الخوف من اختلاط وتلامس الطعام في الصحن أثناء الأكل قد يبدو مبالغة ومدعاة لسخرية كثير من الناس عند السماع بالأمر للمرة الأولى، لكن الحقيقة المؤسفة أن هذا النوع من الفوبيا النادرة قد يؤذي المصاب لدرجة حادة قد تحرمه من القدرة على الأكل لأيام إذا لم يتمكن من فصل الأصناف قبل تناولها.
الحالة الغريبة والمعروفة في علم النفس باسم “بروموتاكتيلوفوبيا”، أو (brumotactillophobia)، قد تحدث بمستويات متفاوتة من الشدة، ويُعتقد أنها أحد أشكال المعاناة من اضطراب الوسواس القهري (OCD).
ما هو رهاب تلامس الطعام؟
يبدأ الخوف من براعم التذوق لدى الشخص المصاب، فهو يعاني من الحاجة إلى تذوق الطعام بشكل منفصل، بمعنى أن كل صنف من الأصناف ينبغي أن يتم أكله على حدة.
ولأنه رد فعل معياري تماماً، فقد تختلف حدة الوسواس القهري لحالة الـ”بروموتاكتيلوفوبيا”. وعندما يبدأ الشخص المصاب برهاب تلامس الطعام في القلق بشأن الأطعمة التي يلامس بعضها بعضاً في صحنه، يصبح القلق هو النقطة المحورية في الوجبة.
بمرور الوقت، يعتاد العقل على القلق بشكل استباقي قبل أن يصل الطعام إلى الطبق، من الفكرة في حد ذاتها.
أسباب المعاناة من رهاب تلامس الطعام
يسود الاعتقاد بأن الأشخاص المصابين بفوبيا تلامس الطعام، أو “البروموتاكتيلوفوبيا”، هم في الواقع يعانون من اضطرابات الأكل بدرجة معينة. ومع ذلك، يعتقد خبراء التغذية والصحة النفسية أن الأمر مختلف في تلك الحالة.
إذ لا ترتبط الحالة بالضرورة بكون المصابين بالرهاب هم في الواقع أكلة يصعب إرضاؤهم، أو ما يُعرف بـ(Picky Eaters). بل غالباً ما يعالج فصل الأطعمة والأصناف في الصحن أثناء الأكل المشكلة بشكل كامل، ما يعني أن الإنسان المصاب بالفوبيا لا يحمل ضغينة ضد الأكل مثلما قد يعاني المصابون من اضطرابات الأكل المختلفة.
كل ما في الأمر أن المعاناة من الرهاب تُظهر فقط رغبة المصابين في أن يكونوا مسؤولين عن أطباقهم، سواء من ناحية فصل النكهات والقوام المختلف عن بعضه البعض، أو لمجرد الشعور باتخاذ القرار، الأمر الذي يتعلق بكونه اضطراباً ناجماً عن حالة من الوسواس القهري السلوكي.
وبشكل عام، يرغب المصابون بفوبيا تلامس الطعام في الاستمتاع بالأطعمة والوجبات نفسها مثل أي شخص آخر، فقط ليس كلها مرة واحدة أو ممزوجة ومختلطة في صحن واحد، لأن شكلها في تلك اللحظة يثير أعصابهم بشدة.
التوحُّد قد يكون أحد أسباب الإصابة بالفوبيا
كذلك، بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يؤدي تناول عدة نوعيات من النكهات والقوام في وقت واحد إلى الشعور بحمل حسّي زائد، خاصة في حالات المعاناة من درجة من درجات التوحد، ما قد يدفعهم إلى المعاناة من القشعريرة والتقزز أو حتى الشعور بالارتجاع والغثيان من فرط الاستثارة الحسية لديهم.
سواء كان ذلك بسبب الرغبة في التحكم أو لاعتبارات في التذوق أو الملمس أو المظهر الجمالي العام للصحن أثناء تناول الطعام، فإن الأشخاص الذين يعانون من رهاب الـ”بروموتاكتيلوفوبيا” لديهم بعض الأسباب القوية وراء عدم رغبتهم في لمس الأطعمة، وهو مُلحّ وشديد لدرجة قد تحرمهم من القدرة على تناول الأكل إذا لم يُقدم لهم بالشكل المطلوب.
طرق التعامل مع الاضطراب لتعزيز الشعور بـ”التحكُّم”
تُعتبر تجزئة وتفريق أصناف الطعام، والصحون المُقسّمة لخانات، من أهم الأدوات وطرق التعامل لمن يعانون من رهاب تلامس الطعام، علاوة على كونها من أول الخيارات العملية لعلاج من يعانون من صعوبة الإرضاء في الأكل واضطرابات الطعام.
ففي كثير من الأحيان، تنبع الحاجة إلى مباعدة الطعام من الحاجة المُلحة للتحكم. وهذا ينطبق بشكل خاص على الأطفال الأصغر سناً الذين لا يتمكنون عادةً من اختيار ما يأكلونه.
في تلك الحالة قد يصابون بالفوبيا، ويصبح من الضروري لديهم أن يكونوا مسؤولين عن كيفية وضع الطعام في طبقهم، وطريقة تناولهم له.
علاوة على ذلك، فإن إبقاء المواد الغذائية مفصولة على طبق واحد هو في نهاية اليوم أجمل، ومظهره أكثر راحة لمن يعانون من درجات الوسواس القهري.