبنان، في تذويب المفردات السياسية العالقة في الأذهان والراسخة لأجيال في العقول، المتحجرة العنيدة، واعادة صياغتها بانسياب سلس، واستعادة الارتهان ولبننة التدويل؛ وتأسيس منهجي للعلاقة مع كل قوى الأمر الواقع، في التصدي الراقي لاصنام تم هيكلتها في الخارج وينبغي دون اجترار وقاحة اهدافها العمل المتقن على هدمها، بعدما حاولت القبض على حياة الناس وخنق أسس التفكير والمنطق وتدجينها تبعا لمصالح شخصية بحتة، وتأسيس دويلات اقطاعية ومذهبية بغيضة.
انطلاقا من هنا، ليس هناك من أمان وأمن واستقرار وازدهار ، ما دام الجرح الجنوبي مفتوح ، يسيل منه دم من أبرياء ومخلصين، والمواجهة لا تكون بسلام تم الترويج له على قواعد المقايضة بين التقسيم والتوطين، ففي هذا التخبط، ليس صدفة ان تكون انتفاضة الطهر ناضجة وناجزة، تنفض غبار السنوات القاهرة عن شعب يفيض بالوفاء وليس بالقوة، لم يتعود الغدر، ويولد الأمل بالحياة الرحبة التي لا تغفو على أريكة الراحة، بل في صخور الجبال وتمرد الأودية.
مع ولادتك يا أمل لبنان والعالم العربي والإسلامي، نقسم مرة أخرى ” أننا حسينيون ” ولن ننسى طريق السيدة زينب، لنخلص الى طهارة الأرض كما النفوس.