مازن نعيم_ الجمهورية
يتمحور العمل الاتحادي بالنسبة للعبة كرة القدم، حول اللجان المنبثقة عنه، والتي من مهامها الاساسية وضع الآليّات التي من شأنها ضمان سير ونجاح الاعمال المنوطة بها.
على سبيل المثال هناك لجنة الملاعب التي تهتم بكل ما يتعلق بالمباريات من ناحية المرافق والمنصة والمدرجات، وهناك لجنة الحكام ولجنة المسابقات وغيرها.
ولكن سنسلط الضوء في هذا المقال، على عمل لجنة محددة طالتها في الاسابيع الماضية سهام الانتقاد من دون وجه حق، وسنفصل ذلك بشكل موضوعي، والحديث هنا عن لجنة المنتخبات.
هذه اللجنة من مهامها الرئيسية المنتخبات الوطنية من الفئات العمرية مروراً بالشباب والأولمبي، وصولاً الى المنتخب الاول.
لجنة المنتخبات مظلومة
لا بد من تسليط الضوء على الإنجازات التي تحققت بإشراف لجنة المنتخبات ورئيسها، فقد وصلت المنتخبات في مناسبتين الى نهائي آسيا.
وأيضاً وصل المنتخب الأول مرتين الى المرحلة النهائية من التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم. بالإضافة الى تحقيقه وصافة غرب آسيا مرتين بالفئات العمرية.
مع الأخذ بعين الإعتبار انّ هذه النتائح تحققت بالمقارنة مع دول مثل الاردن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وإيران والإمارات وغيرها من الدول التي تخصص ميزانيات ضخمة على الرياضة وتحديداً على لعبة كرة القدم.
يُخطئ من يعتقد أن لجنة المنتخبات وحدها من تتحمّل مسؤولية النتائج التي تسجلها منتخباتنا الوطنية. وبنظرة سريعة شفافة على واقع اللعبة، لا نستغرب المردود السيئ في نتائج المنتخبات.
أولاً: الدوري ضعيف
الدوري اللبناني ضعيف جدًا بالمقارنة مع حالته قبل ظروف كورونا والازمة المالية، او حتى بالمقارنة مع الدول المحيطة، وبالتالي المعادلة بسيطة (دوري ضعيف = منتخب ضعيف) وعلى قاعدة هذه بضاعتنا وهذا نحن، تأتي النتائج مخيبة لمن لا يعرف الواقع، ومنطقية للعارف.
ثانياً: أين نلعب؟
أزمة الملاعب التي لم تعد خافية على أحد، تشكّل عائقا مهما امام تطور اللعبة واللاعبين، فمن غير المقبول ان تقام مباريات الدرجة الاولى أقله على ملعب عشب اصطناعي لا يلبّي متطلبات اللعبة ولا يريح اللاعبين، والنتيجة تراجع في المستوى واصابات واشكالات، والقائمة تطول. حتى بالنسبة للمنتخب، كيف يمكن التحضير في ظل كل هذا الضعف على صعيد الملاعب والبنى التحتية؟
ثالثا: الحل بالمحترفين والمغتربين؟
تتعالى الاصوات المطالبة باستدعاء هذا اللاعب او ذاك من المحترفين او المغتربين الى صفوف المنتخب، وهذا حق لكل من يحمل الجنسية اللبنانية، ولكن ماذا عن التجارب السابقة؟ هل نجحت ام زادت الطين بلة؟ وما هو موقف الاندية المحلية من هذه الخطوة؟ هل سيقبلون بها؟ ام سيرفعون الصوت واصفين القرار بالظالم والمجحف؟ الحل لا يكون من الخارج، انما يكون من هنا، من أنفسنا، ومن ثم يمكن ان نطعّمه بالخارج.
رابعًا: أدوات النجاح غائبة
في تعريف النجاح: «هو حالة أو شرط تلبية مجموعة محددة من التوقعات». هنا لا بد من الوقوف قليلاً على قضية التوقعات، فكلنا نريد ان نرى منتخبنا في اكبر المحافل الدولية ينافس الاخرين، ولكن ارض الواقع تقول الحقيقة وتفرض علينا ان نعقل الطموحات بميزان المنطق، ولجنة المنتخبات التي يصوّب عليها من دون غيرها من اللجان تعمل بالأدوات المتاحة، من الأندية الى الاجهزة الفنية الى الظروف اللوجستية والمادية، وببساطة هذه الادوات ضعيفة في قسم منها، ومتهالكة في اقسام اخرى، فهل المشكلة باللجنة ام بالادوات؟
بعد هذا الشرح البسيط نسأل، ما هو المطلوب من لجنة المنتخبات؟ اذا كان المطلوب التحضير قبل الاستحقاقات وتشكيل اللجان الفنية، فهذا الامر يحصل. اذا كان المطلوب معسكرات، فهذا يحصل ايضا، فلماذا التصويب عليها؟
يتناسى البعض او ربما تخونه الذاكرة و»يتحمّس» مُطلقاً نقده غير البنّاء بشكل فاضح وواضح على لجنة المنتخبات، هذا التصويب الموجّه يعطي انطباعاً أن الأمر ليس رياضيًا بحتًا، إنما يبدو انه يحمل في طياته أشياء آخرى.
اما بالنسبة للمنتخب، فالأمر بحاجة لتضافر جهود الجميع لرفع مستوى اللعبة محلياً، لينعكس هذا الامر على المنتخبات. امّا سياسة التهجم وكَيل الاتهامات جزافاً فلن يوصلا الى شيء.
يقع على عاتق الأندية والمسؤولين عنها، مسؤولية كبيرة في دعم المنتخب من خلال تطوير الأجهزة الفنية والطرق الادارية فيها لتتناسب اولاً مع كرة القدم الحديثة وثانياً مع متطلبات اللعبة محليا.
اما على صعيد مشاركات الأندية الخارجية نسأل، ماذا قدمت الأندية اللبنانية خلال مشاركتها الخارجية العربية والآسيوية؟ – مع العلم اننا نلعب في كأس الاتحاد الآسيوي وليس دوري الأبطال اي انّ المنافسة أسهل – وما هي نتائجها؟ ولماذا يتم كَيل المديح للأندية التي تشارك خارجياً وتخسر بحجة (المستوى والقدرات)؟ ثم يتم الصويب على المنتخب اذا خسر رغم أن المستوى واحد.
من المعيب ان ترمى عبارات النقد في غير محلها، فتصيب راميها، وبالتالي لم يعد مقبولا استخدام سياسة ذر الرماد في العيون، للتعمية عن حقيقة الامر والواقع المرير الذي وصلت إليه اللعبة.
التغني بإنجازات مرحلية أنتجتها الظروف امر مشروع، ولكن الأهم فتح أفق النقاش لتكريس هذه الانجازات على مدى السنوات التي تليها. وكي لا تكون «فلتة شوط»، الجميع مدعو الى وقفة ضمير أمام أنفسهم أولاً وأمام التاريخ الذي لن يرحم.