أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في تعليق على القمة العربية، أنَّ “على الصعيد اللبناني تكتسب القمة أهمية قصوى في هذا التوقيت، أولًا من جهة المساهمة العربية الفاعلة في دفع الحلول المطلوبة لمعالجة الأوضاع الراهنة، عبر ثوابت أساسية كان السعودية دور أساسي في إرسائها، من خلال اتفاق الطائف، الذي لا يزال يشكل الإطار المناسب لإدارة شؤون البلاد، وعمل المؤسسات الدستورية”.
ولفت في حديث لصحيفة “الرياض” السعودية، إلى “أننا نتطلع إلى أن تشكل القمة فرصة لطرح الإشكاليات الأساسية المرتبطة بوضع النازحين السوريين في لبنان، والذي بات يشكل ضغطًا كبيرًا على الواقع اللبناني برمته، وتهديدًا جدياً للاستقرار فيه، مما يتطلب تعاونًا عربيًا أولًا، ومع المجتمع الدولي لمعالجة هذه المعضلة، ومما لا شك فيه، أن التفاهمات العربية – العربية التي طرأت أخيرًا تشكل عاملاً مساعداً للإسراع في معالجة هذا الملف الشائك”.
وحول لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، شدد ميقاتي على أنّ “اللقاء الذي عقدته مع ولي العهد محمد بن سلمان في السعودية كان قائمًا على الصراحة، حيث عبّر عن دعمه للبنان للخروج من أزمته، ودعم مؤسساته، ولكن شرط تنفيذ الإصلاحات البنيوية المطلوبة، وقيام المؤسسات اللبنانية بدورها الكامل، لا سيما لجهة انتخاب رئيس جديد للبنان. وكان واضحاً في مقاربته، حيث أكد أن الأولوية هي لقيام اللبنانيين بواجباتهم، وبالإصلاحات الأساسية، وبمنع أي تهديد يطال أمن السعودية وسلامتها. وفي هذا الملف، فإن الحكومة اللبنانية تقوم بكل الإجراءات المطلوبة لمنع تكرار أي تهديد تتعرض لها المملكة العربية السعودية، أو أي دولة عربية أخرى، وإرسال أي ممنوعات تهدد سلامة المجتمع السعودي انطلاقاً من لبنان”.
ورأى أن “ما يحصل في السعودية أحدث ثورة حقيقية بناءة، من خلال القيام بورشة إصلاحات طوّرت مفهوم الحداثة في السعودية، وحققت قفزات نوعية كبيرة يشهد لها الجميع. ومما لا شك فيه أن التفاهمات الإقليمية التي عقدتها الرياض، سوف تساهم في إرساء الاستقرار في المنطقة، وتدفع قدماً بعملية النهوض والتطور”.
وكشف ميقاتي، أنّه “فيما يتعلق بالملف اللبناني، فمن خلال التواصل مع ولي العهد، لمست حرصه على أمن لبنان واستقراره، وعلى استمرار الدعم الإنساني الذي تقدمه السعودية للشعب اللبناني. وإنني على ثقة أن السعودية كانت وستبقى الشقيق الأكبر للبنان، وتسعى في كل المحافل العربية والدولية للمحافظة على أمنه واستقراره، وسلامته، ووحدة أبنائه”.
إلى ذلك، أشار إلى أنّ “ما نقوم به في الحكومة، هو معالجات آنية مطلوبة وأساسية لوقف الانهيار، وتأمين استمرارية عمل الدولة والمؤسسات، وإجراءات موضعية لوقف الانهيار، ولكن هذه الإجراءات ليست الحل النهائي. ولذلك فالمطلوب تعاون المجلس النيابي وكل القيادات السياسية، للإسراع في انتخاب رئيس جديد، مما يتيح للبلد فترة سماح تترافق مع تشكيل حكومة جديدة، واستكمال ورشة الإصلاحات، لولوج باب الحل والتعافي”.
وأوضح ميقاتي، أن “لا خيار أمامنا إلا القيام بالإصلاحات المطلوبة، والتعاون مع صندوق النقد الدولي، الذي يشكل الباب المتاح للحصول على الدعم الدولي للبنان”، معتبرًا أنّ “هذا الأمر لمسته من كل الاجتماعات واللقاءات التي أعقدها في الخارج، وهناك شبه إجماع، أن لا حل إلا من هذا المدخل، ولا مساعدات للبنان قبل إنجاز الإصلاحات. وهذا أيضا ما لمسته ولي عهد السعودية شخصياً، الذي شدد على أولوية قيام اللبنانيين بواجباتهم، وعدم انتظار الحلول من الخارج”.
وأكّد أنّ “لا بديل عن تعاون المكونات السياسية كافة، على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، لأن البلد من دون رئيس سيظل يعاني من خلل بنيوي أساسي، لا تعوضه الحلول المؤقتة”.
إلى ذلك، شدد ميقاتي على أنّ “انعقاد القمة العربية في السعودية هذا الأسبوع يكتسب أهمية مزدوجة، فهو من جهة يؤكد دور الرياض البارز والفاعل والريادي في العالم العربي والمنطقة، بتوجيه من الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد السعودية محمد بن سلمان، الذي يقود عهد النهضة السعودية، بثقة وعزم من خلال تنفيذ “رؤية 2030″ التي تحقق للسعودية نهضة تطويرية على المستويات كافة، وهذا ما يترجم من خلال الحركة النشطة لتنمية وتنويع الاقتصاد بكل جوانبه ومرتكزاته، وتطوير التعليم والتنمية البشرية المستدامة”.
واعتبر أنّ “مَن يذهب إلى السعودية سيفاجأ بالتغيير الحاصل، خاصة أن معظم المواطنين السعوديين هم من جيل الشباب، الذين دخلوا الحداثة والتكنولوجيا بكل معانيها”، مشيرًأ إلى أنّ “الفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى القيادة السعودية، التي تقود مشروع نهضة حقيقي، لجعل السعوديين صانعين لعالم أكثر رخاء ورحابة وجمالاً، حاملين معهم طموحاً لا سقف له، ومشروعات جريئة سباقة، وتراكماً من التاريخ والمعرفة والثقافة والتراث”.
ولفت ميقاتي، إلى أن “أكثر ما تتميز به خطة ولي العهد، أنها تعرض تحولاً جذرياً في الاقتصاد السعودي، من خلال طرح أفكار جديدة يدفع تنفيذها باقتصاد السعودية أشواطًا سريعة نحو الأمام، إنها بحق خطة تحمل بذور النجاح في التخطيط والتنفيذ، خاصة أنها تطمح إلى بناء قطاعات إنتاجية وصناعية، واستثمارات تخفف من الاعتماد على عائدات النفط”.
ورأى أنّ “الأهمية الثانية للقمة في هذا التوقيت، فتتمثل في مواكبة التطورات الكبيرة التي حققتها الرياض، أولاً، على صعيد التفاهمات في المنطقة، إضافة إلى الأحداث المختلفة التي تحصل وينبغي مواكبتها والتفاعل معها، ناهيك عن الملفات الضاغطة والطارئة التي تشهدها المنطقة وتبدّل خارطة التفاهمات والاستراتيجيات”.